التّعاطف مع المقاومين المطاردين ليس جديدا على شعبنا كما فعل أبناء مخيم شعفاط عندما قصّوا شعورهم كلّيّا؛ لتضليل المحتلين الذين يطاردون مقاوما حليق الشّعر، ففي ثورة العام 1936، كان الجهاد المقدّس الذي قاده الشهيد عبدالقادر الحسيني، يتمركز في الرّيف مع جنوده الرّيفيّين، حيث يعتمر الرّيفيّون الفلسطينيّون الكوفيّة والعقال، بينما يعتمر رجال المدينة الطّربوش الذي أدخله ابراهيم باشا إلى فلسطين من مصر. وصارت قوّات الاحتلال البريطاني تفتّش وتعتقل أبناء الرّيف عندما يرتادون المدن، وتعرفهم من الكوفية والعقال، فدعت قيادة الجهاد المقدّس أبناء المدن لتغطية رؤوسهم بالكوفيّة والعقال؛ كي لا يميّز المحتلّون ابن المدينة من ابن الرّيف، وأوّل من اعتمر الكوفيّة هو الشّهيد عبدالقادر الحسيني قائد الجهاد المقدّس، ومن كان يسير من أبناء المدينة وعلى رأسه طربوش، يزفّه الأطفال ساخرين منه قائلين:
ارمِ الطّربوش يا تيّوس
الحطّه والعقال بخمس قروش.
وقصّة حسناء الفلسطينيّة التي هربت مع "غبيشي"عشيقها الأردنيّ في أربعينات القرن الماضي معروفة ومشهورة، ويغنّيها كثيرون في مناسبات مختلفة عندما استعان والدها بقوات الاحتلال البريطاني لاستردادها، وكانت تحاوره وهي تسهر عليه تراقب الجنود البريطانيين، وممّا قالاه:
حسناء: (“حيِّدْ عنِ الجيشي يا غبيشي……. قبل الحناطير ما يطلُّوا
غبيشي: (وَاحَيِّدْ عن ِ الجيشي لويشي……. ولْ يِقحَم غبيشي يا ذلُّو
حسناء: ” عين دربَكْ زين شيل شدّي……. واقطع درب الصِّين واعَى تهدِّي
تراهُنْ جايينْ فندي وفندِي…….معَاهُمْ مارتينْ وبرابيلُّو
غبيشي:(ماخِذْ متراسي وقاعِدْ حاضرْ……. فرودي حُرَّاسي والخناجرْ
وبساحة ْ برجاسي مين يخَاسِرْ……. ومِنْ عنِّة رصاصي يولُّو
حسناء: ” يا ويلي عليكْ ويلي حينَكْ……. مالكْ قبيلهْ حتى تعِينَكْ
وإن صابكْ إشي وحياة عينَكْ……. لقُصِّ الجديلهْ وشعري حِلُّو
غبيشي: (وِينِكْ يا حسنا وقت العَركِهْ……. ودموم سايلِهْ مثل البِركِهْ
وإن قتلوني إوعِكْ تبكي……. وغبيشي ارحمنوا حَسَنلُو
حسناء: ” نزلْ العسكرْ ووقف القايِدْ……. وبصوتو الغدَّارْ قتلَكْ رايِدْ
يا الله يا ستَّارْ كلّ سايدْ……. وغبيشي المغوارْ لا يذلُّو
عبيشي: (قوطرُوا صوبي يبغوا قتلي……. مشيوا دروب إل ما بغتلي
سمعت محبوبي يزغرتلي……. أعطيتهم نوبِهْ قلوب خلُّو
حسناء: ” لوِ إنَّكْ جبان ما حَبِّيتَكْ……. تقهَر العدوانْ يُعمُرْ بيتَكْ
باكِرْ في البلدانْ يفقعْ صيتَكْ……. تسمَع العُربانْ وتجلُّو (تجلُّو)
غبيشي:(لا يهمني الجيش ولا الدولِهْ……. بيدي إم كركار وإلهَا صُولِهْ
وقت شبوب النار تبقي تقولي……. وغبيشي الغوار لا تذلُّو
هَدَر الماتورْ وإجَا العسكَرْ……. إتنعشَرْ طابُورْ والاَّ أكثرْ
والسيف المشهُورْ وفردي المَنشرْ……. وعددهُم موفورْ الله يقلُّو
شوفي رصاصاتي ما يخيبُو……. بقلوب عداتي دوم يصيبُو
وثلاث ساعات قبل ما يغيبُو……. راحُوا شتاتي وما يندلُّوا
غبيشي:(” بُو حنيكْ” أعطيتُو منِّي هديِّهْ……. ثلاث دعيتو بحالِهْ رثيِّهْ
وخرَّبتْ بيتُو بها العطيِّهْ……. وخلفي رميتُو بطنُو يغلُّو
حُطّي إيدِكْ بيدِي لنوَلّي……. لوين تريدي ما تندَلّي
والعيشِهْ طريدِهْ ولا تذلّي……. ولا تقلُّو سيدي وتخضعلُو
سافرُوا العشَّاق بليل الدَّاجي……. يا عناق وبوس وضمّ وغناجي
يا الله للمشتاق تقضي حاجِهْ……. والحلو ما يِنذاقْ تا تذوق خِلُّو