الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أكثر من 30 فلسطينيًا مسلحًا يشيعون هياجًا في أنحاء تل أبيب/ بقلم: سام بحور

2022-09-04 09:39:44 PM
أكثر من 30 فلسطينيًا مسلحًا يشيعون هياجًا في أنحاء تل أبيب/ بقلم: سام بحور

 

في حوالي الساعة الرابعة صباحًا من الليلة الماضية، دخلت ست سيارات جيب فلسطينية مُدرَّعة الأحياء الشمالية في تل أبيب، مما أدى إلى تعكير هدوء ما قبل الفجر، وإحداث فوضى في جميع أنحاء المدينة.  اقتربت سيارات الجيب أخيرًا من منزلٍ مكون من طابقين وحاصره أكثر من 30 جنديًا فلسطينياً ملثمًا، وباستخدام مكبر الصوت، أمر جنديٌ بعبريةٍ فصيحةٍ أن يخرج شلومو هرتزل من منزله، وعندما لم يستجب لأمره، حطَّم عددٌ قليلٌ من الجنود الباب الأمامي ودوى صوت النيران في الأرجاء. قال شهود عيان في المنزل لاحقاً إن شلومو أُصيب من كثب برصاصة من عيارٍ ناري، وقُتل بدمٍ باردٍ بينما كان مستلقيًا على سريره.

هرع المسعفون التابعون لنجمة داوود الحمراء إلى مكان الحادث، لكن تم إعاقة تقدمهم/تحركهم تحت تهديد السلاح إلى حين تأكُّد الجنود الفلسطينيون الملثمون من موت شلومو عن طريق إرسال كلب بوليسي من نوع K-9 مزود بكاميرا إلى غرفة النوم، وبعد 45 دقيقة، سُمح للمسعفين بدخول المنزل، لكن كان المتوفى قد اختفى، لنعلم فيما بعد أن الفلسطينيين كانوا قد صادروا الجثة بالفعل، ووضعوها في إحدى سيارات الجيب خاصتهم.

قالت مصادرٌ فلسطينيةٌ إنه بعد أكثر من ستة أشهر من جمع المعلومات الاستخبارية الدقيقة، ومراقبة شبكة الهاتف وحركة البريد الإلكتروني في تل أبيب، وبالتعاون الوثيق مع فيسبوك، تعرَّفت الوحدة 8200 في جهاز المخابرات الفلسطينية على الجندي الإسرائيلي شلومو هرتزل، الذي كان في مخيم جنين للاجئين بتاريخ 11 مايو 2022، باعتباره الشخص الذي سحب الزناد وقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية المخضرمة شيرين أبو عاقلة، وقال المصدر الفلسطيني الذي لم يكشف عن هويته إن "العدالة قد تحققت".

بيت لا أكثر

غادرت سيارات الجيب الفلسطينية المكان وتوجهت مباشرةً إلى منزلٍ آخر على أطراف المنطقة التجارية في تل أبيب، وأحاطوا بمنزلٍ آخرٍ هناك، ولكن هذه المرة كان منزلاً تاريخياً مكوناً من طابقٍ واحدٍ مع نقش باللغة العربية فوق الباب الأمامي "بارك الله بيتنا".

طرق جنديٌ فلسطينيٌ طويل القامة وعريض المنكبين الباب الأمامي، وقدم للمالك الإسرائيلي الذي فتح الباب أمراً مكتوبًا بهدم المنزل. وعندما بدأ صاحب المنزل في الصراخ مطالبًا بمعرفة سبب استهداف منزله بأمر الهدم، أوضح الجندي لصاحب البيت أن له ابنُ عمٍ كان قائد الجيش الإسرائيلي الذي أمر القناصين الإسرائيليين بفتح النيران على مجموعة من المتظاهرين السلميين في غزة، وستدفع الأسرة بأكملها ثمن هذا العمل الإرهابي الآن.

مُنح صاحب المنزل خمس عشرة دقيقة لإجلاء عائلته وإخراج مقتنياتهم الشخصية من المنزل، وفي تلك الأثناء، شوهدت وحدة تفجير فلسطينية تضع عبوات ناسفة في زوايا المبنى، وعندما خرج صاحب المنزل مع أطفاله الأربعة، شوهدت أصغرهم، البالغة من العمر اثني عشر عامًا تبكي بشكلٍ هستيري وترتجف بشدة، وهي تحمل على كتفها حقيبةً مدرسيةً ورديةً، وتجر بطانيةً خلفها على الأرض.

 وفي الوقت الذي كانت تقف فيه الأسرة خارجاً، أصدر القائد الفلسطيني على الفور أمرًا بهدم المنزل، وتحول ما كان منزلًا عتيقاً في هذا الحي الهادئ إلى كومة من الأنقاض وسط انتحاب العائلة.

المحطة الأخيرة

وقبل مغادرتها تل أبيب، توجهت مجموعة سيارات الجيب الفلسطينية أخيرًا إلى أرقى جزءٍ من المدينة، واقتحموا منزل وزير الدفاع بيني غانتس وركلوا الباب الأمامي بعد أن اعتقلوا العديد من الحراس الإسرائيليين الذين يحمون المنزل، تحت تهديد السلاح، حيث كان الجنرال غانتس وراء قرار شن الهجمات المتزايدة على الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي المحتلة.

أُمرت زوجة غانتس وأطفاله بالتجمع في إحدى غرف النوم، بينما اقتحم الجنود الفلسطينيون المنزل، وسحبوا الأدراج وألقوا محتوياتها على الأرض، وطرقوا الخزانات، وشقوا المراتب على الأسرة، وألقوا الوسائد على الأثاث، وحطموا الجدران بمطرقة ثقيلة وأحدثوا بها ثقوبًا، ولم يتم العثور على أسلحة أو ممنوعات.

