السقوط ليس فشلا إنما الفشل أن تبقى حيثما سقطت، هذا ما قاله الفيلسوف والمفكر كونفوشيوس منذ زمن طويل، والفشل ليس خطيئة والشجاعة والمسؤولية تتطلب صراحة وواقعية وجرأة وليس دفن الرؤوس بالرمال والعيش بالأحلام والتمنيات التي ليست لها علاقة بالواقع.
باعتقادي أن هذا التوصيف ينطبق علينا كشعب فلسطيني قيادة، قوى، مؤسسات وحتى أفراد.
بداية نحن فشلنا حين اعتقدنا أننا استثناء ليتبين مع الزمن أننا شعب عربي، شرق أوسطي طبيعي مثل الآخرين، لم ننجح ببناء هوية واحدة جامعة ورواية واحدة لتاريخنا وحاضرنا.
فشلت حركتنا الوطنية بكل مركباتها عندما حولنا الهزيمة إلى نصر، في الأردن ولبنان والانتفاضة الثانية.
فشلنا حينما اعتقدنا أننا منتصرون في أوسلو عندما أعطينا شرعية لكيان غاصب محتل على الجزء الأكبر من بلادنا.
وفشلنا لاحقا كقوى المجتمع المدني حينما انحرفنا عن فكرنا المساند للشعب إلى أفراد وجماعات تمارس الرياضة الكتابية والمؤتمرات الوهمية لإرضاء الداعمين بعيدا عن خدمة المواطن.
فشلنا كقوى معارضة وضع شعبنا أمله فيها عندما وصلنا إلى السلطة في الجزء المسلوب من الوطن حفاظا على الكرسي وامتثالا لتعاليم المعلم الأكبر.
فشلنا حتى في إرساء قاعدة لمجتمع متماسك يطمح للاستقلال وعشنا كذبة الدولة الوهمية وشكلنا وزارات وألقاب وهمية وحراسات ومرافقين وعشنا أضحوكة الدولة ونحن لا نزال تحت الاحتلال كما كنا منذ أكثر من نصف قرن.
وفشلنا حينما انحرفنا عن تطبيق مبادئ إعلان الاستقلال التي نصت على المساواة الكاملة وعدنا إلى المجتمع الذكوري الأبوي بعيدا عن أسس الدولة المدنية.
التأييد الدولي الرسمي والشعبي يتراجع وخاصة في دول ذات وزن عالمي مهم قدمت هي وشعوبها الدعم الكبير لنا إلا أن الصورة الآن تتغير، فشلنا في إدارة مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وفشلنا في رسم صورة موحدة للصراع مع المحتلين.
لن ينفعنا البكاء أو الصراخ في هذا الزمن والأسطوانة القديمة المكررة حول المقدسات والجدار لم تعد تلقى آذانا صاحية بالعالم وخاصة جيل الشباب.
العالم السريع التغيير بحاجة لرواية واضحة وصورة متماسكة لشعب موحد تحت الاحتلال ولمساهمات وإبداعات في مختلف الميادين الكفاحية والثقافية والعلمية والرياضية وغيرها.
هذه الصورة القاتمة لا تعني اليأس أبدا بل حافزا لمواجهة الحقيقة والانطلاق من جديد اعتمادا على طاقات أجيالنا الشابة أملنا المتبقي للمستقبل.