السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الدراسات الفلسطينية تطلق مؤتمر مراجعة الانتداب البريطاني على فلسطين في جامعة بيرزيت

ندوة بعنوان الانتداب البريطاني: السياق التاريخي

2022-10-31 12:40:42 PM
الدراسات الفلسطينية تطلق مؤتمر مراجعة الانتداب البريطاني على فلسطين في جامعة بيرزيت

الحدث الثقافي

أطلقت مؤسسة الدراسات الفلسطينية بالشراكة مع العديد من مراكز الأبحاث في فلسطين والمنطقة وفي أوروبا وأميركا الشمالية، اليوم الاثنين، فعاليات مؤتمر مراجعة الانتداب البريطاني على فلسطين، في معهد ملحق الحقوق بجامعة بيرزيت.

وافتتح اليوم الأول من المؤتمر بندوة بعنوان "الانتداب البريطاني: السياق التاريخي"، والتي أدارها الأكاديمي في جامعة بيرزيت نظمي الجعبة، وشارك فيها كل من ماهر الشريف، غبريال بولي، ماجدالينا بيسيسكا، حسين عيسه، لورينزو كامل.

وقال الأستاذ المشارك في دائرة التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت نظمي الجعبة  إنه لا يمكن فهم فترة هذا الاحتلال بغض النظر عما جرى بكل القرن التاسع عشر وبعد حملة نابليون على الشرق، مشيرا إلى وجود شح في الأبحاث التي تتطرق إلى التطورات التي جرت في فلسطين في تلك الفترة، من حيث الآثار، التراث الثقافي، التعددية العرقية، المجموعات الإثنية والعربية المختلفة التي حضرت إلى فلسطين.

ونوه الجعبة إلى وجود أبعاد وطبقات مثيرة لهذه الفترة، لم تجرى عليها دراسات بعد، ضاربا مثالا حول النقلة النوعية التي تمت على أوضاع المباني التاريخية في القدس، في الفترة التي سبقت الاحتلال البريطاني، وكيف كان وضعها وقد تردى، وكيف استطاع المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني القيام بعملية شاملة ضمت غالبية المواقع في فلسطين لترميم المباني التاريخية. 

بدوره، تطرق رئيس دائرة الأبحاث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية ماهر الشريف في مداخلته عبر تقنية "زووم" إلى الآلية التي تحددت بها حدود فلسطين التاريخية، مفترضا أن الاستعمار البريطاني هو الذي وضع هذه الحدود بالشراكة مع المنظمة الصهيونية وفي غياب مشاركة العرب الفلسطينيين الذين حرموا من حقوقهم السياسية منذ صدور وعد بلفور.

وعن آلية ترسيم حدود فلسطين الجنوبية (متصرفية القدس مع مصر) أوضح الشريف إنه قد تم ترسيمها منذ عام 1906 ففي مطلع ذلك العام صرح السلطان عبد الحميد أن شبه جزيرة سيناء تتبع الدولة العثمانية، وفي 3 أيار 1906 أراد العثمانيون أن ينشئوا فرعا لخط سكة حديد الحجاز يصل من معان إلى العقبة على البحر الأحمر، فنشأت بين بريطانيا والسلطنة العثمانية أزمة حدود عرفت باسم أزمة العقبة أو أزمة طابا، خصوصا بعد أن قامت القوات العثمانية باحتلال طابا، فاعتبر البريطانيون أن احتلال طابا ينطوي على تهديد لمصر وقناة السويس خصوصا، واستعرضوا قوتهم البحرية فتخلى السلطان عن مشروعه ووقعت اتفاقية في مطلع تشرين الأول كرست إلحاق طابا بالقرب من العقبة ضمن حدود مصر، وتم ترسيم الخط من رفح على البحر الأبيض المتوسط إلى طابا على البحر الأحمر خطا للحدود المصرية الفلسطينية".

وأردف: "في 10 تموز 1922 أصبحت منطقة النقب جزءا من فلسطين وذلك إرضاء للمنظمة الصهيونية التي كانت تضغط على بريطانيا كي تؤمن لها امكانية الوصول إلى البحر الأحمر".

