الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أين يتجه الاهتمام الشعبي؟| بقلم: نبيل عمرو

2022-11-02 10:30:37 AM
أين يتجه الاهتمام الشعبي؟| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

المقياس الحقيقي والدقيق لأهمية أي حدث هو مدى تفاعل الجمهور معه ومتابعة علاجه.

الحدث الأهم الذي استحوذ على اهتمام الجمهور في هذه الأيام هو إضراب نقابة الأطباء الذي أسفر عن قرار مرتجل من جانب السلطة، ما فاقم الأزمة وجعل الفلسطينيين في حالة قلق متزايد، فالأطباء لهم وضع خاص في حياة المجتمع.

رحب الفلسطينيون جماعيا بإنهاء الإضراب دون التدقيق في الخلاصات السياسية لما حدث، ودون الاهتمام بالإجابة عن سؤال من الذي تراجع الأطباء أم السلطة.

رحب الفلسطينيون بالنتائج لأنهم عمليون ويلتزمون بشؤونهم وشؤون أولادهم وعائلاتهم وحياتهم اليومية.

وما إن أغلق باب أزمة الأطباء حتى انصرف الاهتمام الفلسطيني إلى عملية الخليل التي هزت أركان الاحتلال، خوفا من جانبه أن تتعمم الظاهرة وتتطور وأن لا تقتصر على مكان محدد أو تشكيل محدد أو مبادرات فردية، وهذا المستوى من الاهتمام لا يتوقف عند حالة معينة بل يظل هاجسا دائما في حياة المواطنين الذين ينامون على عملية مُقاوِمة ويفيقون على اجتياح انتقامي.

وفي هذه الأيام يتم حدث متزامن مزدوج الأول هو الانتخابات الإسرائيلية التي وإن كانت نتائجها لا تعلق عليها الآمال إلا أنها تؤثر مباشرة في حياة الفلسطينيين سواء في الضفة والقطاع والقدس أو في ما وراء الخط الأخضر، فمن هو الذي لا يهتم بأن يكون سموترتيش وبن غفير وزراء في حكومة برنامجها العقائدي والسياسي والعملي تصفية الروح الفلسطينية قبل تجلياتها السياسية والكفاحية.

الاهتمام الفلسطيني بالانتخابات الإسرائيلية ينبثق عن معادلة فرضت على الفلسطينيين ولم يختاروها، وهي أن الشأن الفلسطيني صار أحد أهم مجالات التنافس بين الإسرائيليين ليس من جهة من يقترح حلا معقولا لمعضلة طويلة وإنما من زاوية من هو الأكثر شراسة وفاعلية في قمع الفلسطينيين وإلغاء حقوقهم السياسية الرئيسية.

والفلسطينيون لا يهتمون بالانتخابات الإسرائيلية انتظارا لأن تأتي بمعجزة فهم جربوا جميع من تناوبوا على الحكومة ممن كانوا يسمون بـ الحمائم أو الصقور، فإذا بهم بالخلاصة مع الفلسطينيين لا فرق جوهري بينهم، وهذه طبيعة الأشياء وأنها لظاهرة صحية أن يهتم الفلسطيني بكل شأن إسرائيلي كي يعرف أين يضع أقدامه في حالة الصراع المستديم مع الاحتلال ومخططاته، وكذلك لكي يتآلف مع إخوته وراء الخط الأخضر فيرى أين مصلحتهم من أي تطور يجري هناك، وأهلنا وراء الخط الأخضر لا يخفون اندماجهم وتفاعلهم مع بني جلدتهم في كل مكان بدءا بغزة وليس انتهاء بالقدس.

كل ما تقدم من اهتمام شعبي مفهوم ومشروع ومفيد إلا أن ما لفت نظري حقا هذا اليوم هو تواضع الاهتمام الشعبي وحتى الصحافي والإعلامي بالحدث الذي كان يوصف فيما مضى بالأهم على الصعيد العربي وهو القمة.

مستوى الاهتمام الشعبي لهذه القمة يبدو على حافة الصفر، تماما بما يشبه الاهتمام الشعبي حين تصدت الجزائر الشقيقة لإنجاز مصالحة نهائية مكتملة بين الفلسطينيين.

قلة أو انعدام الاهتمام بالقمة ناجم عن تراث متصل من التراجعات التي اجتاحت هذا الإطار العربي وجعلته يعمل بصورة متقطعة ودون قرارات ذات شأن.

قمة الجزائر التي أعلن رئيسها مشكورا بأنها قمة من أجل الفلسطينيين ستدخل منذ اليوم الأول لانفضاضها اختبار الفاعلية وليس سباق اللغة، والفلسطيني ينتبه إلى الجدية فيما يتصل به فقد سأم اللغة وسأم الشعارات وسأم التوصيفات، لهذا فإن الاهتمام الشعبي بالقمة والذي هو الآن في حدوده الدنيا سيختبر فيما سيحدث بعد القمة، هل سيشهد الفلسطيني تطورا جديا فعالا على مستوى دور عربي قوي ومواظب لفرض حل سياسي عادل لهذه القضية كما سينتظر العربي إجابة عن سؤال هل قمة لم الشمل ستلم الشمل حقا بعد انفضاضها، الحكم في كل ذلك هم الناس وهم أصحاب القرار الذي هو الأكثر دقة في التقويم.