الحدث الثقافي- أخبار وفعاليات
أعلنت دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة مساء أمس، فوز الكاتبة المصرية فاطمة قنديل بجائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2022 عن روايتها أقفاص فارغة.
وقالت الكاتبة في كلمة ألقتها عقب الإعلان عن فوز روايتها: "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أحصل فيها على جائزة! كنت أكتفي في حياتي كلها ببهجة الكتابة، لكنه فيما يبدو أن للجوائز بهجة أتذوقها للمرة الأولى. أشكر الجامعة الأمريكية وهيئة التحكيم المحترمة وأشكر الحضور الكريم على هذه الحفاوة، كما أشكر ناشرتي الأستاذة كرم يوسف صاحبة الكتب خان على دعمها الدائم لكتابي أقفاص فارغة".
وتوجهت قنديل بالشكل لأصدقائها المقربين، الذين قرأوا بحماس كتابها وهو لم يزل مخطوطًا، مضيفة أنه لولا دعمهم وتشجيعهم لما تجرأت أن أدفع به للنشر.
كما شكرت القراء، المحترفين منهم، الذين استقبلوا هذا الكتاب بحفاوة وكتبوا عنه، مما فاق مستوى توقعاتها، وكذلك القراء محبي الأدب، الذين لا تزال تعليقاتهم على المواقع الإلكترونية مصدر إلهام حقيقي لها.
وقالت الكاتبة: "ممتنة جدًا على استجابة نجيب محفوظ لي، لأني أتذكر جيدا تلك الرسالة التي أرسلتها له في عمر السادسة عشرة، حين كانت البنات في حالة هيام بالنجم حسين فهمي، بطل فيلم "خلي بالك من زوزو"، ما دفعني لأن أرسل برسالة لنجيب محفوظ في جريدة الأهرام، لأقول له: "إذا كان حسين فهمي فتى أحلام البنات، فأنت الوحيد فتى أحلامي"، لم يرد وقتها الأستاذ على المراهقة الصغيرة التي كنتها، ويبدو أنه انتظر كي تثبت له أنها جادة فيما تقول، وأنها كاتبة، فارتضى أخيرًا أن يقترن اسمي باسمه.. شكرًا يا أستاذ وكل سنة وأنت طيب".
وتابعت: "من حسن حظي، فيما أظن، إنني من هذا الجيل الذي كان ينعم بانتظار كتاب جديد لنجيب محفوظ، من حسن حظي أنني تلقيت هذه الكتب طازجة، لتغير مسارات حياتي، كنت أتلقاها كرسائل متلاحقة كتبت لي وحدي، أختلي بها، وأضع الخطوط والهوامش حول مقولاتها الأثيرة، حتى صارت جزءا حميما من روحي".
وأضافت: "في روايتي "أقفاص فارغة" التي شرفتموني بالجائزة عنها، أصداء من "بداية ونهاية" من "نفيسة" وكذلك من "زهرة" في ميرامار، أصداء من الحس الملحمي للثلاثية، وأصداء من "أصداء السيرة الذاتية"، وكنت أسمع لهذه الأصداء وأنا أكتب، وكانت تؤنسني في وحشة الكتابة.
وختمت الكاتبة كلمتها بالقول: "إذا كان هناك درس من بين الدروس العديدة التي تعلمتها من نجيب محفوظ، يمكن أن أتحدث عنه الآن، فهو أن أرى الإنسان كما هو لا كما ينبغي أن يكون، أن أراه في حيرته وضعفه وتوقه إلى المستحيل".
والجائزة تتألف من ميدالية فضية وجائزة مالية قدرها خمسة آلاف دولار أمريكي، بالإضافة إلى ترجمة روايتها الفائزة إلى اللغة الإنجليزية، ونشرها ضمن سلسلة إصدارات دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة المتخصصة في الروايات والتي تحمل اسم "هوبو".
