السبت  30 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

دواجن مريضة بأثمان زهيدة في الأسواق.. والمواطن الغزي ضحية الجشع!

خبراء: نُحذر من شراء الدجاج دون وزن 1.700 جرام تجنباً لمخاطر صحية على المدى البعيد.

2015-05-05 12:32:34 AM
دواجن مريضة بأثمان زهيدة في الأسواق.. والمواطن الغزي ضحية الجشع!
صورة ارشيفية
عماد الباز: نسعى بالتعاون مع وزارة الزراعة منع بيع الدجاج الصغير في الأسواق
 
غزة - محاسن أُصرف
لم تُصدق المواطنة أم فتحي الأستاذ من مخيم خان يونس ما سمعته أذناها يوم الأربعاء الماضي في سوق المدينة الأسبوعي، فهذا أحد أشهر محال بيع الدجاج في السوق كان صبيه يصدح بعالي الصوت: "الدجاجة بـ 6 شواكل فقط"، وما أن اقتربت لتتيقن الخبر حتى وجدت عشرات النسوة والرجال سبقوها إليه، لكن المفاجأة كانت صادمة، الدجاج صغير لا يتجاوز وزنه الكيلو جرام، ووجهه متهدج يبدو عليه المرض.
المواطنة الأستاذ، انصرفت إلى غير رجعة، لكن بعض المواطنين أصروا على الشراء، متعللين أنها فرصة لن تتكرر خاصة في ظل الارتفاع الأخير في أسعار الدجاج، إذ بلغ الكيلو الواحد 14 شيكلاً، تقول: "الناس معذرون في شراء هذه النوعية من الدجاج، أمام إلحاح أبنائهم وضعف أموالهم"، وتستكمل لمراسلة "الحدث": "منذ شهر لم يدخل الدجاج إلى بيتي والسبب عدم توفر الأموال لدينا".
وانتقد مواطنون آخرون تداول مثل هذه النوعية من الدجاج في الأسواق الشعبية التي يرتادها غالبية الفقراء والمعوزين بالقطاع، لانخفاض أسعار البضائع فيها مقارنة بالمحال التجارية بأسواق المدينة المركزية، وعبَّر هؤلاء عن قلقهم حيال الرقابة التي تُمارسها الجهات المعنية بضبط الأسواق والبضائع، داعين التُجار للكف عن المخاطرة بأرواح الناس، وأهابوا بالجهات الرقابية في وزارة الاقتصاد ووزارة الزراعة بغزة بالقيام بدورهم وتعقب أصحاب المزارع والتُجار الذين يبيعون هذا النوع من الدجاج في الأسواق الشعبية.
"الحدث" تبحث في سياق التقرير التالي عن أسباب تداول هذا النوع من الدجاج في الأسواق ومدى الرقابة الممارسة من قبل الجهات المعنية. 
 
غش تبعه غش
وكشف أحد التُجار في مدينة خان يونس، رفض الكشف عن اسمه، لـ"الحدث" عن عمليات "غش" و"غُبن"  تعرض لها بعض أصحاب مزارع الدجاج بُعيد انتهاء الحرب الأخيرة على غزة، يقول: "طُرح عليهم من قبل بعض شركات التفقيس بالقطاع بيض تفقيس بأسعار أقل كثيراً مما هو متعارف عليه"، لافتاً إلى أن ثمن بيض التفقيس يتراوح بين (2-2.5) شيكل للبيضة الواحدة، فيما المعروض عليهم لم يتجاوز (1) شيكل للبيضة الواحدة، وحسب الرجل، فإن الكثيرين اشتروا دون أن يحصلوا على إرساليات الشراء من الشركة الموردة بسبب أوضاع الحرب، كما زعمت الشركة، مؤكدة أن البيض دخل من خلال معبر كرم أبو سالم وخضع لآليات الإقرار من وزارة الزراعة ومسموح بتداوله.
 يؤكد الرجل أن الشركة الموردة مارست الغُبن على أصحاب المزارع، إذ تبين بمجرد فقس البيض أنه لم يكن مطابقاً للمواصفات، وأن الشركة أدخلت البيض للقطاع في فترة الحرب بعيداً عن أعين رقابة وزارة الزراعة، يقول: "أعرف أحد أصحاب المزارع، اشترى قرابة 12 ألف بيضة أملاً في تعويض خسارته خلال الحرب لكنه لم يفلح"، والسبب وفق تقديره، موت مئات الصيصان لديه يومياً بمعدل تراوح بين (100-300) صوص، يؤكد هذا التاجر لـ"الحدث" أن صاحب المزرعة أمام خشيته من نفوق كافة الصيصان عمد إلى تطعيمها بالمضادات الحيوية والفيتامينات، مما يُمكنها العيش أطول فترة، ومن ثمَّ بيعها في السوق بأسعار رخيصة نسبياً، ويستمر قائلاً: "هذا ما يُفسر وجود دجاج صغير الحجم بأسعار رخيصة في الأسواق".
 
