الحدث الفلسطيني
قامت نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت بالتعقيب على المؤتمر الصحفي لمجلس أمناء الجامعة الذي عقد يوم أمس، وأصدرت البيان التالي، الذي وصل "الحدث" نسخة عنه، وهذا نصه:
تابعت نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت القضايا التي تناولها أعضاء مجلس الأمناء في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الثلاثاء 27 أيلول، 2022، وتود التعقيب على بعض القضايا.
أولا، في موضوع "استسهال الإضراب" و "عدم قانونيته" قامت النقابة بالانخراط في حوارات طويلة ولمدة عام كامل مع إدارة الجامعة حول جملة القضايا محل النزاع، بما فيها قضايا الأمن الوظيفي وصيغ العقود المجحفة، والتأمين الصحي التكافلي، والقضايا الأكاديمية، ومبادئ الشفافية والمحاسبة والإنصاف في إدارة المؤسسة. أما فيما يتعلق بقضية تطبيق اتفاق الكادر للعام 2016، فقد بدأ الحوار حولها في 5-10-2021 وقامت النقابة خلال هذه الفترة بتبيان كافة الأوراق والادعاءات المرتبطة بوجوب إدخال نسبة الـ 15%، التي تقوم الإدارة بدفعها كمبلغ مقطوع، إلى الراتب الأساسي بناء على نص الاتفاقية الواضح، وبأن المحضر الذي تستند إليه الإدارة في التطبيق هو محضر سري لم يتم الإعلان عنه سواء من قبل الإدارة أو الموقعين عن النقابة في حينه، وهو يعطي حقوقاً أقل من الاتفاقية العامة والتي تعتبر الأساس في القانون. وحسب الاتفاقية فإن النسب تدفع على مدى ست سنوات استحقت بتاريخ 1-9-2020 ولم تقم برفعها على الراتب الأساسي كما ورد في الاتفاقية، ما دفع النقابة للمطالبة بها منذ ذلك الوقت. هذا وقد قامت النقابة قبل الإعلان عن نزاع العمل بعقد اجتماع هيئة عامة بتاريخ 15-6-2022، أوصت فيه الهيئة العامة بالشروع في الإعلان عن نزاع عمل وقامت الهيئة الإدارية بإرسال رسالة لإدارة الجامعة ووزارة العمل بإعلان نزاع عمل، وبتاريخ 4-8-2022 أرسلت رسالة لإدارة الجامعة ووزارة العمل بمطالبة الإدارة الاستجابة للمطالب كي لا نضطر الشروع في إجراءات نقابية، وفي ظل عدم التجاوب، بدأت النقابة بإجراءات تدريجية حتى الوصول لإعلان تعليق كافة النشاطات الأكاديمية والإدارية بتاريخ 27-8-2022 والتي التزم بها ما نسبته أكثر من 90% من العاملين، وبالتالي فإن نسبة المشاركة هي أعلى بكثير من نسبة الـ 51% التي يتطلبها قانون العمل واستندت إليه وزارة العمل والإدارة بالطعن بقانونية التعليق. مع العلم أن النقابة والعاملين لا يغلقون أبواب الجامعة بل ينخرط العاملون في الإجراءات النقابية طوعا صونا لحقوقهم.
ثانيا، في قضية "التهجم على أعضاء مجلس جامعة" دعا أعضاء من الهيئة العامة لوقفة إسناد لأعضاء الهيئة الإدارية والزميلات والزملاء المضربين عن الطعام يوم الإثنين 26-9-2022 أمام مبنى كلية الهندسة حيث يتواجد المعتصمون، ثم اتجه المشاركون في الوقفة باتجاه مبنى الرئاسة لإيصال صوتهم المطالب باستجابة إدارة الجامعة للحقوق. وقد كان هناك اجتماع لمجلس الجامعة داخل المبنى وتوجه الزملاء الأساتذة والموظفون للوقوف أمام باب الاجتماع لفترة قصيرة كفعل احتجاجي يتمثل بالتصفيق والهتاف وإحداث ضجيج كرسالة رمزية لمجلس الجامعة بوجوب الالتزام بحقوق العاملين. هذا وقام مجلس الأمناء في بيان له بتاريخ 26-9-2022 بتجريم هذا الفعل الاحتجاجي المشروع بوصفه "تهجما من قبل نقابة العاملين وبعض مؤيديها على أعضاء مجلس الجامعة" و"استخدام خطاب التهديد والتحريض والتعرض للأفراد من طرف نقابة العاملين". إن هذا الوصف هو تشويه لما حدث وشيطنة للعاملين جميعا بسبب مطالبتهم بحقوقهم وهو توجه خطير يعمل على إدانة أي فعل احتجاجي للعاملين. وبدل الاهتمام بحال المضربين والمضربات عن الطعام المستمرين في إضرابهم لليوم التاسع على التوالي، والتنبه لمطالبهم المحقة ارتأى مجلس الأمناء أن دوره الحفاظ على مشاعر أعضاء مجلس الجامعة.
ثالثا، في قضية "التسييس" ترى النقابة بأن التلميح بتسييس النضال النقابي هو محاولة لتشويه الحقيقة، فإن التسييس من وجهة نظرنا يكمن فقط بضرورة ربط الفعل النقابي الحقوقي بالبعد السياسي بمعنى أن السعي لعلاقات عمل منصفة وعادلة هو فعل سياسي. أما إذا كان المقصود بالتسييس ربط النقابة والنضال النقابي بتوجه سياسي بعينه فإن الحقيقة أن الهيئة الإدارية للنقابة تضم كافة توجهات الطيف السياسي-الوطني، وهي هيئة منتخبة من كافة العاملين وتقوم على تمثيلهم والحفاظ على مصالحهم وحقوقهم الجمعية.
رابعا، في قضية "رؤية وإرث الجامعة" ما يحدث في بيرزيت ليس استثناء من حيث التحولات على بنية المؤسسة ونهجها وسياساتها وممارساتها، وكذلك ليس النضال النقابي فيها وحدته في السنوات الأخيرة استثناء. هذه التحولات ومحاولات النقابات الوقوف أمامها حدث في الكثير من المجتمعات ومؤسسات التعليم العالي. وما أوضاع مؤسسات التعليم العالي اليوم في الكثير من الأماكن في العالم إلا نتاج هذه الصراعات. النهج والسياسات تنعكس في قضايا عينية من واجب النقابات معالجتها. وبعيدا عن التفاصيل فإنه من المهم رؤية الصورة الأشمل وتخيل ما ستصبح عليه صورة المؤسسة في حال استمرت التغييرات الإدارية في التراكم بناء على نهج التوفير المالي على حساب الحقوق والجودة الأكاديمية. إذ سنجد أنفسنا بعد فترة ليست بالطويلة في مؤسسة نشعر بالاغتراب فيها ولا نعرف أنفسنا. هذا التحول ليس قدرا بل بالإمكان تحويره وتعديله من خلال إدراكه والعمل بكامل طاقتنا لوقفه بالرغم من كل الضغوطات والتهديد والقلق.
وفي النهاية يكفينا أننا لم نقف مكتوفي الأيدي أو صامتين أمام ما يحدث وتحديدا عند إدراكنا أن هذا النضال النقابي يصب في مصلحة المؤسسة والأجيال القادمة التي ستمر فيها.