بعد أن تحولت مجازفة أوسلو إلى عكس ما أريد منها فلسطينيا ودوليا.
وبعد أن قامت الحكومات الإسرائيلية بتقويض ما ينفع الفلسطينيين منها، والاحتفاظ بما ينفع الإسرائيليين.
فقد دخلنا إلى مرحلة التتويج الحكومي الرسمي لسلطة اليمين الأكثر تشددا وعنصرية وإنكارا وهذه المرة بلا أغلفة ولا أقنعة.
وإذا ما حللنا الواقع بلا رغائبية وإنما برؤيته كما هو، فعلينا تجنب العناوين مثل الخطر الذي يجسده سموترتيش وبن غفير ورهينتهما نتنياهو.
وذلك برؤية موضوعية شاملة لجميع مكونات اللعبة السياسية التي مركزها فلسطين كمشروع استقلال وطني تحرري من جانبنا..
وكمشروع تصفية من جانب خصمنا، وما يحيط بهذا المركز من سياسات القوى الإقليمية والدولية.
لسنا بحاجة للتوسع في شرح ما يجري في إسرائيل، فهناك إجماع بين القوى السياسية التي تتداول السلطة على أن لا حل لديهم للقضية الفلسطينية وفق أقل الاعتبارات السياسية.
ولأن الذي يحكم الآن هو اليمين العنصري فكل ما يقول ويفعل ينطلق من عقيدته المعلنة "أن الفلسطينيين مجرد سكان أمر واقع سوف ننظر في كيفية التعامل معهم"
وعصف هذه العقيدة يطال مليوني عربي فلسطيني يحملون "الجنسية الإسرائيلية" وخارج الدائرة المغلقة على التشدد والعصرية وإنكار أبسط الحقوق الفلسطينية يبدو ملحا لتحديد مواقف الكيانات الدولية التي كانت عرابة مشروع "السلام التاريخي" من مدريد إلى أوسلو ثم إلى كامب ديفيد وهما بالتحديد أمريكا وأوروبا .
الإدارة الديموقراطية التزمت بتقديم نصيحتين للإسرائيليين والفلسطينيين، فهي تقول للإسرائيليين الحلفاء مهما كانت طبيعة حكومتهم.. انتبهوا للشكل وإن كنتم مضطرين لتوزير أشخاص ذوي سمعة سيئة على مستوى الرأي العام الدولي، فلتعطوهم وزارات غير الدفاع. وبالمقابل يقولون للفلسطينيين اهدأوا واقبلوا بما يعطى لكم من تسهيلات ولا تنزلقوا إلى الممارسات أحادية الجانب، وحافظوا على التنسيق الأمني وما تبقى من خيوط واهية هي نسيج علاقاتكم مع الإسرائيليين.
أما أوروبا "فيكفيها ما فيها" الذي يناسبها تقديم قطرات محدودة من الدعم وذريعتها الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت كل بيت فيها.
ثم نذهب إلى الحاضنة الإقليمية عربية كانت أم غير ذلك فتقويمها يتصل بالقدرة والفعل وليس بالموقف والشعار. الموقف على حاله منذ أول قمة عربية حتى الأخيرة، والقدرة في حالة ضعف دائم والذريعة التي هي السبب الفعلي وخصوصا في هذا الزمن الذي فيه لسان حالهم يقول.. فينا ما يكفينا ويزيد.
حيال هذه الخريطة واضحة الألوان والاتجاهات والقدرات يسأل الفلسطيني كما يتساءل كل محبيه والمتعاطفين معه من الجمهور العربي الذي اختار المونديال للتعبير عن التزامه بفلسطين برفع العلم، ماذا سيفعل أهل القضية والمركز والحقوق المهدرة؟ والذين تعتبر السلطة المشتقة من المنظمة كيانهم الرسمي صاحب شرعية اتخاذ القرارات.
حتى الآن تلاحظ ظاهرة تنطوي على غرابة لا منطقية... العالم ينصرف إلى اهتماماته المستجدة بسرعاته القصوى وإسرائيل تزيل الأقنعة وتطرح برامجها التصفوية بصورة مباشرة وأداء متسارع على الأرض والسلطة ما تزال تتحدث بذات الخطاب النمطي القديم، وتستصرخ المجتمع الدولي وتطلب من الأمريكيين والأوروبيين بلجم الغول الاستيطاني ومقاطعة الحكومة الجديدة لماذا؟ لأنها لا تتقيد بالقرارات الدولية!! -ما هذا الاكتشاف-.
يقال عادة هذا التحليل نعرفه ونحسه على جلودنا، فما هو الحل؟
من هم خارج السلطة من أصحاب الرأي معزولون تماما عن القرار السياسي ومهما اقترحوا من حلول فإما أن لا ينظر إليها أساسا أو يجري تجاهلها بفعل الاستغراق في اهتمامات أخرى، ورغم ذلك فالحل يجب أن يظل يقال ويقترح، ومركزه التوقف عن انتظار صحوة ضمير أمريكية وأوروبية وعالمية تعطي لكل ذي حق حقه، واستبدال الانتظار بالتفرغ الكامل لمعالجة الوضع الداخلي ومبتدأ هذه المعالجة وخبرها، إعادة تنظيم الحياة الوطنية من جديد وترميم النظام السياسي المتداعي وإشراك الشعب كله في تحمل أعباء قضيته وصموده بالإقدام على تحدي الانتخابات العامة بكل مستوياتها وإذا ما أنجز ذلك فلا خوف لا من نتنياهو ولا من بن غفير وسموتريتش ولا حتى من ترمب لو عاد هو أو من يشبهه.