الحدث- محمد مصطفى
خلفت القذيفة الصاروخية الأخيرة، التي أطلقت من داخل قطاع غزة تجاه إحدى البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، ردود فعل متباينة، وأنتجت توقعات مختلفة، ففي حين رأى البعض أنها ربما تكون توطئة لجولة جديدة من التصعيد، رأى آخرون أنه مجرد حدث خارج عن إطار الإجماع الفصائل، تقف ورائه جماعة صغيرة، وسرعان ما سيتم تطويق آثاره.
حدث شاذ
ويقول الصحافي والمحلل السياسي فتحي صباح، إن القذيفة الأخيرة ورغم كونها مفاجئة، إلا أنه على الأغلب لا تقف وراء إطلاقها حركة "حماس" أو أي فصيل كبير في القطاع، وربما تكون جماعة سلفية صغيرة هي من فعلت ذلك.
وأوضح صباح في حوار مع "الحدث"، أن كل المعطيات والدلائل تشير بشكل واضح أنه لا "حماس" ولا إسرائيل معنية بالتصعيد في الوقت الحالي، ولا حتى الجماهير الفلسطينية في القطاع تتمنى العودة للحرب مجدداً.
وبين صباح أن الوضع في غزة كارثي، والمواطنون في القطاع يعيشون واحدة من أسوأ المراحل التي عايشوها منذ عقود طويلة، وهم بحاجة إلى استراحة، كما أن متطلبات إعادة الإعمار المنشود، وبناء الاقتصاد الغزي المدمر تتطلب تهدئة شاملة.
وأعرب صباح عن اعتقاده بان حركة "حماس"، التي لازالت تحكم غزة، ستفعل كل ما يمكن فعله لضمان عدم تكرار ما حدث، ولو وصل ذلك لاعتقال المنفذين، فهي معنية باستتباب الهدوء على جبهة غزة، رغم أنها تستعد لخوض أي جولة من المواجهة قد تفرض عليها.
أما إسرائيلياً، فأـوضح صباح أن إسرائيل لازالت تعيش تبعات وكوارث عدوان 2014، ويومياً تتكشف حقائق صادمة للمجتمع الإسرائيلي حول المأساة التي عاشها جنود الاحتلال خلال الاجتياح المحدود لقطاع غزة، لذلك فهي لن تغامر بعدوان جديد، خاصة وأن عدداً من جنودها لازالوا أسرى لدى فصائل المقاومة.
ردود فعل شعبية
وعلى الصعيد الشعبي، آثار الحادث المذكور حفيظة المواطنين، اللذين تمنوا أن لا يخرج من إطاره المحدود، أو يتطور لحد التصعيد المباشر.
وأكد المواطن إبراهيم عيسى، أنه شعر بالضيق حين سمع بحادثة إطلاق الصاروخ، فالناس في قطاع غزة لم يعودوا يحتملوا أي تصعيد جديد، فمراكز الإيواء تغص بالنازحين، والمنازل المهدمة لم يتم رفع أنقاضها بعد، بينما الاقتصاد لازال منهك جراء سلسلة من الضربات الإسرائيلية المتتالية.
أما الإعلامية آلاء الهمص، فطالبت بوضع حد لمثل هذه الأعمال، التي تثير مخاوف المواطنين، وتشعرهم بأن شبح الحرب لازال يلوح في الأفق.
وانتقدت بعض وسائل الإعلام التي سارعت بتضخيم الأمر، والترويج بأن الحادث توطئة لحرب جديدة ضد غزة، ما آثار مخاوف المواطنين، خاصة الأطفال اللذين لازالت آثار العدوان الأخير تتملكك نفسياتهم.
وبينت الهمص أن مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظم روادها من المثقفين، كانت مقياساً لنبض الشارع الغزي، فما إن أطلقت القذيفة حتى تتابعت المنشورات الرافضة لأية أعمال تعيد قطاع غزة لدائرة التصعيد، فكوارث العام 2014، لازالت حاضرة في المشهد الغزي.
قلق مشروع
أما الأكاديمي والباحث المتابع للشأن السياسي الفلسطيني، عماد محسن، فأكد أنه ورغم أن ظاهر الأمور يشير على عدم وجود نية لدى حماس أو إسرائيل للتصعيد، لكن هذا لا ينفى احتمال تجدد المواجهة على جبهة غزة في أي وقت.
وأكد محسن أن إسرائيل منذ مدة تتعمد من خلال إعلامها وتصريح قادتها تضخيم قدرات المقاومة في قطاع غزة، وإظهار قوة الفصائل وكأنها باتت موازية لقوتها، وهذا أمر خطير ربما يكون له ما بعده، ويذكرنا بالتضخيم البريطاني الأميركي لقدرات العراق في الأعوام الأولى للقرن الحالي، وما تبع ذلك من احتلال لهذا البلد الشقيق.
وأكد محسن على أن تركيبة الحكومة الإسرائيلية المقبلة لا تبشر بخير مطلقاً، فربما تسعى هذه الحكومة المتطرفة لتحقيق نصر عسكري سهل، وجبهة غزة هي الأضعف، فتسعى لتوجيه ضربة قاصمة للقطاع المنهك والمحاصر.
وشدد محسن على أن المرحلة الحالية حساسة وخطيرة، وتتطلب من الفصائل اليقظة، والحذر جيداً مع تواتر التصريحات وبالونات الاختبار التي تطلقها إسرائيل بين الفينة والأخرى.