الحدث- الأناضول
قالت منظمة حقوقية إسرائيلية إن حمل التصاريح لا يعفي العمال الفلسطينيين من الوقوف "ساعات طويلة ومذلة" على الحواجز الإسرائيلية.
وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" في تقرير له بمناسبة اليوم العالمي للعمال، الذي يصادف اليوم الجمعة، إن "عشرات الآلاف من العمال (الفلسطينيين) يُجبرون على الوقوف لساعات طويلة ومُذلة على الحواجز المزدحمة بالرغم من حيازتهم تصاريح".
وأضاف المركز في التقرير الذي نشره على موقعه الإلكتروني، اليوم، أنه "بالنسبة لعشرات آلاف العاملين في إسرائيل بدون تصاريح تعتبر كل دقيقة من حياتهم جزء من صراع البقاء على قيد الحياة".
واعتبر أن "الكفاح من أجل أجور عادلة، وساعات عمل معقولة، ومعاش للتقاعد مثل حلما بعيدا" بالنسبة للعمال الفلسطينيين في إسرائيل.
وليس ثمة إحصاء دقيق لعدد العاملين الفلسطينيين في إسرائيل، لكنهم ينقسمون إلى قسمين؛ الأول: حاصل على تصريح إسرائيلي، والثاني يتسلل بغرض العمل.
وفي هذا الصدد، قال "بتسيلم" إن "هذا الواقع هو نتيجة لسياسة السلطات الإسرائيلية التي تمنع تطوير اقتصاد فلسطيني مستقل"، مشيراً إلى أن "العمل في إسرائيل بتصريح أو بدونه هو الخيار الوحيد المتاح أمام غالبيتهم".
ونقل المركز عن عامل فلسطيني أشار إليه بالأحرف الأولى من اسمه وهي (م.د)، قوله: "أنا من سكان بيت أولا في الخليل (جنوبي الضفة الغربية) أعمل قصاراً (مجال البناء) في بئر السبع (جنوبي إسرائيل)، وأحمل شهادة في التمريض، لكني قررت العمل في إسرائيل لأنني أجني هناك مالاً أكثر".
وأضاف العامل: "لا أسافر يومياً من البيت إلى مكان العمل في بئر السبع. أجد ذلك مستحيلاً تقريباً على الرغم من معرفتي بأن الكثير من العمال يقومون بالسفر يومياً إلى هناك. أفضل المبيت في مكان العمل بالرغم من كل الظروف القاسية على أن أعيش كل صباح معاناة السفر المرهق من البيت مروراً بالمعبر إلى مكان العمل".
ووصف العامل رحلة الوصول إلى العمل مروراً بالحاجز الإسرائيلي قائلاً: "كل يوم أصل إلى معبر ترقوميا (جنوبي الضفة) حوالي الساعة 4:00 فجراً (01.00 ت.غ)، أنتظر في الطابور مع آلاف العمال المتدافعين والمسرعين للوصول إلى الحاجز الذي يُفتح الساعة 5:00 صباحاً (02.00 ت.غ). ثم تبدأ المرحلة التالية من العذاب، الفحص والتفتيش المهين. الفحص يتم في الوقت الذي يدفع العمال بعضهم البعض بجانبك ومن الجانب الآخر تسمع صراخ رجال الأمن".
واستطرد: " ظروف العمل في القصارة صعبة جداً. أتقاضى حوالي 250 شيقلاً (64 دولار أمريكي) في اليوم مقابل عشر ساعات من العمل. أنام بظروف غير إنسانية في موقع البناء، لا أملك سوى فراش على الأرض وبطانية. لا يوجد تدفئة ولا إمكانية للاغتسال والمحافظة على النظافة الشخصية. في الشتاء أشعر ببرد شديد، وفي الصيف أعاني من الحر. لا يمكن مقارنة هذه الظروف مع تلك التي في البيت ولكن ليس لدي خيار آخر".
وتابع (م.د): "نقوم أنا وباقي العمال بتحضير طعامنا سوية لكي نوفر المال. الطعام الجاهز يكلف مالاً كثيراً. نحاول أن ننفق أقل قدر ممكن على الطعام من أجل توفير المال، والذي هو التعويض الوحيد للعيش في ظروف قاسية بعيداً عن الأسرة".
وتفرض إسرائيل قيوداً مشددة على حصول الفلسطينيين على تصاريح عمل في إسرائيل أهمها أن لا يكون الفلسطيني قد اعتقل في السابق بتهمة مقاومة القوات الإسرائيلية.
وخلافاً لـ(م.د) الذي يعمل في إسرائيل بتصريح، فإن العامل (ج.ع) يدخل إسرائيل بدون تصريح.
ونقل المركز الإسرائيلي عن (ج.ع) قوله: "أعيش في بيت أولا في الخليل.أعمل في مجال البناء في بئر السبع بدون تصريح. في السابق ألقت الشرطة القبض عليّ ودخلت إلى السجن".
وأضاف: " لم أعد إلى المنزل منذ أكثر من شهرين وقد أبقى لشهر آخر. طوال هذه المدة لم أر عائلتي وخطيبتي التي أشتاق إليها كثيراً. لم أختر لنفسي هذه الطريق وإنما أجبرت عليها لأنه لا خيار آخر لدي".
وتابع (ج.ع): " أسمع طوال الوقت عن عمال ألقت الشرطة القبض عليهم بجانب الحدود. سمعت أن العمال يتعرضون لإطلاق النار والبعض منهم قتلوا حتى. أعيش بتوتر ليس حين أعبر الحدود فقط وإنما خلال العمل أيضاً".
ومضى قائلاً: " أنظر حولي باستمرار خوفاً من أن تأتي الشرطة إلى مكان العمل. أعرف أن الشرطة تأتي طوال الوقت إلى مواقع البناء وتبحث عن متسللين. تأتي خلال النهار وخلال الليل أيضاً. أهرب إلى المباني المجاورة وأختبيء هناك إلى أن تغادر الشرطة، وفي الليل أنام بعينين مفتوحتين من شدة الخوف والتوتر".
واستطرد:" لا أملك سوى فراش وبطانية، أنتقل من مكان إلى آخر حسب الوضع الأمني. في المساء أغلق النوافذ بالنايلون بسبب البرد القارس. لا أشعل موقدة نار لكي لا أجذب الشرطة إلى المكان الذي أكون فيه، وفي كل صباح أشكر الله على أن الليلة مرت بسلام ولم يمسكوا بي. أقنع نفسي أن هذه المعاناة هي الخيار الوحيد لدي".
ويصادف الأول من مايو/أيار من كل عام، اليوم العالمي للعمال.