بدوره، كتب عضو لجنة تحكيم جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2022 ثائر ديب، كمساهمة في التقرير النهائي للجنة التحكيم عن عن رواية أقفاص فارغة: "تحيل الكاتبة، منذ بداية البداية، منذ العنوان، وعلى مدار العمل، إلى ما هو سِيَريّ ذاتي، لكنّها تلقي عن كاهلها أحمال سيرتها الثقيلة وتنكأ جراحها الغائرة إلقاءً ونَكْئاً روائيين. وبذلك تمّحي في هذا العمل الحدود بين التخييلي والسِّيَري الذاتي المجتمعي، بين الخطابي والتمثيليّ، بين الحياة والتدوين والفنّ، ما يفضي إلى التشكّك في الحدود المفترضة بين السيرة والرواية، ويعيد النظر، مجدَّداً وعلى نحوٍ طازج، في تعريف كل منهما".
وتابع: "ثمّة أشياء فعلية محددة (علبة شوكولاتة، أقفاص فارغة، بيوت وحوارٍ) وبشر فعليون (فاطمة قنديل، عائلة، جيران، وطبقة وسطى تنهار في مكان وزمان محددين)، لكنّ ذلك كلّه لا يبقى مجرد مراجع فعلية ما إن تُدخله فاطمة قنديل لعبة علاماتها بدالّاتها ومدلولاتها (إذا ما استخدمنا في هذا السياق تعريف سوسير للعلامة اللغوية التي يشكّلها اجتماع دالّ ومدلول وإحالتهما إلى مرجع موجود في الواقع)".
وأضاف: "في هذا، كما في تقطيع العمل، وتأمّل الكتابة كلّاً من ذاتها وموقع السارد وصدقه، والعناية بمَحْوَرَة العمل حول موضوع محدد (مرض الأم وأوضاع النساء في مجتمع ذكوري بحقائقه المريعة)، وإطلاقه في زمان ومكان وعلاقات اجتماعية أُحْسِنَ بناؤها أدبياً، تجترح فاطمة قنديل طريقتها في أن تقول ذاتها روائياً".
وأردف: "غير أنّنا ما إن نستقر على ذلك ونطمئن له، حتى تعاود بلبلتنا، ما إذا كنّا أمام رواية أم مذكرات أم سيرة روائية. فالساردة في أقفاص فارغة تريد أن تحضر ذلك الحضور الكامل اليقظ الذي لا يفوّت ضوءًا واحداً في جوفها إلا حدّق فيه حتى يتلاشى، ويمسخ كل الذكريات إلى أصنامٍ، ثم يكسرها، ثم يكنس التراب المتبقي منها، حتى لو كانت، هي نفسها، صنماً من بين تلك الأصنام".
وأوضح الكاتب والمترجم ثائر ديب أنه بهذا تكفّ الكتابة ويكفّ الفنّ -بعد أن اعتنيا بذاتهما كلّ تلك العناية- عن كونهما غاية ذاتهما، ويغدوان سبيلاً للبرء والشفاء، لا سيما أنّهما يستكشفان كل شيء بجرأة لا تتزعزع وصدق شرس لا يلين، كأنهما يكرّسان الحقيقة المتدفقة وحدها من دون خجل أو تردد ويمارسان التشريح بالكلمات، تلك البلبلة بين اللغة العارية ولغة الفنّ هي ضربة المعلّم التي تضربها فاطمة قنديل.
وضمت لجنة التحكيم كل من رئيس اللجنة وأستاذة الأدب الإنجليزي والمقارن بجامعة القاهرة، شيرين أبو النجا، وأستاذ اللغات الحديثة والثقافات في جامعة دورهام بإنجلترا آدم طالب، الكاتب والمترجم ثائر ديب من سوريا، أستاذ الآداب بجامعة القاهرة حسين حمودة، وأستاذة مساعدة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة دينا حشمت.
واحتفلت دار نشر الجامعة الأمريكية أيضا أثناء احتفالية منح الجائزة بنشر الترجمة الإنجليزية لرواية اختفاء السيد لا أحد للروائي الجزائري أحمد طيباوي، الحاصلة على جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2021، والتي ترجمها للإنجليزية جوناثان رايت.
وتعد دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة والتي أطلقت جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي عام 1996، الناشر الرئيسي لأعمال نجيب محفوظ باللغة الإنجليزية لأكثر من 30 عاما، والمالكة لحقوق نشر أكثر من 600 طبعة باللغات الأجنبية الأخرى لأعمال الأديب التي ترجمت إلى أكثر من 40 لغة في جميع أنحاء العالم منذ فوزه بجائزة نوبل عام 1988.