دخيل الخليفة - إعلامي من الكويت
فئتان من الأدباء لا تستطيعان المشاركة في المهرجانات الخارجية على الرغم من الدعوات التي يتلقاها المنضوون تحت لوائهما لأسباب خارجة عن رغبتهما. وهما فلسطينيو الداخل، وعديمو الجنسية في الخليج، ممن اشتهروا باسم “ البدون”.
أدباء الفئتين يشتركون بجرح الهوية! وربما يمتلكون وثائق أو جوازات مؤقتة أحيانا، غير أن المؤسف هو أن أغلب الدول العربية والعالمية ترفض منحهم تأشيرات دخول للمشاركة في المهرجانات الثقافية، كما أن المؤسسات الرسمية المحلية أحيانا تتعامل معهم بصلافة أو جمود أو وقاحة لامعنى لها، إذا أخذنا في الاعتبار الطابع الإبداعي والمكانة التي يحتلونها بين أقرانهم العرب.
ولأن جرح الهوية واحد، وإن اختلف مصدره، فإن الأدباء “البدون” تربَّوا على الأدب الفلسطيني لشعورهم أنه يمثل نزفهم ذاته، وهم بطبيعتهم مدافعون بشدة عن قضية العرب الأولى، وقد تعلَّموا - في غالبهم - على يد كوادر تعليم فلسطينية رصينة وضعت أبجدية التعليم في دول الخليج العربية، وخصوصا في الكويت قبل كارثة احتلالها من قبل الجيش العراقي.
أدباء “البدون”، ومعهم الفلسطينيون حتماً، يشعرون بخذلان كبير حينما ترفض سفارة عربية منحهم تأشيرة دخول، فيما يسمح لكل مواطني العالم بدخول البلدان العربية. وما زلتُ ـ وغيري من أدباء البدون وفلسطينيي الداخل ـ نشعر بحسرة حينما لا نستطيع تلبية دعوة في بلدان لها جنان وارفة في أرواحنا مثل البحرين والإمارات والأردن على وجه التحديد، هذا إذا تغاضينا عن حرماننا من عضوية الاتحادات الثقافية العربية، لكن لا تهمنا عضويتها لأننا لا نكن لها الاحترام أصلا!
في مطار بلد خليجي أعشقه، وشعبه الطيب، سألني الموظف: “وين الفيزا؟” قلت: “هذي الفيزا!” رد: “هذي تأشيرة وزارة الإعلام مو وزارة الداخلية!” قلت: “ما أدري، هم أرسلوها لي، وخرجت من مطار الكويت بشكل عادي!”. تم تأخيري لثلاث ساعات وأنا المدعو من أهم أسرة كتاب في الخليج... دمعت عيناي وأنا أرى “الأجانب” على اختلاف جنسياتهم وألوانهم يدخلون إلى البلاد دون منغصات، فيما أنا “العربي” أجلس كمتّهم على مقاعد الانتظار!