الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فلسطينيات وتونسيات: النساء يتعرضن لعنف اقتصادي بإقصائهن من الوصول للعمل اللائق

2022-12-22 10:18:45 AM
فلسطينيات وتونسيات: النساء يتعرضن لعنف اقتصادي بإقصائهن من الوصول للعمل اللائق
لقاء النساء في رام الله

الحدث الاقتصادي

نساء فلسطين وتونس يجمعن لـ(الحدث) ان أدوار النساء الإنتاجية ما زالت محصورة بالإنجابية مما يجعل من استدامتهن في سوق العمل أمرا صعبا

نسبة النساء الفلسطينيات في سوق العمل لا تتجاوز 18% منذ 30 عام.
26% نسبة النساء التونسيات النشيطات اقتصاديا.
نحو 4.2 مليار امرأة في سن العمل لا تتاح لهن فرص اقتصادية مساوية للتي تتاح للرجال عالميا

الحدث-ابراهيم ابو كامش

تعالت اصوات النساء الفلسطينيات والتونسيات ومعهن جيوش كبيرة من العربيات اللاتي يشكلن ثلثي مجتمعاتهم من المحيط الى الخليج، في وجه المشرعين والمسؤولين الحكوميين مطالبات بادراج السيدات في المنازل والزراعة بدون اجر، والعاملات في القطاع غير المنظم ضمن بنود قوانين العمل. مشددات على وجوب اعتبار اعمالهن في الرعاية المنزلية عملا حقيقيا، وفرض حصول المرأة التي تعمل ضمن العائلة على تعويض مادي مقابل هذا العمل.

وادرجت هؤلاء السيدات إقصاء النساء من الوصول للعمل اللائق ضمن دائرة العنف الاقتصادي الممارس بحقوقهن وبخاصة ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من ازدوجية العنفين المجتمعي والاحتلالي.

واعربت النساء المشاركات في لقاءات منفردة لدراسة واقع العنف الاقتصادي االذي تتعرض له النساء "الواقع والحلول"، في كل من تونس وفلسطين بدعوات من جمعية المرأة العاملة للتنمية ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث"كوثر" التوصل وان يحققن حلولا ممكنة لضمان العدالة الاقتصادية والفضاء الاقتصادي الآمن للنساء، بهدف تطوير قدرات المؤسسات النسوية الفلسطينية والعربية على حد سواء في الضغط والمناصرة ومساءلة الجهات المختصة حول مدى استجابة القطاع الخاص للمساواة بين الجنسين.

استمرارية واستدامة المرأة في سوق العمل أمرا صعبا

واكدت سيدات فلسطين وتونس لـ :"الحدث" على هامش تداعيهن لاجتماعاتهن المنفصلة بالرغم من بعد المسافة، لكنهن اتفقن واجمعن على ان أدوار النساء الإنتاجية لا تزال محكومة بأدوارهن الإنجابية، مما يجعل من استمرارية واستدامة المرأة في سوق العمل أمرا صعبا، واصفات مشاركة النساء ذوات الإعاقة في سوق العمل بالمتدنية جدا مما يعني وقوع جل النساء عموما في دائرة العنف الاقتصادي.

واعزن هؤلاء الحقوقيات ذلك لضعف المواءمة المتعلقة بالإعلان عن الوظائف والمواءمة في أماكن العمل، وكذلك وصول الأشخاص ذوي الإعاقة لفرص التعليم لا يزال ضعيفا، فتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن أكثر من ثلث الأشخاص ذوي الإعاقة لم يلتحقوا بالتعليم أبدا، 35.5% منهم في الضفة الغربية و42.2% منهم في قطاع غزة، بالمقابل فإن 33.8% منهم انضموا للتعليم وتسربوا منه، بينما 53% منهم أميون،  كما أشار مسح اخر إلى أن 87.3% من الأشخاص ذوي الإعاقة فوق 15 عاما من العاطلين/ات عن العمل.

موائمة منظومة القوانين

هذا الواقع دفع بالحقوقيات وممثلات المؤسسات والاطر النسوية والنقابات العمالية والجمعيات القطاعية ووحدات النوع الاجتماعي في المؤسسات الحكومية للمطالبة بإيجاد منظومة قانونية واضحة من خلال مراجعة التشريعات والسياسات الإجراءات المعمول بها ومواءمتها، وتفعيل دور النقابات وتطوير مشاركة المرأة فيها، إعادة تعريف مفهوم العمل ليشمل كافة القطاعات ومنها الرعائي والانجابي للنساء كعمل مقيم بالدخل الوطني، تخصيص برامج وموازنات مالية من الحكومة لاسناد النساء العاملات.