تشديد الرقابة
وحسب شكوى بعض أصحاب مزارع الدواجن، فإن بعض موردي البيض في غزة يعقدون صفقات غش مع التُجار الإسرائيليين تقضي بالمزج بين البيض المطابق تماماً للمواصفات والأقل جودة ومطابقته بحيث تصدير الأعلى مطابقة لواجهة الشاحنة وتضمين غير المطابق أسفل، حيث تعجز جهات الرقابة في وزارة الزراعة من الوصول إليه وفحصه.
وفي هذا السياق طالب التاجر أبو محمد شبير، بضرورة تكثيف الرقابة من قبل وزارة الزراعة، والتفتيش على الفقاسات التي تستقبل البيض قبل بيعه للمزارع، قائلاً: "بالكاد نستمر في أعمالنا بسبب الحصار والإغلاق".
وكان المهندس صالح بخيت وكيل مساعد في وزارة الزراعة لموارد الطبيعة، قال في مقابلة مع باحث مركز الميزان لحقوق الإنسان بتاريخ 16/4/2014: "إن ضعف الإمكانيات المادية يحول دون الارتقاء بأدوات الرقابة"، موضحاً أن الوزارة خططت لمشروع يقضي بأخذ عينات من مزارع الدواجن لفحص متبقيات الأدوية والمضادات الحيوية في الدواجن قبل تسويقها، إلا أن عدم توفر موازنة لتنفيذ المشروع أعاق البدء به، وأشار إلى نقص اللقاحات والأدوية والعلاجات البيطرية اللازمة للدوجن والحيوانات مما يؤثر سلباً على سلامتها وعلى صحة المستهلك عند تناولها.
ويحتاج قطاع غزة شهرياً قرابة 2 مليون دجاجة، وحسب حمد يتم متابعة إنتاجهم محلياً في مزارع الدواجن بالقطاع، بعد استيراد بيض التفريخ والذي يتراوح بين (3.000-3.200) بيضة تفريخ، مشيراً إلى إتمام عملية توزيع البيض على الفقاسات والمقدر عددها بـ (15) فقاسة بمراقبة ومتابعة الوزارة.
 
نعمل بكافة طاقاتنا
من جانبه أكد طاهر حمد، مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة بغزة، أن وزارته تُشدد من رقابتها على السلع التي تدخل إلى القطاع من معبر كرم أبو سالم وتتأكد من مطابقتها التامة للمواصفات، وفي إطار الرقابة على مزارع الدواجن أشار في تصريح لـ"الحدث": "الوزارة تعمل بكافة طواقمها الفنية والإرشادية على مراقبة المزارع، خاصة فيما يتعلق بمطابقة الإنتاج للمواصفات المحددة بقوانين الزراعة"، ونبَّه إلى قيام الطواقم بحملات تفتيش فجائية على مزارع إنتاج الصوص للتأكد من سلامة النمو وأضاف قبل أن يتم إنزال الكميات إلى الأسواق تخضع للفحص في مختبرات البيطرة بالوزارة.
 
