الحدث- غزة
لم يجد المواطن، عبد القادر أبو شعبان (60 عاما) وسيلة لتوفير قوت يوم أفراد عائلته، إلا أن يفترش مساحة صغيرة من الأرض لا تتجاوز ثلاثة أمتار، أقام عليها "بسطة ملابس" في أحد الأسواق الشعبية بمدينة غزة.
وعلى جانب الطريق يجلس أبو شعبان، خلف بسطته التي تحتوي على أنواع مختلفة من ملابس الأطفال، وينادي بصوت أصابته "بحة"، على المتسوقين مروجا ما يعرض من بضائع.
ودفع تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في غزة، والتي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، والآثار التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية، العديد من الغزيين إلى افتراش الطرقات ببضائع مختلفة زهيدة الثمن لتوفير قوت يومهم.
وقال أصحاب بسطات في أحاديث منفصلة، مع مراسل "الأناضول"، إن الأوضاع الاقتصادية الصعبة الذي يعاني منها القطاع، منذ ثمانية سنوات، دفعتهم إلى بيع حاجيات مختلفة من البضائع لتوفير بعض من الأموال لسد رمق أطفالهم.
قال أبو شعبان: إن "الربح الزهيد الذي أحصل عليه من بيع بعض ملابس الأطفال، على هذه البسطة يمكنني من توفير الطعام لأسرتي بعد أن فشلت في الحصول على عمل أفضل ".
وأضاف: "أخرج منذ الصباح الباكر، وافترش بضاعتي حتى المساء، لأحصل على ربح زهيد لا يزيد عن 20 شيقل (5 دولار)".
وتابع أبو شعبان: "معظم سكان قطاع غزة أصبحوا يشترون من أصحاب البسطات، خاصة فئة الأغنياء فأسعارنا أقل بكثير من أسعار أصحاب المتاجر الكبيرة ".
وأوضح أن تردي الأوضاع الاقتصادية أصاب فئات المجتمع الغزي كافة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي دمرت أكثر من 500 مصنع.
وأعرب عن أمله في أن تتحسن الظروف الاقتصادية والسياسية في غزة ويعيش الفلسطينيين حياة مغايرة بعيدا عن الفقر والحرمان.
وعلى مقربة من بسطة "أبو شعبان"، تتعالى أصوات طريفة وعفوية من حناجر أصحاب البسطات للترويج لبضائعهم.
وقال رشدي جحا، (55 عاما) وهو أحد باعة الفواكه في سوق الزاوية الشعبي وسط مدينة غزة: "كنت أعمل في أحد المصانع لكن تم استهدافه خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة صيف العام الماضي 2014، ولم أجد عمل آخر لمحاربة الفقر، فقمت بشراء القليل من الفواكه والخضروات وفتحت بسطة صغيرة لتلبي بعض من احتياجات أسرتي ".
ومضى قائلا: "قطاع غزة يعيش في وضع مأساوي، فتنتشر فيه البطالة والفقر، والحروب المتتالية فاقمت صعوبة الحياة، لذلك تجد الكثير من الشباب يقبلون على افتتاح مثل هذه البسطات".
ويشير إلى أن البسطات تبيع بضائع بأسعار رخيصة، لذلك يقبل الفلسطينيون في غزة سواء كانوا فقراء أم أغنياء على الشراء منها.
وتنتشر البسطات في أسواق وشوارع قطاع غزة، ويبيع مالكوها بضائع مختلفة، إلا أنهم يشتكون في بعض الأحيان، من منع الجهات المسؤولة لتواجدهم في الطرقات.
وفي أحد أزقة سوق غزة المركزي، تجلس الفلسطينية يسرى زويد، وتنادي بصوت مرهق على بضائعها لاستقطاب الزبائن.
وتقول زويد (70 عاما)، التي تبيع الملابس النسائية: إن "صوتي أصابه التعب وأنا أنادي على الزبائن للاقتراب وشراء ما يحتاجونه لتوفير الطعام لي ولابني الذي يعاني من إعاقة في البصر".
وأضافت: " كل يوم أحضر إلى هذا المكان منذ أن توفى زوجي قبل نحو عامين لأبيع بضاعتي".
وتشير إلى أنها تجني نحو 15 دولارا أمريكيا يوميا في أحسن الأحوال، معربة عن أملها أن تجد عملا أفضل لتتمكن من رعاية نجلها المريض.
و تحاصر إسرائيل غزة، حيث يعيش نحو 1.9 مليون نسمة، منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام التالي.
وما زال الحصار متواصلا رغم تخلي “حماس″ عن حكم القطاع، مع الإعلان عن حكومة الوفاق الفلسطينية في 2يونيو/حزيران الماضي.
ولم تتسلم حكومة الوفاق الفلسطينية أيا من مهامها في غزة، منذ تشكيلها في يونيو/ حزيران 2014، بسبب الخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس.
ووفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فبراير/شباط الماضي، فإن معدل البطالة في قطاع غزة، خلال الربع الأخير من العام الماضي، بلغ 42.8 %، فيما بلغ عدد العاطلين عن العمل قرابة 194.7 ألف.
المصدر: الأناضول