الخميس  21 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لا تتوقف عن القتل

2022-08-04 09:43:04 AM
لا تتوقف عن القتل
رولا سرحان

 

أطلقت منصة الأفلام الأمريكية “نتفليكس” فيلمًا وثائقيًا عن حياة الرئيس الإسرائيلي الأسبق، شمعون بيريز، تحت عنوان "لا تتوقف عن الحلم، حياة وإرث شمعون بيريز  Never Stop Dreaming: The Life and Legacy of Shimon Peres". يبدأ الفيلم بجنازة بيريز التي حضرها رؤساء وملوك ووزراء العالم الذين جاؤوا إلى بلد لم يكن موجودا عندما وصل إليه شمعون بيريز عام 1934.

الوثائقي الذي لم يكن معنياً بالتوقف عند هذه العبارة ظل متمحوراً حولها لكن بصيغة الحلم. الحلم الذي يتحقق من خلال سرد تاريخ وإنجازات بيريز ووصفه بأنه شخصٌ حالم (Dreamer)، تمكن من تحويل أحلامه إلى حقيقة. كانت أحلام بيريز هي المقدرة على تنفيذ مهمات واقتراح مبادرات لرئيس الوزراء الأسبق ديفيد بن غوريون، والتي كانت في غالبيتها العظمى العمل على توفير السلاح للعصابات الصهيونية ما قبل وما بعد إنشاء إسرائيل. فقد طلب منه بن غوريون بأن يعمل على توفير السلاح بكل السبل سواء عن طريق التهريب أو السرقة أو التصنيع أو الشراء. وهو ما نفذه بيريز، حتى أنه كان العقل المدبر وراء تأسيس المفاعل النووي الإسرائيلي، وجنَّد في لقاءات سرية مع بن غوريون الدعم المالي من أصحاب رؤوس الأموال اليهود المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة كي يتحول المفاعل النووي إلى حقيقة. لجأ بيريز إلى التزوير والتحايل والخداع بالتعاون مع رئيس وزراء فرنسا حينها لضمان تزويد الأخيرة لإسرائيل باليورانيوم.

عمِل الوثائقي على تحويل كل أفعال بيريز القذرة إلى إنجازات أهمها تحويل القتل إلى حلم، ليس بالمعنى الفانتازي للكلمة، بل بما يعنيه من استبدال وحذف كما هي حال العقيدة الصهيونية والبروباغندا المصاحبة لها. هنا يتحول القتلُ، قتل الفلسطيني والعربي، إلى مهارة وذكاء وطموح. ويتم بناء فكرة القتل بمصاحبة بناء لفكرة العدو، هنا الحالمٌ بالسلم والحياة الهادئة والدولة المستقرة، وهناك العدو المخادع الذي يهدد هذا الحلم ويجب أن يُقتل. هو ترويجٌ لثقافة القتل والإبادة والتطهير العرقي في رداء ملحمي مهيب كأنه استمرارية لتاريخ تأسيسي يهودي عظيم سابقٍ لزمان الهمجية والرداءة الذي يمثله الفلسطيني والعربي الإرهابي.

الحالمُ بالضرورةِ قاتل، فالقتلُ أداةُ الحالمِ كي يُحقق حُلُمه. وما تعديل مفهوم القتل بارتباطه برومانسية الحلم، إلا استدخالُ معيارية جديدة على كيفية إعادة تعريف السياسة في دولة استعمارية تفرز الأصلاني في خانة العدو الذي يستحقُ القتل.

الفيلم عبارة عن مقولة صريحة تُلخِّصُ إرث السياسيين في إسرائيل الاستعمارية: لا تتوقف عن القتل!