الحدث- محمد مصطفى
في غرفة صغيرة وسط منزلها، وبأدوات رسم بسيطة، تبدع الفنانة الموهوبة صفاء العبادسة في رسم أجمل اللوحات، تجسد من خلالها وجوه الناس، وترسم ملامح إنسانيتهم المقهورة، متجاوزة حدود الزمان والمكان.
العبادسة طالبة جامعية، تبلغ من العمر 22 عاماً، استطاعت بمهارة فريدة الممازجة بين دراستها في علم النفس وموهبتها في الرسم، فأبدعت لوحات تبكي من تأمل فيها.
موهبة منذ الصغر
وتقول العبادسة "22 عاماً"، إنها شعرت بموهبتها منذ الصغر، وكانت كلما وجدت الفرصة وأدوات الرسم، راحت تخط بريشتها ما يجول بخاطرها على الورق، تارة ترسم الطبيعة الجميلة، وأخرى السماء الزرقاء، لكنها في كل مرة كانت تميل إلى رسم الوجوه، وتحاول تجسيد ما تحمله من هموم في تفاصيل وثنيات الوجه، وبريق العينين، متحدية صعوبات الريشة والألوان، اللتين عادة ما تخونان الفنان في رسم أدق التعابير التي يشعر بها.
وأوضحت العبادسة أنها تحب وتهوى الرسم، إضافة إلى شغفها بدراسة علم النفس، فلم تترك أحدهما على حساب الآخر، بل وائمت بين الاثنين، فالتحقت بقسم علم النفس في إحدى الجامعات بغزة، وظلت مواظبة على موهبتها.
وبعد الخوض في غمار علم النفس تمكنت صفاء من جوانب كثيرة في بحر علومه، بدأ علمها يتجسد في ريشتها، فتبحث عن الوجوه التي تحمل الهم والألم، وترسم تفاصيلها البائسة على الأوراق، دون أن تغفل أدق التفاصيل أو أصغرها.
تحاول العبادسة تجيير ريشتها من أجل غيرها، فريشة الفنان كما أقلام الكتاب، من الممكن أن توصل رسائل كثيرة، وتكون سبباً في إبراز معاناة، وتسلط من خلالها الضوء على هموم عصفت بالناس.
ظلت هذه الموهبة حبيسة جدران غرفة صفاء، التي تحولت إلى ما يشبه المعرض الفني، تبهر كل من زار منزلها من الأقرباء والأصدقاء، يقفون عندها مطولاً، يتأملونها ويثنون عليها.
وحول المشاركة في المعارضة الفنية، قالت العبادسة إنّ حظوظها في المشاركة في المعارض كانت قليلة، فمعظم اللوحات التي أرسلتها للمعارض لم تعد إليها، غير أنها لم تيأس، وحاولت كثيراً، إلى أن حظيت بفرصة نادرة، بحيث تبنت إحدى المؤسسات المعروفة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة لوحاتها، ووعدتها بإقامة معرض فني خاص بها، في أوائل أيار المقبل.
تعزم صفاء العبادسة على المضي في موهبتها، التي لم تتعلمها في مدرسة أو جامعة بل نمتها ذاتياً بمساعدة ومساندة ذويها، وهو ما شجعها على الاستمرار.
وأشارت إلى أن لوحاتها لا تعكس ما يجول بخاطرها، بقدر ما تعكس ما يجول بخاطر أصحابها، فهي سرعان ما تلتقط من بين ملامحهم البؤس والشقاء، وأبطال لوحاتها ليسو من غزة أو فلسطين فحسب، فإنسانية اللوحات تتعدى حدود الوطن، وتجوب الوطن العربي والعالم بحثاً عن المعاناة والبؤس والقهر.