أما عن ترسيم الحدود الشمالية لفلسطين الانتدابية فأوضح الباحث إنها كانت أكثر تعقيدا، لأن الأمر متعلق بحدود تفصل بين المناطق الخاضعة للسيطرة الفرنسية والمناطق الخاضعة للسيطرة البريطانية، وتمر عبر مناطق مكتظة بالسكان، أما الاختلاف الثاني الذي ميز الحدود الشمالية، أنها كانت حدودا مائية.  

وبحسب الباحث، في بادئ الأمر طالب البريطانيون أن تشمل حدود فلسطين نهري الليطاني والأردن، لتلبية احتياجات الحركة الصهيونية، على اعتبار أن مستقبل فلسطين الاقتصادي كله يعتمد على إمدادات الري وتوليد الكهرباء، وإمدادات المياه يجب أن تتأمن بصورة رئيسة من سفوح جبل الشيخ، ومنابع نهري الأردن والليطاني، بحيث تشمل حدود فلسطين جنوب غرب سوريا وجنوب لبنان حتى جنوب صيدا.

وأردف: في 23 كانون الأول 1920 اتفقت الحكومتان البريطانية والفرنسية على تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود في المناطق الخاضعة لنفوذهما، وبعد أن تكرست لدى ممثليهم فكرة أن فلسطين تمدت من دان في الشمال إلى بئر السبع في الجنوب، وصار البريطانيون يركزون جهودهم على السيطرة على منابع نهر الأردن، وروافدها وأهمها اليرموك، توصلت هذه اللجنة المشتركة عام 1922 إلى اتفاق لتثبيت حدود فلسطين مع سوريا ولبنان، وهكذا ولد الخط المعروف بكولين نيو كام وهو وخط لم يكتمل سوى بإجراء تعديل حدودي آخر بموجبه سلخ سهل الحولا عن لبنان ونقل من السيطرة الفرنسية إلى السيطرة البريطانية ما نجم عنه سلخ 7 قرى حدودية عن لبنان أصبحت جغرافيا داخل فلسطين بينما ألحق سكانها بلبنان.

وفيما يتعلق بالحدود الشرقية قال الباحث إن المفاوضات المباشرة بدأت بين السكرتير الأول في وزارة الخارجية البريطانية، وممثل المنظمة الصهيونية حول مضمون صك الانتداب البريطاني على فلسطين في تموز 1919، وتوصل الطرفان إلى مسودة اتفاق لم تتضمن أي إشارة إلى شرق الأردن، ولاحقا أجريت تعديلات عليها، وأستبدلت صيغتها إلى صيغة تشير للصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي في فلسطين وإلى الأسباب التي تبعث ليس على إعادة بناء فلسطين بصفتها الوطن القومي للشعب اليهودي، وإنما لإعادة إنشاء وطنهم فيها، ولاحقا، أدرجت مادة عن شرق الأردن ضمن صك الانتداب.

"التعديلات التشريعية على قانون الأراضي العثماني وأثرها في نجاح مشروع الوطن القومي اليهودي"

بدوره، شارك أستاذ القانون المدني في جامعة بيرزيت حسين العيسه بورقة بعنوان التعديلات التشريعية على قانون الأراضي العثماني وأثرها في نجاح مشروع الوطن القومي اليهودي.

وأوضح العيسه أن قانون الأراضي العثماني عام 1958 هو القانون الأول الذي يشرع في فلسطين إبان الإدارة العثمانية لها، لينظم ملكية الأراضي، وبموجبه قسمت الأراضي 5 أنواع وهي: الأراضي المملوكة، الأميرية، الوقفية، المتروكة، الموات.

وبحسب الأكاديمي في جامعة بيرزيت حظي هذا القانون باهتمام خاص للنوع الثاني التي تعود ملكيتها للدولة (بيت المال)، والتصرف يكون فيها للشخص (المزارع)، موضحا أن نظام الأراضي الأميرية كان بيئة خصبة للانتداب البريطاني ليعبث في التشريعات المتعلقة فيها، لخدمة فكرة إنشاء الوطن القومي اليهودي.

 ومن ألمع التشريعات التي عدلت الإطار القانوني لقانون الأراضي العثماني آنذاك هي الأراضي المحلولة، وقانون الأراضي الموات، وقانون الأراضي المعدل للعام 1921- و1933، وفقا للعيسه.

