لغتنا العربيّة لغة اشتقاق واسعة، وهي من أجمل لغات العالم، وإذا كانت اللغة تسود بقوّة الدّول التي تتكلّمها، فإنّ لغتنا العربيّة رغم هوان وضعف الدّول العربيّة في عصرنا هذا تبقى قويّة رغما عن كاريها وكارهي النّاطقين بها، والسبّب أنّها لغة كتاب الله"القرآن الكريم"، وبسببه حافظت على قديمها وعلى جديدها، ولهذا فإنّها من أوسع اللغات في مفرداتها ومعانيها، ولا ذنب لها إذا لم يتقنها كثيرون من أبنائها المهزومين ذاتيّا، والمنسلخين عن انتمائهم القوميّ.
وكجزء من هزائمنا، ومنها الهزائم اللغويّة فقد وقعنا في هزائم سياسيّة عندما لم ينتبه سياسيّونا إلى الفرق بين "الإنسحاب من أراض أو الإنسحاب من الأراضي التي احتلّت في حرب العام 1967 العدوانيّة،" حسبما ورد في قرار مجلس الأمن الدّوليّ رقم 242 الصادر في 22-11-1967.
ومع ذلك ما زلنا نعيش أزمة مصطلحات لغويّة ومنها:
الضّفّة الغربيّة وجوهرتها القدس: يردّد سياسيّون وكتّاب وخطباء مساجد عندما يتكلّمون عن الضّفّة الغربيّة المحتلّة بقولهم:"الضّفّة الغربيّة والقدس"، علما أنّ القدس جزء لا يتجزّأ من الضّفّة الغربيّة، بل هي جوهرتها، فلماذا يعطفونها على الضّفّة الغربيّة؟ وهل يدركون خطورة ذلك سياسيّا وجغرافيّا؟
جدار التّوسّع الاحتلالي: الجدار الإسرائيلي الذي ابتلع 7% من مساحة الضّفّة الغربيّة، يطلق عليه إعلامنا وسياسيّونا "جدار الفصل العنصريّ"، علما أنّه يفصل بين الفلسطينيّين أنفسهم، وبينهم وبين أراضيهم، ومن السّهل جدّا أن تجد بيت الأبوين في جانب منه، وبيت آو بيوت أبنائهم في الجانب الآخر، وهذا الجدار التّوسّعيّ لا يفصل بين يهود وعرب، وإن عزل مناطق عربيّة وفي مقدّمتها القدس عن محيطها الفلسطينيّ، وهو جدار توسّع بامتياز.
الحفاظ على الوضع الحاليّ في المسجد الأقصى: المسجد الأقصى جزء من عقيدة المسلمين، فهو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، وأحد المساجد الثلاثّة التي تشدّ إليها الرّحال، ومعراج خاتم النّبيّين صلوات الله وسلامه عليه، وهذا المسجد جرى تقسيمه زمانيّا، ويسمح للمتدينين اليهود باقتحامه وآداء صلوات تلموديّة فيه بشكل شبه يوميّ، ويدعون إلى هدمه أو تقسيمه في أحسن الحالات؛ لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، ويُمنع المسلمون من دخوله في حالات كثيرة، ويتمّ اقتحامه وتكسيره محتوياته وتدنيسه، فتصدر بيانات من حكومات وتنظيمات وأحزاب تستنكر ذلك وتطالب بإلحفاظ على الوضع الحالي! بدلا من التّركيز على إسلاميّة المسجد، وأن لا أحد غيرهم يحقّ له الصّلاة فيه. ويجب الحفاظ على قدسيّته.