الحدث- أحمد زكارنة
وسط حضور جماهير غفير يفوق وصف الأبجدية، انطلقت فعاليات الأسبوع الثقافي الفلسطيني في مدينة قسنطينة ضمن فعاليات إحتفالية قسنطينة عاصمة الثقافة العربية للعام 2015. في تظاهرة ثقافية عربية النكهة فلسطينية المذاق.
وكما كان متوقعاً حضر إلى مسرح الإفتتاح اضعاف عدد المقاعد المخصصة للجماهير ، وكأن الجزائر وشعبها الأبي متعطش لكل رائحة فلسطينية قادمة من الداخل الفلسطيني، لا لتقول إن القدس درة التاج وعاصمة الروح، وإنما لتؤكد أن الهم الفلسطيني لم ولن يكن يوماً إلا هماً جزائرياً خالصاً.
وبدأت الأحتفالية بالسلامين الوطنيين الفلسطيني والجزائري في ظل تفاعل جماهير مع كلمات كلا النشيدين، ليرحب عريف الحفل الشاعر عصام الديك، بالجماهير والضيوف الجزائرية في ضيافة فلسطين الحاضرة رغم الصعاب. مشيراً إلى عمق العلاقات الفلسطينية الجزائرية ليس فقط لكون اول اعلان لاقامة الدولة الفلسطينية في العام 1988، وإنما للعوامل التراثية والثقافية والفنية والفكرية التي تربط الشعبين الشقيقين
وانطلق الأسبوع الثقافي بمعرض للصور والخط والنحت التي تعبر عن تاريخ القضية الفلسطينية، حضارتها وثقافتها الضاربة في عمق التاريخ، في مجابهة فاعلة، قدمها الفنانيين زكي سلام في معرض النحت والفنان أحمد داري في معرض الصور، وورشة للفن التفاعلي "لون فلسطين" التي أشرف عليها الفنان سميح أبو زاكية المتخصص بشؤون فنون الأطفال، وحظيت بمشاركة عدد كبير من الجمهور، حيث قامت الورشة على فكرة رسومات مخطوطة عن فلسطين والقدس يقوم بتلوينها المشارك بالوان العلمين الفلسطيني والجزائري.
وجاء عنوان الجزائر وفلسطين تاريخ ومستقبل، عنواناً فريداً لمعرض الصور الذي قام عليه أسعد قادري رئيس جمعية الأخوة والصداقة الفلسطينية الجزائرية، وقدم لمحة تاريخية تجسد عمق العلاقات التاريخية الفلسطينية عبر كافة المراحل بدأ من افتتاح أول مكتب للثورة الفلسطينية في الجزائر في عهد الرئيس بن بيلا وإلى يومنا هذا مرورا بالروساء هواري بو ميدين والشاذلي بن جديد وصولا إلى الرئيس بوتفليقة وعلاقتهم بالزعيم الراحل ياسر عرفات والرئيس محمود عباس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية التاريخية
وشمل حفل الأفتتاح فقرات فنية وتراثية قدمها الفنان والموسيقى أحمد داري والزجال الشعبي عبد الله غانم، إلى جانب فرقة العودة للفنون الشعبية التابعة للمركز الثقافي لسفارة فلسطين في الجزائر، حيث تفاعل الجمهور معها بشكل لافت اضاف لاجواء حفل الاعلان نكهة وطنية قل نظيرها.
وجاءت كلمة فلسطين التي القاها السيد هيثم عمايرة المستشار الثقافي لسفارة فلسطين في الجزائر نيابة عن السيد لؤي عيسى سفير فلسطين في الجزائر لتشير إلى جذور الروابط الثورية ما بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والجزائري، قائلا: جئنا نطمئنكم رغم الجراح ورغم المعاناة المستدامة التي يذكرنا بها شهر أيار "مايو" حيث الذكرى السابعة والستين للنكبة، وتشتيت شعبنا، تلك النكبة التي ما زالت رحاها تدور إلى يومنا هذا، رغم كل ذلك نحيا، فقد تعلمنا من تجربتكم بأن الباطل مهما طال فمصيره حتما الهزيمة والزوال، وأن الحق باق.
