الحدث- رام لله
قال المهندس المتخصص في الأبنية الخضراء في شركة اتحاد المقاولين (CCC) لؤي شاهين بأن المتحف الفلسطيني يشكل نموذجاً ريادياً للأبنية الخضراء في المنطقة وأنه أول مبنى يُنفذ في فلسطين يوفر في استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 27.2% كما يوفر في استهلاك المياه بنسبة 37% وأن ذلك يعد من المقاييس العالية عالمياً. جاء ذلك في ندوة نظمتها رواق في البيرة يوم أمس حضرها جمهور من المهندسين والمتخصصين حول التقنيات والحلول الخضراء المتقدمة التي يتبعها المتحف الفلسطيني في التصميم والبناء.
وأشار شاهين الذي يعتبر من بين قلة من المهندسين الفلسطينيين المتخصصين الذين يحملون شهادة في البناء الأخضر بأن المتحف سيكون أول مبنى في فلسطين يحصل على الشهادة الفضية في نظام الريادة العالمي في تصميمات الطاقة والبيئة لدى افتتاحه في العام 2016 متناولا الشروط والخطوات المتبعة ومن المواصفات التي تحقق لمبنى المتحف الشهادة الفضية كمبنى أخضر على مستوى عالمي، هي التوفير في الطاقة والمياه ونوعية المواد المستخدمة في البناء، وكذلك طريقة تنفيذ أعمال البناء ومراعاة الحفاظ على البيئة المحيطة أثناء العمل وغيرها.
ونوه إلى أنه من العوامل التي تحقق الكفاءة في استخدام الطاقة هي الطبقة السميكة من العزل الحراري على سطح المبنى والواجهات التي تصل سماكتها في السطح إلى 13سم، بالإضافة إلى الفراغ بين الحجر وهيكل المتحف الاسمنتي يحافظ على درجة الحرارة الداخلية للمبنى صيفاً وشتاء.
ويعتمد المتحف الفلسطيني في استخدام المياه على تجميع مياه الأمطار بالاعتماد على سقفه الخارجي المكسو بالحجر بطريقة التثبيت الميكانيكي الجاف أي بالاعتماد على مرابط ألمنيوم ما بين الحجر مما يشكل فراغات تسمح لمياه الأمطار بالتسرب من خلالها إلى ممرات خاصة غير مرئية تحت السطح، ومن ثم تتجمع في ثلاثة خزانات يبلغ حجمها 1250 كوب، وهو حجم كبير يستخدم في ري حدائق المتحف جميعها.
وقال شاهين بأن أنظمة المياه والري المستخدمة في مبنى المتحف ستوفر ما مقداره 37% من استخدام المياه بالإضافة إلى ذلك فإن استخدام نظام التنقيط في الري يساهم في توفير المياه الصالحة للشرب. وأن هذه هي إحدى الأمور التي كان لها أولوية في التصميم، خاصة وأن فلسطين تعاني من شح في المياه. مشيراً إلى أن استخدام وحدة معالجة للمياه العادمة ستعمل على تكرير المياه ومن ثم استخدامها وأن جودتها ستكون مطابقة للمقاييس الفلسطينية".
وتابع إن توجيه المبنى الخارجي يعمل على توفير الإضاءة الطبيعية، وخاصة أنه تم توجيع الواجهة الشرقية لأشعة الشمس مما يوفر ضوءاً طبيعياً في النهار وتدفئة طبيعية. أما في الصيف فلا يتعرض المبنى لحرارة عالية وذلك بسبب نوعية العزل التي يوفرها الزجاج المستخدم، بالإضافة إلى كونه يمنع تسرب الهواء من الداخل إلى الخارج وبالعكس.
وأضاف شاهين بأن أحد متطلبات نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة هي استخدام مواد في المبنى تتكون من مواد معاد تدويرها بنسب متفاوتة حسب طبيعة المنتج. ومنها: الحديد والألمنيوم ومواد العزل والبلاط وغيرها. إضافة إلى أن استيراد بعض المواد يجب أن يكون من بلدان تقع في منطقة جغرافية قطرها 500 ميل من موقع المتحف وذلك للتقليل من المواصلات واستهلاك الوقود، مما عزز اعتماد المشروع على السوق المحلي أولاً ومن ثم الأسواق العربية والعالمية.