  وبالرغم من ذلك، احتُجز الجنرال غانتس، وشوهد أثناء اصطحابه من منزله مكبل اليدين ومعصوب العينين، وتم وضعه في الجزء الخلفي من إحدى سيارات الجيب الفلسطينية قبل أن تنطلق جميع السيارات الست بعيدًا عن الأنظار.

كان ذلك في فجر يومٍ صيفيٍ شديد الحرارة، عندما عبرت سيارات الجيب الست حاجز قلنديا عائدةً إلى الضفة الغربية، وبينما كانت سيارة الجيب التي تُقل غانتس تتقدم، استقبلها عشرات اللاجئين الفلسطينيين من مخيم قلنديا للاجئين، الذين تجمعوا وهم يهتفون "الموت لليهود"، وشوهد عضو المجلس التشريعي الفلسطيني البارز، عبد القادر المستوطن، وهو يقود الهتافات.

وكان أولئك الذين رأوا غانتس يخرج من الجيب في سجن رام الله قد سمعوه يطلب التحدث إلى محاميه، وهو الطلب الذي تم تجاهله، وذكرت سلطة السجون الفلسطينية أن غانتس وُضع في الحبس الانفرادي، كما كشفت تسريبات من داخل السجن أن صرخات كانت تنطلق من زنزانة جانتس توحي بأنه يتعرض للتعذيب.  ثم أصدرت محكمة عسكرية فلسطينية أمر اعتقاله إداريًا لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، مما يعني أن غانتس سيُعتقل إلى أجلٍ غير مسمى دون توجيه أي تهمة إليه. وحذّر بيان سلطة السجون الفلسطينية من أن أي شخص يرسل حوالات مالية إلى غانتس لكي يتمكن من شراء الشامبو والسجائر من مقصف السجن، سيُعتبر مؤيدًا لسياسات "الدفع مقابل القتل" وستتم محاسبته على ذلك.

التبرير

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بيانًا قال فيه إن هذه الغارة التي شُنت ليلاً على تل أبيب جاءت كردٍ مباشرٍ على ما وعد به الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، حيث قال عباس "وعدنا بمحاربة الإرهاب، وإرهاب الدولة لا يمكن أن يختبئ من المساءلة خلف عباءة الدولة. يجب أن يفهم الإسرائيليون أنه ليس لديهم مكان للاختباء إذا نفذوا هجمات ضد الفلسطينيين في أي مكان."

ومضى عباس يقول إنه يتوقع أن يكافئ الكونجرس الأمريكي حكومته من خلال تمرير قانون الاعتمادات التكميلية للسترة الحديدية S.2830 - لعام 2022 بقيمة 40 مليون دولاراً أمريكياً، والذي سيوفر لكل فلسطيني سترة أمريكية الصنع مضادة للرصاص، في محاولة لضمان حصول الفلسطينيين على ميزة نوعية كنوع من الحماية من الاعتداءات الإسرائيلية والجرائم المستمرة ضد الإنسانية.

وفي وقتٍ مبكرٍ من صباح اليوم، أصدر البيت الأبيض بيانًا أشار فيه إلى أنه تم إطلاع الرئيس بايدن على التطورات التي حدثت أثناء الليل، وأعرب الرئيس الأمريكي "في أعماقي، أنا لاجئ فلسطيني." وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض أنه من المقرر، في وقتٍ لاحقٍ من اليوم، أن يلتقي بايدن بالعديد من مصنعي السترات الواقية من الرصاص الذين يسعون للحصول على جائزة السترة الواقية.

سريالية

هل تبدو هذه الحكاية سريالية؟ يجب أن تكون كذلك، لأن الأحداث المذكورة أعلاه لم تحدث أبدًا - على الأقل، ليس في تل أبيب.

ومع ذلك، فإن هذا النوع من السيناريوهات يحدث بشكلٍ منتظم، إذ يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، حيث تحدث عمليات قتل مفاجئة كل يوم تقريبًا، وتُصادَر جثث الموتى، وهناك اعتقالاتٍ ليليةٍ للفلسطينيين الذين يتم إخراجهم من أسرّتهم في منتصف الليل، كما تُهدم منازل الفلسطينيين بشكلٍ روتيني بذريعةٍ واهيةٍ للبناء غير القانوني، أو كوسيلة للعقاب الجماعي. كل هذا وأكثر يعاني منه الفلسطينيون طوال الوقت - أحيانًا في الليل وأحيانًا في وضح النهار - تحت سمع وبصر المجتمع الدولي والصحفيين.

إذا كنت قلقًا أثناء قراءة هذا المقال في بداية القصة، ثم وجدتها ممتعةً في النهاية - فأنت بحاجةٍ ماسةٍ إلى مراجعة منظومة القيم الخاصة بك، فلاحقًا عندما ينفجر الغضب وتبدأ مثل هذه السيناريوهات في الحدوث للإسرائيليين، وليس فقط للفلسطينيين، فلماذا سيغضب الإسرائيليون وداعميهم في الغرب حينها؟

ورغم ذلك، يجب ألا تتحقق هذه النهاية القاتمة.، إذ أن العمل حالياً على إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي الذي دام 55 عامًا، يمكن أن يقلب مسار التاريخ ويضع الفلسطينيين والإسرائيليين على حدٍ سواء على طريقٍ جديدٍ مشترك للتعايش السلمي.