وبعد اعلان الأسبوع الثقافي الفلسطيني انطلقت الفعاليات الأدبية تحت عنوان يوم القدس التي أدارها الشاعر عبد السلام العطاري ودارت حول اوضاعها السياسية والاجتماعية والتربوية، مناقشات عدد من الكتاب المشاركين ذوي الاختصاصات العلمية والثقافية والفنية والجمهور ، حيث كان عنوان القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية بين الواقع والمطلوب هو محور الندوة التي قدمها السيد موسى أبو غربية أمين عام المكتب التنفيذي للجنة القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، والذي اشار فيها إلى اسهامات القدس في المشهد الثقافي العربي والإنساني.
ومن عنوان القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، انتقل المحور إلى واقع الثقافة في القدس، والذي تحدث حوله الكاتب والباحث المقدسي جميل السلحوت، منوهاً إلى حجم محاولات التهويد التي يحاول الاحتلال وأدواته القيام بها لطمس الهوية العربية الفلسطينية من المدينة المقدسة، في مجابهة ما زال الفلسطيني المقدسي صامداً فيها حتى اليوم، مطالبا كافة الجهات العربية الرسمية منها والشعبية القيام بدورها المنوط في هذه المواجهة باعتبار القدس خط الدفاع الأول والأخير لتحصين الإنسان الفلسطيني في مدينته المقدسة.
ولم ينتهي السلحوت من استعراض حالة المشهد الثقافي في القدس، حتى راحت الكاتبة والباحثة المقدسية ديمة السمان تتحدث عن "واقع التعليم في القدس" والصعوبات التي تواجهها الرواية الفلسطينية على الصعيد التربوي، مشيرة إلى محاولة المحتل تدجين الوعي الجمعي من خلال تزوير التاريخ المستعرض للناشئة.
أما الأمسية الشعرية الفلسطينية التي حضرها عدد كبير من الجمهور وحلق فيها كل من الشعراء، مراد السوداني الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطيني، والشاعر د. نصوح بدران والشاعر سميح محسن ومرافقة موسيقيه على العود للفنان أحمد داري، فقد بدأها السوداني الذي فوجئ بصعود أحد الحاضرين من الجمهور ليوشحه بالعلم الجزائري، بثلاثة قصائد جاءت تحت عناويين: "ثلاثون مرت، بلاد، قال الفتى"، فيما اختار الشاعر نصوح بدران أن يبدأ مشاركته بقصيدة مهداة للشعب الجزائري جاء فيها:
إلى التي منحتني أن أقول لها حبيبتي
إلى التي يتدفق دمها في شراييني اليابسه
وغسلت وحل نفسي بدماء شهدائها
ليكمل بدران مشاركته بقصائد جاءت بعنوان " في يوم الأرض، ويا جزائر".
فيما قدم الشاعر سميح محسن قصيدة حوارية مع قصيدة سميح القاسم الأخيرة، التي تحدى فيها الموت ، وأخرى بعنوان سلامي الأخير.
الملفت كان الحضور الفاعل للجالية الفلسطينية ونشطائها الذين قدموا كل ما يمكن تقديمه لانجاح الاحتفالية بقيادة النشطاء المتطوعين نظير حداد وفضل علان ويامن قديح عاصف تميم والعشرات من الجنود المجهولين.
يذكر أن الأقبال الجماهير ي على الأسبوع الثقافي الفلسطيني، كان اقبالا لافتا ومدهشاً، شهد العديد من المشاركات الجماهيرية سواء على صعيد الدبكة التي اخذت حيزاً كبيراً من الفعل الجماهيري في حلقات تلقائية أو على صعيد التفاعل مع الندوات والأمسيات.