العنف الاقتصادي القائم على النوع الاجتماعي

تقول آمال خريشة - مديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، (الحدث)، "نتطلع لتسليط الضوء على الفجوات وتحليلها ببعدها الجندري للضغط على أصحاب القرار فيما يتعلق بحقوق النساء العاملات حيث يواجهن عنفا مركبا، خاصة العاملات في سياق استعماري في ظل غياب أدوات العدالة التي تحفظ حقوقهن".

وبينما شددت خريشة على دعم الحقوق والبرامج الكفيلة بالقضاء على العنف الاقتصادي الذي يتعرضن له النساء والفتيات ومساواتهن في المجتمع، مؤكدة على وجود تمييز متجذر في التشريعات والسياسات والموازنات والتنظيمات والنخب التي يجب ان تحمي المجتمع  باتخاذ خطوات الى الامام لوقف ردة المجتمع ومهاجمته حقوق المرأة.

وتؤكد خريشة وجود ندرة وضعف تطرق ادبيات الحركة النسوية في الاقليم وفلسطين للعنف الاقتصادي، بمعنى تطوير مفهومه ومعناه وتجلياته وتأثيراته على الافقار والفقر وعلى الحالة النفسية للعائلة وللمرأة العاملة تحديدا.

وفيما يتعلق بادخال ادبيات ومبادىء واسس الحماية اللائقة والاجتماعية، تقول خريشة:"لكونه لا يوجد عندنا اي قانون ناظم للحماية الاجتماعية يشمل ويغطي كافة افراد المجتمع بما فيهم قطاع ربات البيوت اللاتي يشكلن الاغلبية الساحقة من الفئات الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني كون نسبة النساء في سوق العمل الفلسطيني لا تتجاوز في احسن حالاتها 18% منذ 30 عام. اذ تعمل اغلبيتهن في القطاع غير الرسمي غير الخاضع لاي نوع من الحماية بعكس ما يجري في الدول المجاورة حيث تتمكن النساء من الحصول على تأمين صحي وتأمين ضد اصابات العمل وتقاعد لتعيش بكرامة".

غياب الحماية من الاعتداءات الجنسية في الفضاء العام

واضافت:"كما تفتقر الادبيات المتعلقة بالعنف الاقتصادي في مجال الحماية من الاعتداءات الجنسية في الفضاء العام تحديدا في اماكن العمل سواء الحكومية او القطاعين الخاص والاهلي، لذلك طورت منظمة العمل الدولية اعلان يتعلق بحماية النساء من الاعتداءات الجنسية وثيقة 190 والتي تتناول حمايتهن من اي تحرش او اعتداءات جنسية".

وتأسف خريشة لكون قانون العمل الفلسطيني المعمول به لا يجرم ولا يشير الى العنف الجنسي الذي تواجهه عدد كبير من النساء العاملات ولا يستطعن تقديم شكوى وفق احصاءات 2010 لجهاز الاحصاء المركزي اقل من 2% يقدمن شكوى لاننا نعلم ان النتيجة ستكون لوم العاملة او فقدانها لعملها او حرمانها من العمل اذا قررت ان تقدم شكوى.

ردة مجتمعية على حقوق المرأة ومهاجمتها

وتلحظ خريشة ردة مجتمعية على حقوق المرأة ومهاجمتها، لذلك فانها تقول :"ان السلطة الفلسطينية والتنظيمات لا تحترم التفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة،  ولا تترجم اتفاقية سيداو التي تناولت قضايا النساء المعنفات بما يضمن لهن العمل اللائق واهمها التنظيم والمساواة في الاجور والحماية الاجتماعية.

شبكة حماية رسمية مدعومة بمنظومة من القوانين

وتؤكد خريشة ان العمل المنزلي والمجال الخاص ما زال يقتصر على النساء الفلسطينيات بنسب عالية جدا، وتقول:"ما زلنا نشهد تدني في مشاركة النساء اقتصاديا يلازمه ارتفاع في معدلات البطالة والفقر المتزايد ومحدودية فرص العمل لدى النساء في ظل وضع اقتصادي صعب يؤثر وبشدة على ديناميات القوة والتوازن (او عدمه) داخل الاسرة، وبالتالي توسيع سيطرة الزوج على الاطفال والزوجة، والذي بدوره يعيد دورة اخرى من العنف والقمع ضد الاطفال والنساء واقصاء النساء عن المشاركة الفاعلة في الاقتصاد".

