في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف في التاسع والعشرين من نوفمبر من كل عام ويحيه كل محبي السلام وفق القرار 32/40 للعام 1947 حيث اعتمد القرار 181 أو ما يعرف بقرار التقسيم وهو مناسبة يطل العالم من خلالها على ما وصلت إليه الأوضاع في فلسطين ومدى قسوة الظروف السياسية التي يعيشها بفعل استمرار واقع الاحتلال وإجراءاته المتواصلة، ومخططاته لا سيما سياسة الاستيطان الاستعماري، وهدم البيوت، والتطهير العرقي، ومسلسل القتل اليومي.
واليوم وبالرغم من مرور هذه السنوات التي حملت المزيد من المآسي والويلات دون أن يتحرك العالم لوقفها ساكنا تجد الصورة أكثر قتامة تشرع الأبواب للمزيد من التدهور سواء على صعيد المعاناة اليومية أو على صعيد الوضع السياسي، وضياع فرص تحقيق أفق سياسي تفضي لتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه على العكس نجد بما لا يدع مجالاً للشك المزيد من التعنت ووضع البرامج والخطط لقتل حلم إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة، وإنهاء وجودها تمهيداً لإنهاء وجود الشعب الفلسطيني والعالم يرى ويشاهد بشاعة فعل الاحتلال بحق المدنيين العزل من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني لكن لا يقوم بالجهد المطلوب نعم هناك جهود أحيانا لكنها دون مستوى ما يجري بكل تأكيد الأمر الذي يتطلب أخذ زمام المبادرة ولو مرة واحدة وهي كفيلة إن حدثت على ولادة معادلة جديدة نوعية تكمن أهميتها في عدم ترك الأمور على غاربها كما يقال وسط استباحة كل القيم الإنسانية والأخلاقية، والضرب بعرض الحائط بكل هذه المواثيق والأعراف الدولية.
يوم التضامن مناسبة ليس للعويل والبكاء والتندر على واقع حالنا ولا هو مناسبة للطم الخدود بل هو نقطة ارتكاز هامة أضعنا كما أضعنا سابقاً فرصاً كثيرة لتصحيح مسار طويل متعرج من التلعثم السياسي وتذبذب الخطاب الوطني، وغياب الرؤية والبرامج المتوافق عليها في زخم التصريحات والمبالغات أنه فرصة لإعادة ترتيب الأمور على أسس واضحة وقواعد متينة بواقعية سياسية لا تنظير فيها ولا مزايدة فحكومة الاحتلال القادمة التي هي امتداد لحكومات متعاقبة وإن كانت الأكثر تطرفا وعنصرية إلا أنها في ذات الوقت تمنحنا فرصة ثمينة لوضع استراتيجية جديدة أولى حلقاتها تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير وإنهاء كل أشكال العلاقة مع الاحتلال حتى لو أن موازين القوى ليست لصالحنا لكن العالم ليس أصم فقبل أيام التصويت بأغلبية على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والتصويت على حقه في موارده الطبيعية والقرارات الأخرى إلى جانب مطالبة 198 منظمة دولية حقوقية ببدء تحقيق دولي في جرائم الاحتلال من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وحملات التضامن الواسع التي ليس أولها الرأي العام والتأييد الكبير خلال مونديال قطر لكأس العالم والمقابلات ورايات فلسطين التي تغزو المدرجات والساحات المطالبة "بحرية فلسطين" هذه الجبهة على مستوى الرأي العام وأوساط الناخبين والمؤثرين تمثل عنصر قوة هام ينبغي لنا اخذه وعدم إضاعة الفرصة المتاحة.
اليوم العالمي رغم التراجع ربما بسبب التطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة وصعود قضايا عديدة للواجهة إلا أن ساحات المدن في عشرات الدول التي تحيي يوم التضامن الدولي هي استمرار لذات المواقف المساندة لحقوق الشعب الفلسطيني، الجامعات المؤسسات، حركات التضامن الدولي، أصدقاء الشعب الفلسطيني في العالم يطلقون هذا العام نداء من أجل إنهاء معاناة وعذاب شعب كامل يرزح تحت نير الاحتلال منذ 75 عاماً وأنه آن الأوان لإنهاء هذه المعاناة الطريق مكلف طويل ولكن طريق الخلاص أن تتشكل جبهة دولية واسعة لفرض العقوبات وسحب الاستثمارات من دولة الاحتلال لفرض المقاطعة الشاملة عليها وعلى حكومتها العنصرية الفاشية قريبة التشكيل، واتخاذ المبادرات النوعية التي من شأنها لجم ومنع حكومة فاشية من أخذ زمام المبادرة لماذا لا يتم إعادة العمل بقرار تصنف الصهيونية كحركة عنصرية الذي اتخذته الأمم المتحدة وتم وقف العمل به منتصف التسعينات؟؟ ولماذا لا يبادر لبناء ائتلافات دولية حقوقية واسعة هدفها محاكمة الاحتلال على جرائمه بحق الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال؟؟ أو ما يجري في الأغوار والقدس ومناطق ج بل لماذا لا نذهب إلى العالم للمطالبة بتطبيق قرار التقسيم 181 للعام 1947 بعد فشل هذا العالم في فرض قيام دولة فلسطين !! وهذا ربما يؤدي بدوره الى قيام دولة فصل عنصري بكل معنى الكلمة كما جاء في قرارات مؤسسات دولية وحقوقية في حال لم يتم تأمين حقوق الشعب الفلسطيني الحل المطروح أو القائم بالأساس هو في استمرار نظام الفصل العنصري الموجود حاليا على أرض الواقع في ظل التوقعات بـ شرعنة البؤر الاستيطانية، وتكثيف البناء في المستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي استمرار اضطهاد شعب لشعب آخر ومصادرة حقوقه السياسية على أساس عرقي كولونيالي وتحويله لأقلية عرقية دون حقوق تطبيقا لما يعرف بـ قانون القومية الذي هو حق وحيد للشعب "اليهودي ".
اليوم في هذه المناسبة إعادة الاعتبار لقيم السلام والعدل وممارسة الأمم المتحدة دورها في حماية الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، ووضع الإجراءات والتدابير الكفيلة بإنفاذ القانون الدولي وصولاً لإنهاء الاحتلال هو مفتاح ما يمكن أن يحرز من تقدم على صعيد دور المؤسسة الدولية برمتها وقدرتها على العمل بخطوات جادة مسؤولة لمنع قوات الاحتلال من مواصلة العمل - البكاء والنحيب لم يعد كافياً الإعراب عن القلق والتحذير من مغبة ما قد ينجم عن سياسات كلها لم تؤدي إلى وقت بناء بيت واحد في مستوطنة احتلالية في أرضنا الفلسطينية العمل المطلوب هو جلاء دولة الاحتلال عن أرض دولة فلسطين المحتلة هذا هو الطريق للسلام إن بقي متسع للحلم بالسلام وإلا فعلى الأرض السلام.