الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيل ألقت السلطة في اليمّ... وقالت لها!| بقلم: نبيل عمرو

2022-09-06 10:28:44 AM
إسرائيل ألقت السلطة في اليمّ... وقالت لها!| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

رغم كثافة الحديث حول الملف النووي الإيراني، والذي يشغل الحيز الأهم في الحياة الإسرائيلية.

ورغم الانشغال بقضية ترسيم الحدود مع لبنان، واحتمالات التصعيد على الجبهة الشمالية.

ورغم الحرب الضروس التي تجري وتتصاعد بين القوى الإسرائيلية المتقاتلة على المقاعد لاجتياز الحاجز السحري رقم 61.

رغم ذلك كله مضاف إليه آلاف الهموم في مجال الصحة والتعليم وغيرها.

تعود مسألة الضفة الغربية بعد غزة، إلى أن تكون همّا رئيسيا يزاحم في الحضور باقي الهموم، وما يعطي للأمر قدرا إضافيا من الجدية، أن المستوى الأمني والعسكري هو الذي يحذر من خطر الانفجار. بعضهم يرونه وشيكا أو قوي الاحتمال والبعض الآخر يراه أكيداً.

الملاحظ أن المستوى السياسي والأمني في إسرائيل يكثر من الحديث عن كثافة السلاح المتوفر لدى المواطنين في الضفة، وعن الشباب الذين لن يجدوا صعوبة في الحصول عليه والذين يعدون ليس في شمال الضفة وحدها بل وفي كل مكان بعشرات الآلاف.

وإلى جانب ذلك هنالك ما هو قريب من الإجماع بين السياسيين والأمنيين والعسكريين وحتى المعلقين وأهل الرأي، بأن السلطة الفلسطينية بلغت من الضعف حد عدم الاعتماد عليها في محاصرة ما تسميه ببؤر العنف، فهي في كل مكان يوجد فيه مسلحون غير فاعلة أو على وجه الدقة غير موجودة.

وإذا كان هذا المسار في التعاطي مع هذه المسألة الدائمة يبدو نمطيا ولا جديد فيه، فإن الطريقة الإسرائيلية في التعاطي مع العمل المسلح الفلسطيني وما ينتج من وقائع، لن تحقق سوى نتيجة واحدة مجربة وما تزال ماثلة، وهي أن أصحاب القرار في إسرائيل لا يخشون من انتفاضة فحسب بل أحيانا أو غالبا يسعون إليها بحكم أن مواجهتها أضحت مركز السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الشأن الفلسطيني، وكيف أن استثمار البطش والمغالاة فيه هو أحد المؤثرات الحاسمة في تفوق طرف على آخر بل إنه وخصوصا في موسم حصاد الأصوات يبدو عاملا حاسما.

ولقد تجلت بوضوح شديد هذه النظرية في الحرب على غزة التي افتعلت دوافعها في الضفة، كانت حربا ضرورية لإظهار قدرة بل تفوق الائتلاف الحكومي الحالي الذي يحكم بتعادل الأصوات على منافسيهم المتربصين، الذي يتربع على عرشهم بنيامين نتنياهو صاحب المعارك الأكثر على غزة والاجتياحات الأوسع في الضفة والاستمرار الأطول على مقعد رئيس الوزراء.

المنهج الإسرائيلي في التعاطي مع الشأن السياسي والأمني فيما يتصل بالفلسطينيين يقوم على خديعة طويلة الأمد للذات قبل الآخرين، فلا الاجتياحات والحروب أدت إلى اقتلاع الشوكة الغزية من الخاصرة ولا الأشواك الفلسطينية من القلب والأطراف، ذلك ما يبدو مثبت بالأرقام فحين تتحدث إسرائيل عن آلاف مؤلفة من الشبان الفلسطينيين يستعرضون قوتهم وسلاحهم في منطقة واحدة، ذلك غير ما تقر به من وجود أكثر منهم في مناطق أخرى.

وحين تعرض إحصائيات بالأرقام عن مضاعفة العمليات سواء التي تتم بالمبادرة أو بالاشتباك مع القوات الإسرائيلية التي لا تتوقف عن الدخول إلى المناطق الفلسطينية للتصفيات أو الاعتقالات، فذلك يعني أن السياسة الإسرائيلية الأمنية هي في واقع الأمر أكثر من فاشلة، وستواصل الفشل ما دامت لا ترى حلا للمعضلة الفلسطينية إلا الاحتلال والقمع مغلفة بتسهيلات ساذجة تصب زيتا على النار ولا بردا وسلاما على الأمن.

وهنا لا مناص من أن ندخل السلطة الفلسطينية إلى الصورة فعلى صعيد ما تطلبه إسرائيل منها تبدو طلبات غير منطقية فهي تريدها مقاولا فعالا بل وحاسما لخدمة أمنها، وفي الوقت ذاته تُطبق عليها بيت الشعر الشهير...

ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له.... إياك إياك أن تبتل بالماء.

سياسة كهذه لن تؤدي إلا إلى استمرار الصراع بكافة أشكاله وأخطرها الدموي.