إقرار
وفي حين أكد حمد، بمتابعة الوزارة ومراقبتها لمزارع الدواجن والتفريخ في القطاع، أقر وكيل وزارة الاقتصاد الوطني بغزة د. عماد الباز بوجود كميات من الدجاج الصغير في الأسواق تداوله المواطنون مؤخراً وبعضهم تقدم بشكاوى لوزارته حول عدم سلامة هذا الدجاج، وقال في تصريح خاص بـ"الحدث": "قمنا بمتابعة الأمر وعقدنا ورشات عمل مع وزارة الزراعة من أجل منع أصحاب المزارع من بيع هذا النوع من الدجاج كونه غير صحي إلى حد ما"، لافتاً إلى جملة من الإجراءات سيتم تطبيقها في القريب العاجل بشأن الدجاج الصغير الذي لا يكبر بمنع من تداوله في الأسواق.
 
مخاطر صحية
ويُحذر أطباء بيطريون من تناول الدجاج صغير الحجم، مؤكدين أن عدم نموه يكون ناتج عن إصابته بمرض قد يؤدي إلى موته غير أن أصحاب المزارع والتُجار تجنباً لخسارتهم يقمون بحقنه بأدوية ومضادات حيوية وطرحه في الأسواق قبل انتهاء مدة الأمان التي يتخلص فيها الدجاج من آثار المضادات الحيوية، والتي غالباً ما يجب أن تتراوح بين (7-10) أيام، ونقلت "الحدث" عن الطبيب البيطري حسن صلوحة أن أغلب مربي الدواجن في المزارع يعمدون إلى حقن الطيور بعقار (الجنتاميسين) قبل إنزاله إلى الأسواق بأربعة أيام مؤكداً أنه أمر في منتهى الخطورة ويؤدي إلى تسمم الإنسان على المدى البعيد، ناهيك عن أمراض الفشل الكلوي والترسبات في الطحال والكبد، داعياً إلى منح الطيور المضادات الحيوية في سن مبكرة كون بعض المضادات تبقي في جسد الطير لمدة 40 يوماً.
 
إعدام 800 دجاجة
وإلى ذلك أعدمت دائرة الصحة في بلدية خان يونس قرابة 800 دجاجة، اكتُشفَ إصابتها بإنفلونزا الطيور في منصف إبريل الماضي، وتحفظت البلدية على إبداء مزيد من التفاصيل مكتفية ببيان أكدت فيه بإعدام أعداد من الدجاج، ومطالبة أصحاب المزارع سواء التجارية أو المنزلية بضرورة توخي الحذر ومعاينة الدواجن لدى الطبيب البيطري لمنع انتشار المرض.
يُذكر أن وزارة الزراعة عمدت إلى منع استيراد الدواجن من الضفة الغربية وإسرائيل، خشية من انتقال المرض إليها، لكنها أبقت على السماح باستيراد بيض التفريخ والذي قد يكون سبباً رئيسياً في وصول إنفلونزا الطيور إلى القطاع، وفق بيان البلدية.
وبحسب تقرير أعده مركز الميزان لحقوق الإنسان بعنوان: "تحديات الرقابة على الأغذية في غزة وغياب الحق في الحصول على غذاء آمن صحياً" خلال مايو 2014 الماضي، فإن القطاع الزراعي يُعاني من ضعف الرقابة على على دواجن المائدة بما يضمن خلوها من الأمراض وتأثير الأدوية الضارة على صحة الإنسان، ونوه التقرير الذي حصلت "الحدث" على نسخة منه إلى ضعف رقابة الوزارة على هرمونات التسمين التي يستخدمها مربو الدجاج، مؤكداً أن بعضها مُسرطن وبعضها مُغير لهرمونات داخل جسم الإنسان، كما أفاد التقرير بنقص الكادر البشري لدى الوزارة مما يتسبب في ضعف القيام بالمهمات الرقابية، وحسب التقرير فإن عدد الأطباء البيطريين الذين يتبعون الوزارة لا يزيدون عن (30) طبيباً بيطرياً في حين تحتاج الوزارة إلى توظيف (3) أطباء بيطريين سنوياً لمواكبة الزيادة المطردة في السكان وهو لا يتم، مما يفضي إلى صعوبة إنجاز الأطباء البيطريين المهام الرقابية على الثروة الحيوانية على أكمل وجه.