وتحدث شاهين عن أحد الشروط المتبعة في تطبيق معايير الأبنية الخضراء، وهي الحفاظ على سلامة العاملين في الموقع، حيث يتم إلزام العاملين على ارتداء أقنعة واقية خاصة عمال الدهان، إضافة إلى منع التدخين ومنع الخلط الاسمنتي داخل المبنى. كذلك يتم استخدام المواد التي لا تتسامى في الجو بدرجات عالية كالطلاء وغيرها. مضيفاً أنه وقبل أن ينتقل الموظفون إلى مبنى المتحف خلال الأشهر القليلة المقبلة سيتم ضخ كمية كبيرة من الهواء الخارجي النقي داخل المبنى بعمل بعملية تعرف باسم الـ Building Flush Out.
ومن أهم الخطط التي تم اتبعاها في العمل بحسب شاهين، هي إعادة تدوير النفايات الناتجة عن البناء، حيث يتم تجيمع النفايات وتصنيفها وفصلها في الموقع، ثم يتم إرسالها إلى مصانع تم الاتفاق معها مسبقاً لأخذ النفايات ومعالجتها. وقال بأنه تم الاتفاق مع موردين تتم إعادة المواد المستخدمة إليهم، كالحديد ((Scrap steel حيث يقومون بإعادة صهره وانتاجه من جديد، إضافة إلى البلاستيك والمواد العازلة، أما الخشب فقد تم الاتفاق مع مناجر لإعادة تدويره إخراجه على شكل برادة خشبي Mulch ، والتي يعاد استخدامها لحفظ المياه والرطوبة في المزروعات خاصة في فصل الصيف وبعضها يستخدم في إنتاج الطاقة الحرارية، وبالنسبة إلى الإسمنت فيتم تحطيمه إلى أجزاء صغيرة في الموقع لاستخدامه في المشروع.
وشدد على أن كل الأطراف المشاركة في العمل، المقاول الرئيسي شركة اتحاد المقاولين (CCC) بالإضافة إلى المقاوليين المحليين، التزموا بمختلف الخطط التي وضعت لتطبيق معايير المنبى الأخضر، ومنها الحفاظ على البيئة المحيطة حيث تم الالتزام بالخطط التي وضعت للسيطرة على الغبار ومنع انجراف التربة ومنها رش مناطق العمل بالمياه خاصة خلال فترة الصيف للسيطرة على الغبار إضافة إلى رصف الطرق المؤدية إلى موقع البناء بالحصى لتقليل الغبار الناتج عن حركة الشاحنات والسيارات. وأشار أنه تم تحديد الحد الأقصى المسموح به للسرعة بـ30 كم/الساعة للتقليل من خروج الغبار، إضافة إلى إنشاء محطة لغسل السيارت والشاحنات عند مدخل موقع العمل. أما بخصوص العزل الصوتي فقد تم عزل مولدات الكهرباء لتقليل الضجيج. كما تم وضع سياج حول الموقع من الناحية الغربية يسمح بخروج المياه ويمنع انجراف التربة.
وفيما يتعلق بنوعية الإضاءة والتكييف المستخدمة في المبنى، يقول شاهين أنه بالرغم من أن تكلفتها الأولية عالية إلا أنها مرّشدة للطاقة وفقاً للاستخدام وتعوض أكثر من قيمتها على المدى الطويل وتعرف اختصاراً باسم ((LED. كما استخدمت أنظمة تعمل بالاستجابة للحركة (Motion Detectors) فإذا كانت هناك حركة في قاعات المتحف مثلاً فتكون أجهزة التكييف والإضاءة فاعلة ولكن عندما تتوقف الحركة لفترة زمنية معينة، أي يخلو المكان من الزوار، فإن هذه الأجهزة تتوقف تلقائياً عن العمل وتكون جميعاً مرتبطة بنظام إدارة المبنى الـ BMS.
ويعتبر مشروع المتحف الفلسطيني ائتلاف بين مجموعة من الشركات الفلسطينية من فلسطين والشتات، مثل شركة بروجاكس العالمية وشركة اتحاد المقاولين، شركة طبيلة تارجيت وشركة طبيلة للهندسة والمقاولات إضافة إلى شركة ارابتك جردانه، وشركة ميراج ومشاتل السبع. ويذكر أن المتحف الفلسطيني هو أحد مشاريع مؤسسة التعاون، ويجري بناؤه في بيرزيت حالياً، ومن المتوقع افتتاحه في ربيع عام 2016.