الثلاثاء  03 كانون الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مناصرة المرأة 16 يوما لا تكفي/ بقلم: عصام بكر

2022-11-16 09:13:26 AM
مناصرة المرأة 16 يوما لا تكفي/ بقلم: عصام بكر
عصام بكر

من المقرر أن تنطلق خلال الأيام القليلة القادمة الحملة النسوية السنوية لمناصرة المرأة التي ينظمها منتدى مناهضة العنف ضد المرأة بالشراكة مع شبكات وائتلافات واتحادات وأطر نسوية ومجتمعية عديدة بهدف الحد من تفشي الجرائم بمختلف أشكالها ضد النساء في بلادنا، وبعيدا عن الإحصاءات والأرقام فإننا ندرك حجم اتساع ظاهرة العنف بشكل عام الذي تكون المرأة والأطفال في معظم الأحيان ضحيته، وبمعزل أيضا عن الجدل الذي يرتفع ويهبط ثم يعود للسطح حول اتفاقية سيداو وهل تفي المرأة؟ حقها أم أنها (بدعة) غريبة هدفها ضرب الأسرة كنواة اجتماعية على طريق ضرب المجتمع كما يحاول البعض الترويج في محاولة لاستمرار إحكام القبضة الذكورية بطريقة مهينة على عنق المرأة ومنعها من الحديث عن حقوقها أو حريتها التي تريد وتحقيق ذاتها.

حملة الـ 16 يوما هي حملة نسوية مجتمعية دأبت المشاركات عليها على إعداد الوثائق والبرامج والخطط لإطلاقها على نطاق واسع بهدف فتح نقاش واسع في مناطق صنع القرار وفي أركان المجتمع كافة لتسليط الضوء على واقع المرأة الفلسطينية وهذا العام تكتسب الحملة أهمية خاصة كونها تنظم بالتزامن في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والداخل بمشاركة واسعة من مكونات المجتمع السياسية والنقابية والمهنية وتشمل العديد من الأنشطة والندوات واللقاءات إضافة لحملات إعلامية في ذات الوقت في إشارة لوحدة معاناة النساء في كل أماكن تواجدهن أيضا في الشتات وإن اختلفت أشكالها من منطقة إلى أخرى إلا أن الجامع بينها هو استهداف النساء سواء بالتمييز أو العنف أو غيرها من أشكال الاستغلال والأذى الذي يتعرضن له بفعل ذكوري يهيمن عليه أحيانا الغلاف الديني وصبغة العادات والتقاليد والموروث الثقافي يقدم صورة غير مناسبة للمرأة في نظرة دونية مجحفة لا تليق بها على الإطلاق.

ومع التحضيرات الجارية للشروع بالحملة تكمن حاجة ضرورية لأوسع انخراط في فعالياتها على المستوى الشعبي والمجتمعي وأن لا تقتصر على النساء لما يعبر عن اجتزاء مقيت للقضية وكأنها تخص المرأة وحدها لأننا نحتاج إلى حملات مناصرة وتوعية واسعة ولأن المرأة نصف المجتمع وتربي نصفه الآخر تقع عليها مسؤولية إعداد النشء وتحويله إلى قوة يعتز بنفسه قادر على المجابهة والتحدي وتحديد المسار والأهداف يملك رسالة المواطنة والانتماء والعطاء يجول أروقة العلم وينهل من منابع الحضارة والرقي بالمفاهيم والممارسة ربما الحملة التي تعنى بواقع المرأة والذهاب لعرض أوجاعها أمام المؤسسات الدولية والقناصل والبعثات الدبلوماسية في إشارات ذات دلالة هامة ضمن واقع الاحتلال وإجراءاته المتصاعدة تجعل القضية أكثر تعقيدا ما بين قمع الاحتلال وقمع اجتماعي لكنها جزء من السعي لنقل الملف للمؤسسات الدولية لتتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني، وأيضا تجاه المرأة الفلسطينية ضحية الاحتلال الأولى وهي جزء من مرتكزات العمل على الصعيد الدولي لشرح معاناة المرأة ومطالبة العالم بالتدخل لوضع حد لهذه المعاناة.

