خاص الحدث
نشرت الوكالة اليهودية بيانات حول تعداد اليهود حول العالم، يتبين فيها أن عدد اليهود في العالم بلغ حوالي 15.3 مليونًا، بزيادة طفيفة مقارنة بـ 15.2 مليونًا في عام 2015.
ويبلغ عدد المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة حوالي 7.08 مليون مقارنة بحوالي 6.95 في عام 2015، بينما يعيش حوالي 8.25 مليون يهودي خارج الأراضي المحتلة.
ما علاقة الوكالة اليهودية باليهود؟
هي منظمة مركزها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وللوكالة اليهودية شراكة استراتيجية مع الحكومة الإسرائيلية وتتمتع بمكانة قانونية ترتكز على "قانون المكانة" الصادر عام 1950. يقع المكتب الرئيسي للوكالة اليهودية في بيت المؤسسات القومية في القدس.
تأسست الوكالة اليهودية عام 1929 لتكون الذراع التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية. ووفقًا للمادة 4 من وثيقة الانتداب، شكلت الوكالة مكتب اتصال بين المستوطنة اليهودية في الأراضي المحتلة والانتداب البريطاني.
ومع قيام دولة الاحتلال، تركز الوكالة اليهودية حاليًا على ثلاثة مجالات عمل رئيسية:
تشجيع الهجرة إلى الأراضي المحتلة
ربط يهود العالم ببعضهم البعض وباليهود المستوطنين في الأراضي المحتلة
تعزيز المفاهيم الصهيونية داخل مستوطني الأراضي المحتلة
لماذا هذه الإحصائيات؟
تحاول الوكالة اليهودية أن تقوم بدور الوصاية على يهود العالم، وربط كل الإحصائيات والحقائق الخاصة بهم في "إسرائيل". يعني أنها تعلن عن عدد اليهود في العالم ثم تورد نسبتهم في "إسرائيل" ونسبة من ينطبق عليهم "قانون العودة".
وتهدف الوكالة اليهودية إلى تعريف اليهودي من خلال "إسرائيل" وربطه الدائم بها كدولة اليهود في العالم، في ضوء أن تيارات عدة لدى اليهود في العالم تعتبر أن "إسرائيل" ليست دولة اليهود وأنها واقع استعماري لا علاقة له باليهودية واليهود.
وتساعد هذه الإحصائيات الاحتلال الإسرائيلي في فهم الظواهر الاجتماعية والسياسية المختلفة فيما يتعلق باليهود حول العالم، وبناء تصور معين حول علاقتهم بـ"إسرائيل"، وحجم الصهاينة اليهود فيهم، وتطوير الأدوات المناسبة لزيادة ارتباطهم بالاحتلال.
اليهودي والمستوطن: إشكالية التعريف
في عام 2008 صدر عن المركز الإسرائيلي للديمقراطية، دراسة للباحثين حنا لينسون وإلياهو كاتس، تحت عنوان "من نحن؟ الهوية الوطنية في دولة إسرائيل" جاء فيها أن "إسرائيل" وبعد عشرات السنوات من تأسيسها ما زال الفرد فيها غير قادر على تعريف نفسه إن كان يهوديا أم إسرائيليا، وإن كانت هذه الدولة الجديدة "إسرائيل" مجرد أداة لاحتواء هوية قائمة، أم أنها أداة لإنشاء هوية جديدة.
وتطرح الدراسة معضلة تواجه "إسرائيل" كدولة جديدة، وهي عدم القدرة على تعريف اليهودي الذي يتواجد خارج حدود الدولة ولا ينتمي للمنطقة الجغرافية الخاصة بالدولة وفشل كل المحاولات لربطه بالواقع الاستعماري في فلسطين المحتلة.
وتخلص الدراسة إلى أن هناك نوعا من الصراع بين مكونات الدولة وتطرح تساؤلات جدلية حول ما إذا كانت الأمة تشكل الدولة أم الدولة تشكل الأمة، والنتيجة الهامة التي خرجت بها الدراسة هي أن الهويات القومية والدينية بنيت لدى الأفراد من خلال عدة مستويات، وأن هذه الهويات الذاتية والتجزيئية داخل المجتمع الإسرائيلي حافظت على قوتها النسبية وأصبحت طبقات داخل المجتمع، وعلى النقيض منها يقع القاسم المشترك المفترض "القومية المدنية أو الإسرائيلية". وترى الدراسة أن الهوية الجامعة لن تتمكن من أن تصبح التعريف الأهم للمجتمع الإسرائيلي أو الأساس الواسع لتحديد هوية المجموعات المختلفة داخل المجتمع، والسبب كما ترى الدراسة هو أن هذا القاسم المشترك (الهوية الجامعة) لا يمتلك تاريخا طويلا داخل المجتمع.
الوكالة اليهودية.. اسم غير دال
كانت أحد أهم أهداف الحركة الصهيونية هي خلق هوية جماعية لليهود، وبناء شخصية جديدة تختلف عن الشخصية اليهودية التقليدية، بحيث تكون لها خصائص ثقافية واجتماعية مختلفة عن تلك التي ميزت اليهود في المنفى، ودعت الحركة الصهيونية منذ بداياتها إلى تحدّي النظرة الدينية، واقترحت بديلاً أيديولوجياً، وكانت الحركة الصهيونية تسعى من وراء ذلك إلى خلق مجتمع متجانس على غرار المجتمعات الأوروبية ذات الأيديولوجيات الوطنية.
لكن هذا الهدف لم يتحقق، وفشلت الحركة الصهيونية ومن ثم "إسرائيل" من تمثيل اليهود حول العالم من خلال تأطيرهم في البديل الأيديولوجي الذي تتبلور ركائزه الأساسية من حقيقة الاستعمار الإسرائيلي في فلسطين، ولذلك فإنه من الصعب القول إن الوكالة اليهودية تمثل اليهود، أو هي وكالة لليهود، وإنما وكالة تمثل الصهيونية وأهدافها، وفي الوقت الحالي تمثل حكومة الاحتلال.