الحدث الثقافي- إصدارات
صدر حديثا عن دار سائر المشرق كتاب بعنوان "المناطق اللبنانية خلال الحكم المصري" (1831-1840)، من تأليف مجموعة من الباحثين في الجمعية اللبنانية للدراسات العثمانية، والذي يسلط الضوء على الآثار الملتبسة التي خلفها حكم محمد علي باشا لبلاد الشام ولبنان في تلك الحقبة لما لعبه من دور في كافة مناحي الحياة آنذاك.
وعمل الباحث خالد زيادة، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات والمشرف على الدراسات الواردة في الكتاب، على إعداد الدراسة الافتتاحية له.
وفيها بين زيادة وجاهة التركيز في البحث على الحقبة التي يغطيها الكتاب، لما كان لها من أهمية عميقة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
وفي الدراسة الافتتاحية عرف زيادة، القائد المصري محمد علي باشا الذي نافس الدولة العثمانية آنذاك، بالقائد العسكري المرسل من السلطة العثمانية إلى مصر لمواجهة نابليون بونابرت في حملته على مصر، غير مكتف بذلك، بل عازما على بناء دولة مصرية على الطراز الفرنسي.
وتتبع الباحث ما قام به علي باشا من خطوات من شأنها بناء الدولة المصرية، فرنسية الطراز، حيث بدأ بالقضاء على الأمراء المماليك المنافسين له، ثم شيد مصانع الأسلحة وأحواضا لبناء السفن الحربية المزودة بالمدافع، ثم فرض الضرائب على الأملاك لتمويل الجيش.
ومن التدابير الاقتصادية والسياسة التي اتخذها محمد علي باشا، والتي أوردها الباحثون في كتابهم هو تحويل بلاد الشام ومن بينها لبنان من المرحلة الاقطاعية إلى الرأسمالية الأولية.
بدوره، درس الباحث بطرس لبكي المناطق اللبنانية خلال الحكم المصري، وخلص إلى أن مدينة بيروت تحولت إلى مرفأ مهم بعدما كانت عاصمة لولاية صيدا، كما أن البضائع الفرنسية والإنجليزية دخلت المدينة ووصلت العائلات الميسورة، وفي تلك الحقبة أيضا تم تشجيع زراعة أشجار الزيتون والتوت، واحتكار الموارد البشرية كالفحم والحديد، إلا أن هذا الانتعاش الاقتصادي قابلته سلسلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ما أدى إلى تمرد اللبنانيين على الحكم المصري.
وركز الباحث سيمون عبد المسيح، في دراسته على الأسباب الاقتصادية للتوسع المصري إلى بر الشام في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، التي خلص فيها إلى أن التحول الذي جرى في مصر بالقرن الثامن عشر سببه محمد علي باشا الذي عمل على تسريع توفير البنى التحتية اللازمة لهذا التحول، الأمر الذي حاربته أوروبا خشية من منافسة صناعاتها، ما دفع بعلي باشا التوجه لبلاد الشام لافتتاح سوق جديد لمنتجات مصر.
بدورها، عرضت الباحثة طوبى يلدز واقع الأحوال الشخصية عند الدروز والموارنة في جبل لبنان، إبان الحكم المصري، الذي عمل إبراهيم باشا على تنظيمه سيما فيما يتعلق بقوانين الإرث والتملك عند الموارنة.
أما الباحث نايل أبو شقرا فتناول حروب إبراهيم باشا في سوريا ولبنان وتداعياتها على الدروز والمسيحيين، في حين بينت الباحثة جمانة الدبس في دراستها نقمة الاقطاعيين الدروز على إبراهيم باشا، ودور المسيحيين في إدارة شؤون جبل لبنان.
أما الباحث محمود حداد فتناول الآثار السياسية والاجتماعية لحكم محمد علي في جبل لبنان وبلاد الشام، كما أعد الباحث عبد الله سعيد دراسة حول أثر الحكم المصري على مجرى أحداث جبل لبنان، والباحثة غنى مراد تطرقت في دراستها إلى الحملة المصرية وأثرها على ولاية طرابلس، في حين تناولت دراسة الباحث الأب إبراهيم الدربلي خلع شعار الذمية، وجاءت الدراسة الأخيرة في الكتاب للباحثين سعاد سليم وسعاد مثلج بعنوان "مجالس الشورى" في أيام محمد علي.