الحملة واسعة النطاق التي تستمر 16 يوما والجدل الذي يرافقها بين مؤيد أو معارض تأتي مع نهاية العام لتشحذ الهمم أن يكون العام القادم عام رفع الظلم وإحقاق الحقوق وقف قتل النساء مهما كانت الخلفية أو الهدف بما فيها ما يسمى جرائم الشرف، ووقف أشكال العنف الممارس هي أيضا مناسبة لفتح نقاش داخلي بعيدا عن الإقصاء ورفض الآخر باتجاه صياغة منظومة قانونية تحمي المرأة بإصدار قانون حماية الأسرة تطبيقا للقوانين التي انضمت إليها دولة فلسطين مؤخرا، وحري بنا أيضا بدل إصدار المراسيم والقوانين هنا وهناك أن نضع ونطبق القوانين التي تحمي حقوق الفئات المهمشة بما فيها النساء، والأطفال، وذوي الاحتياجات الخاصة في بلادنا، وأن نعيد الاعتبار للعديد من القيم المجتمعية ولغة الحوار لبناء قواسم مشتركة من شأنها أن تحمي الوجود الفلسطيني على الأرض، وإعداد الجيل وتسليحه باحترام حق الاختلاف وقواعد السلوك المبني على أساس أن حق المرأة حق إنسان، وأن المواطنة الحقة لا تقوم إلا على أساس تشاركي ولا يجوز ترك أطفال اليوم الذين سيكونون آباء وأمهات الغد رهينة لمعتقدات وتغذية ضارة ليس لها علاقة بتربية ولا بدين.

مطلوب العمل على استئصال ومحاربة ثقافات خبيثة جرى العمل عليها لتقليل مكانة المرأة في مجتمعنا، وتوسيع الحملات الداعمة بفتح نقاش تنويري مستوحى من وثيقة إعلان الاستقلال التي نعيش وهجها هذه الأيام، والعمل على إسناد حقوق المرأة في مواجهة أي تيارات ظلامية تختبئ خلف الشعارات وأن نجعل قضية المرأة قضية المجتمع بأسره ومن المهم أن منتدى مناهضة العنف، والمنظمات الأهلية، والأطر النسوية قد خصصت حيزا واسعا هذا العام وكما جرت العادة لقضية الأسيرات في السجون والمعتقلات الاحتلالية اللواتي يعانين ظروفا بالغة القسوة، وإطلاق حملة خاصة بهن وهو ما من شأنه تسليط الضوء على واقعهن كضحايا لجرائم الاحتلال وبما يشمل المطالبة بإطلاق سراحهن فورا والنساء المقدسيات كذلك فاليوم العالم مطالب أن يرى الصورة على بشاعتها بما فيها من وضوح لشعب يئن تحت وطأة الاحتلال من جهة وظروف اقتصادية اجتماعية صعبة وانقسام داخلي سياسي وجغرافي كانت وما زالت المرأة الفلسطينية الضحية فيه تدفع الثمن وحدها في معاناة رهيبة مركبة تتعدى حدود ما هو معروف ليبقى السؤال المطروح على طاولة الجميع إلى متى تبقى المرأة تتجرع والويلات والألم بصمت!! وفي الوقت الذي نتحدث فيه أحيانا بشكل مجامل عن وقوفنا معها والمناداة بحقوقها  المقياس بالمواقف والعمل وليس بإطلاق الشعارات وعدم تطبيقها ومن أجل أن تكون كل أيام السنة للمرأة وأن لا تقف عند حملة مؤقتة تنتهي بانتهاء الحملة والانتظار لإطلاقها العام المقبل.