لبيد قال ما يحتاج أن يقول وهذا مرتبط تماما بحاجته للأصوات، ولكبح جماح ما ظنه اندفاعا فلسطينيا نحو قرارات تربك إسرائيل وتفسد على لبيد مزايا توجهاته نحو العرب، فهو بحاجة إلى وضع قطعة حلوى في فم من يمكن أن يكونوا بيضة القبان التي تأتي به مجددا إلى رئاسة الحكومة، ويرى أن الأرخص ثمنا والأعلى تأثيرا هو النطق بجملة حل الدولتين، فهو لقاء هاتين الكلمتين حصل على تقدير إيجابي ولو بالغ المحدودية من الرئيس عباس وأكثر منه من الرئيس بايدن، فلقد عرض بضاعة لها من يشتريها غير أنها غير قابلة للبناء عليها.
ما لم يقله لبيد في الخطاب هو الأهم ذلك أن حل الدولتين ولكي يكون سياسة إسرائيلية جدية فيجب أن تقترن بجملة استحالة على لبيد قولها وهي... أنه جاهز للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين على هذا الأساس ولهذه الغاية وهذا ما لم يقله ولن يقوله.
الرئيس عباس قال ما يستطيع، ولقد أدرك أن الظرف والحسابات والقدرات لا تسمح بأكثر من الشكوى واللوم واستخدام التحذير الدائم بأننا كفلسطينيين لا نستطيع الصبر أكثر من ذلك، لقد عرض الرئيس عباس نماذج من المعاناة الفلسطينية بصورة مؤثرة وأظهر تقصير المجتمع الدولي وهذه شكوى فلسطينية أزلية يشاركهم فيها كل أصحاب القضايا التي عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل لها وأكد تصميمه على الذهاب للجمعية العامة لاستفتائها حول عضوية فلسطين الكاملة وهو يعرف أكثر من غيره أنه ما دامت أمريكا وإسرائيل وأوروبا لا يوافقون على ذلك فإن أغلبية أصوات الجمعية العامة لن تستطيع تحقيق هذا الهدف غير أن المطالبة تنفع في جعل الفكرة قيد التداول وهذا شيء أفضل من لا شيء.
المكان الوحيد الذي يستطيع فيه الرئيس عباس فعل شيء بعد إغلاق الأبواب الأمريكية والإسرائيلية وحتى الدولية على حل الدولتين كما يفهمه الفلسطينيون هو البيت الفلسطيني الذي يحتاج إلى ما هو أكثر وأهم من طرق أبواب المجتمع الدولي، هو البيت الفلسطيني الذي بدون تماسكه واتحاده وسد الثغرات الكثيرة في بنائه فلا جدوى من أي شيء آخر.