 تقول خريشة:"إن اعادة تقييم عمل المراة، في القطاع غير الرسمي وفي الاقتصاد والعمل المنزلي أصبح قضية وطنية ملحة ويجب العمل على جعله عملا لائقا، يتضمن الحقوق العمالية من بيئة عمل مناسبة، اجازات، تعويضات، تأمينات صحية وضمان اجتماعي، وهذا ضروري وغير مستحيل وممكن، الامر الذي يحتاج الى شبكة حماية رسمية مدعومة بمنظومة من القوانين والإجراءات والميزانيات، الصناديق، والادوات والقدرات التنفيذية.

وتقول لعل ما تحتاجه النساء في منافستها على المهن غير التقليدية (المستحدثة) هو تغلبها على غياب حرية القرار بالتصرف بقوة العمل، وعلى توطين الحس بعدم الاهلية لدى العديد من الفتيات الموحى به بالتوارث، وتحتاج كذلك الى التسريع في تكوين ومأسسة وتفعيل أنظمة الحماية الاجتماعية.

تعدد اشكال العنف الاقتصادي ضد النساء

وبحسب الناشطة في جمعية المرأة العاملة بسمة الناجي ابو عكر، فان العنف الاقتصادي ضد النساء يشمل محدودية الوصول الى الاموال والائتمان. محدودية الوصول الى الرعاية الصحية، التوظيف، التعليم، وتشمل الموارد الزراعية، اقصاءها من مواقع اتخاذ القرار المالي، قوانين تقليدية تمييزية حول الإرث، قوانين تقليدية تمييزية حول حقوق الملكية، قوانين تقليدية تمييزية حول الأراضي المشاع، استلام مخصصات غير متساوية لصالح الرجال، الاقتصاد الانجابي غير المسجل – العمل الرعائي غير المدفوع الاجر، العنف الاقتصادي  بين الزوجين يحصل عند حصول خلل في التوازن في الاستقلال المالي بين الزوجين، والفجوة الجندرية في اتخاذ القرار حول تخصيص الموارد.

ابقائهن في تبعية دائمة لمن له سلطة الوصول والتحكم

وفي سياق متصل وبمشاركة فلسطينية تونسية وعربية عبر "زووم" سلط مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث"كوثر" في تونس، الضوء  على  ظاهرة "العنف الاقتصادي ضد النساء: الواقع والحلول" سعيا منه الى تعزيز الدور الاقتصادي للنساء وسبل الخروج بهن من أوضاعهن الهشة.

وبينما تعتبر د. سكينة بوراوي - المديرة التنفيذية لمركز "كوثر"، العنف الاقتصادي شكلا من أشكال العنف الممارس ضد النساء حتى تبقين في تبعية دائمة لمن له سلطة الوصول والتحكم في الموارد، وللحد من قدراتهن في تحقيق استقلاليتهن المادية.

واوضحت بوراوي بان العنف الاقتصادي يتضمن عدة مظاهر، منها:  منع المرأة من الحصول على الموارد الاقتصادية، عن طريق حرمانها من العمل أو من الحفاظ على وظيفتها، منع الفتاة من التعليم أو إكمال دراستها، صرف أموال أو راتب المرأة دون رضاها، أخذ ممتلكات المرأة ضد رغبتها، أو إتلافها، الاقصاء الكلي أو الجزئي للنساء من الميراث، استغلال النساء الريفيات بإشراكهن في العمل في الأرض التابعة للعائلة دون أجر، تشغيل النساء والفتيات بأجر أقل من الرجال، تشغيل النساء في ظروف قاسية (ساعات عمل تفوق 10 ساعات يوميا، تشغيل النساء دون تمكينهن من أيام راحة مدفوعة الأجر، ودون تغطية اجتماعية)، استغلال النساء في العمل المنزلي ورعاية الأطفال والخدمات الأخرى المتعلقة بالأسرة دون أجر وعدم الاعتراف بهذا العمل في الاقتصاد الوطني.

العنف الاقتصادي المسلط على النساء في المناطق الريفية

في الوقت الذي اكدت فيه الباحثة في مركز كوثر لطيفة الزيادي، مساهمة النساء بقدر كبير في الناتج الداخلي الخام بفضل عملهن المنزلي الرعائي دون أجر! والذي يقدّر المعهد الوطني للإحصاء في تونس بـ 64%.

وقالت:"يوجد شكل آخر من العنف الاقتصادي المسلط على المرأة وهو يتعلق بالوصول إلى فرص العمل المتاحة، وان نسبة النساء النشيطات تقدر بحوالي 26 %.(وعلى النطاق العالمي وبحسب تقرير ”المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022 ”الصادر عن البنك الدولي، فإن نحو 2,4 مليار امرأة في سن العمل لا تتاح لهن فرص اقتصادية مساوية للتي تتاح للرجال.

لقاء مركز كوثر في تونس