وأول القوانين الهامة التي أسست لفكرة لم تكن موجودة في قانون الأراضي العثماني، هو قانون انتقال الأراضي للعام 1920، وهذا القانون هدف إلى إنشاء دوائر تسجيل للأراضي حديثة لم تكن موجودة في العهد العثماني، وربط هذه الدوائر بسلطة الانتداب البريطاني، بحيث أوجبت المواد 4 و11 من هذا القانون على ضرورة موافقة مأمور الطابو التابع لسلطة الانتداب البريطاني، على أي تصرفات تجرى على الأراضي في فلسطين، ذلك بهدف التضييق على السكان الفلسطينيين في مسألة التصرف في الأراضي، وفقا للعيسه.

أما القانون الثاني والذي ما زال أثره قائما حتى هذه اللحظة، بحسب الأكاديمي هو قانون الأراضي المحلولة، وهو قانون نظم جزئية بسيطة من الأراضي الأميرية التي تعود ملكيتها للدولة والتصرف يعود فيها للمزارع، وهذا المزارع بموجب المادة 68 من القانون العثماني الأصلي والتي تنص على أن أي مزارع يترك أرضه 3 سنوات متتالية دون زراعة أو تصرف، تعتبر محلولة، وتعتبر مستحقة للطابو، والانتداب البريطاني استغل هذه الثغرة، لأن هدفه السيطرة على أكبر مساحة من فلسطين ومنحها للعصابات الصهيونية، وما زال مطبقا حتى اللحظة.

وبالإضافة إلى ذلك، في العام 1921 ما يسمى بقانون الأراضي الموات، وهي ما لا ينبت فيها شيء، وتبعد ميلا ونصف عن التجمع السكاني أو التي لا يصلها جهير المؤذن أو التي تحتاج المشي لمدة نصف ساعة للوصول إليها، حسب القوانين العثمانية، ودائما ما تكون وديانا أو قمم جبال، وبموجب المادة 103 من قانون الأراضي العثماني التي نصت على أنه لا يجوز لأي شخص التصرف في هذه الأراضي إلا بموافقة مأمور الطابو العثماني آنذلك، وهذا الأمر لم يرق لسلطة الانتداب البريطاني فوضعت في العام 1921 ما يسمى بقانون الأراضي الموات جاء نسخا لنص القانون العثماني مضيفا جملة: "كل من يحيي أرض الموات دون إذن المأمور يعتبر مرتكب جرم جنائي يعاقب بالحبس والغرامة".

أما الخطورة الأكبر فكانت مع صدور مرسوم دستور فلسطين، وفقا للعيسه، فبالرجوع إلى نصوص هذا المرسوم لا سيما المادة 12 منه، تناط بالمندوب السامي جميع الحقوق في الأراضي العمومية أو الحقوق المتعلقة بها، وله أن يمارس تلك الحقوق بكونه أمينا عن حكومة فلسطين، بمعنى أن كل الأراضي التي لا يوجد لها مالك تصبح كالدفتر بيد المندوب السامي، والفقرة 2 من نفس المادة تناط أيضا بالمندوب السامي كافة المناجم والمعادن داخل الأرض، أي أنه أخذ ما فوق الأرض وما تحتها، وكذلك المادة 13 تنص على أنه يستطيع وهب هذه الأراضي لمن يشاء.

ويرى العيسه أن هذه القوانين هي موضوعية مكنت سلطة الانتداب البريطاني في ظل وجود بيئة خصبة كانت سائدة في فترة الحكم العثماني.

أما فيما يتعلق بالتشريعات الإجرائية أوضح الأكاديمي أنه في العام 1929، وانطلاقا من فكرة الطابو العثماني وضعت سلطات الاستعمار البريطاني ما يسمى بقانون تسوية حقوق ملكية الأراضي عام 1928 يعني أوجد سجل عقاري جديد غير مبني على قانون الطابو العثماني لكنه مشابه لها.

يذكر أنه شارك في الندوة أيضا عبر تقنية زووم، باللغة الإنجليزية كل من: المؤرخ والمؤلف لورينزو كامل وتمحورت مداخلته حول انتداب فلسطين التداعيات القانونية، كما شاركت الباحثة ماجدالينا بيسينسكا بمداخلة حول عولمة فكرة الدولة/الأمة ومشاريع الاستعمار الاستيطاني، والباحث غابريل بولي في مداخلة غطت فترة ما قبل الانتداب البريطاني تتبع خلالها الأفكار والخطط الاستعمارية التي سبقت الاحتلال.