الحدث- ريتا أبوغوش
لا تتوانى سلطات الاحتلال عن توظيف أساليبها المتنوعة بما فيها "القانونية" لتعميق مشروعها الاستيطاني وشرعنته في الأرض المحتلة، كان آخرها المصادقة على تطبيق ما يسمى بقانون "أملاك الغائبين" على سكان الضفة الغربية وممن لهم أملاك في القدس الشرقية.
وتعمل سلطات الاحتلال على فرض قيود وإجراءات قانونية ضد أهالي مدينة القدس كإلزامهم بتسجيل أملاكهم العقارية لدى دائرة تسجيل الأراضي التابعة لوزارة العدل الإسرائيلية، الدائرة التي أسمها المراقبون "مصيدة أملاك الغائبين"، كشرط مسبق من أجل الحصول على تراخيص بناء، يقوم من خلالها مسجل الأراضي باستدعاء القيم (الحارس) ووضع إشارة فورية على سند التسجيل إذا كان المالك أو أحد المالكين يحمل هوية فلسطينية أو جواز سفر أردني، ما ساهم في تفعيل القانون بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.
حول ذلك، قال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان عصام أبو الحج، إنّ هذا القانون قديم ومعمول به منذ نشأة دولة الاحتلال وأقر عام 1950، إلّا أنّه لم يكن مطبقاً في القدس، وسيتم اعتبار المواطن الفلسطيني المقيم في الضفة الغربية ومالك لأراض في القدس "غائب" وسيصادرها حارس أملاك الغائبين.
وأردف أبو الحج لـ"الحدث" أنّ هذه القوانين المستحدثة تعبر عن نهج قائم لدى دولة الاحتلال يعمل على فرض سيطرته على الأرض الفلسطينية وتوسيع الاستيطان، مضيفاً: "ستتضرر آلاف العقارات وسينقل حارس أملاك الغائبين الممتلكات لحيازة المستوطنين من خلال طرق شكلية وملتوية على "القانون".
في السياق ذاته، قال المحلل في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت، إنّ عمليات التشريع القانونية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاتجاهات السياسية والمشهد الحزبي والرأي العام الإسرائيلي، فمنذ الانتفاضة الثانية حتى اليوم ثمّة تحرك واضح نحو اليمين أكثر فأكثر.
وأضاف شلحت لـ"الحدث"، من الملاحظ أن اليمين الصهيوني قد تغلغل في السلطتين التشريعية والقضائية مستغلاً ذلك لسن سياسات وقوانين يمينية بحجج أمنية، إلّا أنّ ذلك لا يعني أن "اليسار الصهيوني" يهمل هذه الجوانب، فكافة التيارات الإسرائيلية تعبر عن سعي الكيان المستمر لاستيطان أكبر قدر الممكن من الأراضي الفلسطينية بطرق شتى منها القانونية.
وحول الغطاء القانوني لهذه السياسات، أشار شلحت إلى أنّ سلطات الاحتلال تمكنت تاريخياً من ايجاد مبررات ودوافع عدة تبرر فيها اجراءاتها التعسفية، مبينا أنها بررت قانون لم الشمل لوازع أمني وحجج ديموغرافية، وتعمل على سن قانون "حظر المقاطعة" لدوافع اقتصادية، إلّا أنّه من الجلي أنّ كافة القوانين هذه ليس أكثر من أدوات مكملة وداعمة لنهج قامت بسببه هذه "الدولة".
ويعد قانون أملاك الغائبين الوحيد في العالم الذي يمكّن دولة من تملك حقوق عقارية أو غير عقارية بالقوة دون تمكن المالك من الاعتراض أو الحصول على أي تعويض.