فُصل جمال نزال من حركة فتح، لإساءته لحركة فتح أولاً، ولتصريحاته الهوجاء غير المعبرة عن موقف فتح ثانياً.. هذا ليس نص قرار، ولا إشاعات نستمع لها هنا أو هناك، ولا هي تضارب أنباء يؤكدها بعض أقطاب الحركة وينكرها السيد نزال على صفحته الفيسبوكية، وإنما هو تأكيد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأخ توفيق الطيراوي، خلال حديث أجري معه حول مجمل الأوضاع الفلسطينية التي نعيشها.
ولقد جانَب الأخ بكر أبو بكر الصواب، حينما تبرع للدفاع عن نزال في مقال خاص، ذلك ليس لأن المتهم مدان حتى لو ثبتت برائته، وإنما لكون قضية السيد نزال لا تتعلق فقط بتصريحاته الأخيرة حول العدوان على غزة، وإنما بمنهجية تصريحاته المخالفة للموقف الرسمي الحقيقي لحركة فتح. هذا أيضاً ما سمعته من أعضاء في المجلس الثوري لحركة فتح، التي أساء نزال لتاريخها المشرف، ولقد أحسنت فتح التصرف بفصله.
في الجانب الآخر، علق الدكتور موسى أبو مرزوق على جريمة الاعتداء على الدكتور جواد عواد، بالقول: إنه فوجئ، كقائد ومسؤول سياسي،بهذا العمل غير المسؤول وغير اللائق، مؤكداً أنه: "لا يجوز أن تمضي الحادثة دون تحقيق ومعاقبة المسؤولين عن هذا الفعل المسيء".
كلام الدكتور أبو مرزوق، لا شك، كلام محترم ويقدر عالياً، وعليه وجب أن يعلم الدكتور وكل قادة حماس المحترمين، أولاً، أن الحادثة، حادثة مدبرة بشكل مسبق، بدليل البوسترات التي كان يحملها عدد من المهاجمين، وعدد آخر أمام مستشفى الشفاء، فضلاً عن تلك اللوحة المُسيئة التي كتبت على الأرض في مدخل المستشفى. ثانياً، أن الفاعلين في هذه الحادثة أيضاً هم بعض الناطقين والمقربين من الحركة، عبر تصريحاتهم المباشرة وغير المباشرة، فهذا مثال تحريض واضح، جاء على صفحة أحدهم وهو يقول: "خلال أقل من ساعة، وزارء حكومة "الدولة الشقيقة" سيكونون في مستشفى الشفاء، يا أهالي الشهداء، يا أهالي الجرحى، يا أصحاب البيوت المدمرة، نريد استقبالاً حاراً للوزراء، مع صورة من محال أحذية!". ناهيك عن بعض التصريحات غير المسؤولة من الناطق باسم الحركة "مشير المصري".
خلاصة القول: إن انفلات مثل هذه الأصوات وبهكذا تصرفات حمقاء، في مثل هذا الوقت المصيري من مسيرة قضيتنا، إنما يضر أولاً بالقضية وشعبها أينما وجد، بل وأنها تعد عبءاً ثقيلاً لسنا بحاجة إليه، كي نطوي صفحة الانقسام البغيض.
وعليه، حسناً فعلت فتح بفصل نزال، ليكون عبرة لمن يعتبر في هذه الحركة العملاقة التي أطلقت الرصاصة الأولى لتخرج عبر عقود عدة، قادة عظام بمواقفهم المشرفة دائماً مع المقاومة.
وحسناً طالب الدكتور موسى أبو مرزوق بإجراء تحقيق فوري وضروري في حادثة الاعتداء على الدكتور جواد عواد وزير الصحة، على أمل أن يرتقي قرار حماس لمستوى الفعل الوطني في مثل هكذا حالات. وهذا أيضا ليس لأن الكل منا يتصيد للآخر، وإنما لأن الغلو في الصمت، أو توظيف لغة التورية لا يعني إلا العجر التام.
إن انتشار الأمراض المعدية، أو ما يسمى "الخمج"، إنما ينتقل من إنسان إلى إنسان، أو من حيوان إلى حيوان، بواسطة وسائل مختلفة، وهو لا يضر فقط أبناء حي أو بلدة بعينها، وإنما يطال كافة القرى والبلدات المجاورة، إلى أن ينال من السواد الأعظم من أبناء الوطن الواحد، وهكذا هي هذه الأصوات النشاز، فمنْ يعتقد أن مثل هذه الأصوات تنتصر لفصيلها أو حزبها، يكون مخطئاً لا شك، بل على العكس تماماً، أنها تسيء أولاً وثانياً وعاشراً لفصيلها أو حزبها، ومن ثم لوطنها وقضيتها، ولذا أنقل لكم صوت آلاف الجماهير، وصوت حالها يقول: "أخرسوهم قبل أن يتكاثروا".