السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أصحاب البسطات باب رزق...أم مصدر فوضى؟

%23 نسبة البطالة من مجموع القوى العامله في فلسطين

2015-05-05 02:06:00 AM
 أصحاب البسطات باب رزق...أم مصدر فوضى؟
صورة ارشيفية
 
 
الحدث – آية أبو عيسى
 
من يسير للوهلة الأولى في شوارع وأسواق محافظة نابلس يدرك حجم المأساة التي نعيشها, عربات الباعة المتجولين تنتشر بشكل عشوائي على جوانب الطرقات والأرصفة وفي الساحات المخصصة لسير المواطنين, فعمت فوضى عارمة بلغت ذروتها, يحدث هذا الأمر بالتوازي في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي تضرب أواصر مدينة نابلس منذ عدة سنوات وتدفع الكثير من المواطنين لإنشاء بسطات عشوائية بحثاً عن قوتهم وقوت أبنائهم.
 
"قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق" هذا ما عبر عنه الحاج أبو محمد 70 عاماً، بائع هريسة، والذي يعاني من جلطة أصابت يده وقدمه اليمنى، وقال: "نحن مع القانون وليس ضده، ولكن دون قطع أرزاق الناس خاصة وأننا نمر في وضع حرج من فقر وبطالة وانقطاع الرواتب التي تعد هي عصب الحياة لمجتمعنا الفلسطيني".
 
وتابع: "نعاني نحن أصحاب البسطات في مدينة نابلس من وضع لا نحسد عليه، فنقضي الصيف تحت أشعة الشمس الملتهبة وفي فصل الشتاء نتمزق برداً، وكل ذلك من أجل كسب قوت أبنائنا ولكي لا نمد أيدينا ونقول لله يا محسنين".
 
وقال المقدم رائد أبو غربية مدير عام العلاقات العامة والناطق الإعلامي باسم اللجنة العليا لحركة السير بنابلس: "لا تزال مدينة نابلس تعاني الكثير من مظاهر التخلف والفوضى, في ظل وجود البسطات العشوائية التي تملأ الأرصفه والممرات, وتتخذ من الشوارع والأسواق مكاناً لتروج بضائعها المتواضعة, ليس ذلك وحسب، بل يعتدي أصحاب المحلات التجارية على الأرصفة ويضعون بضائعهم على الطرقات فلا يتركون للمارة مجالاً للتسوق".
وأضاف: "البسطات، مع ما تحدثه من فوضى داخل السوق، تشكل أزمة سير خانقة وصعوبة في الحركة خاصة مع تواجد عرب الداخل شبه اليومي في المدينة".
 
وأكد أبو غربية أن انتقال البسطات إلى الأماكن التي حددتها البلدية (المجمع الشرقي, المجمع الغربي, مجمع العدل) لن يشكل عبئاً على أصحاب البسطات, حيث أن 60% من المواطنين يقضون حوائجهم من البسطات.
 
وأشار إلى أن الهدف من وراء هذه الحملة هو جعل الشوارع أكثر نظاماً وترتيباً، ولتسهيل حركة المواطنين والسيارات بشكل حضاري، مشيراً إلى أن الرصيف حق للعامة ولا يجوز التعدي على هذا الحق وإعاقة الحركة المرورية وإزعاج المواطنين.
 
وبين في تصريح له أن الأماكن المستهدفة كمرحلة أولى في هذه الحملة هي وسط البلد (دوار الشهداء), مداخل التجمع التجاري, كراجات طولكرم, شارع سفيان, شارع العدل, شارع فلسطين.
 
وأوضح المقدم رائد أبو غربية: "أن غلاء المعيشة وتأخير الرواتب وانقطاعها أربعة شهور بسبب الضرائب الإسرائيلية, إضافة إلى عدم تطبيق قانون الحد الأدنى للأجور جعل الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم".
 
وتابع: "لا يوجد لدينا اقتصاد حر ومستقل. واعتبارنا كدول مستهلكة غير منتجة أوقع عبئاً كبيراً على كاهل المواطن, فلم يعد لديه دخل قوي يكفيه لنهاية الشهر".
 
وصرح أبو غربية بأن قرار إزالة التعديات (البسطات) من المدينة سيتم تنفيذه يوم الأحد الموافق 3/5/2015 بالاتفاق مع المؤسسات والبلديات والجهات ذات الاختصاص في نابلس.
 
وأعرب أصحاب البسطات عن استيائهم واستنكارهم وغضبهم من الحملة، مشيرين إلى أن أطفالهم سيموتون جوعاً بسبب حرمانهم من العمل وإبعاد عرباتهم ونقلها إلى المجمع، والذي بدوره لن يلبي سوى بعض احتياجاتهم في ظل ظروف قاسية وأوضاع مأساوية.
 
محمد يعيش 40 عاماً، أب لسبعة أبناء، يعاني من مرض السكري وهو أحد الأشخاص الذين حاولوا إحراق أنفسهم في السنوات الماضية بسبب الفقر وسوء المعيشة، قال: "الربح الزهيد الذي أحصل عليه من بيع الخضار والفواكه على هذه البسطة يمكنني من توفير الطعام لأسرتي, خاصة بعد فشلي في الحصول على عمل أفضل, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مراراً وتكراراً في ذهني، ماذا أفعل لأمي التي تحتاج شهرياً إلى 1500 شيقل دواء وربحي في اليوم لا يتجاوز 50 شيقلاً؟"
 
وتابع: "أين حق المواطن في الحياه؟ نحن عبيد للسلطة وللأمة العربية, أين الحق عندما يبحث الشخص عن رزق أبنائه ويُخالف عليه؟ البسطة لن تضر أمن البلد وسلامته, بل فقدانها سيؤدي إلى الفلتان والسرقات ستزداد من كل حدب وصوب, والمواطن لن يترك أسرته دون طعام أو شراب، وبالتالي سيضطر إلى السرقة أو النهب، وستكون قاعدته الأساسية هي: "المال يعادل الروح"".
 
وأوضح الجهاز المركزي للإحصاء أن عدد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية بلغ 141 ألفاً، بنسبة تشكل 19% من المشاركين في القوى العاملة، وحسب التقرير، بلغ معدل الأجر اليومي الحقيقي للعاملين حوالي 54 شيقلاً إسرائيلياً لكلا الجنسين بواقع 60 شيقل في الضفة الغربية.
 
يشتكي أصحاب البسطات من غياب أماكن وفضاءات لعرض بضاعتهم، حيث أكد بعضهم أن الأمر بالنسبة لهم موسمي فيما يرى آخرون أن لا حل أمامهم سوى التجارة, باعتبارهم عاطلين ولا يجدون فرص عمل أخرى.
 
المواطن فرج خريوش 30 عاماً، بائع فراولة يقول: "لا مانع لدينا من تطبيق القانون والنظام ولكن ليس على حساب أصحاب البسطات, فنحن نرفض تطبيق قرار إزالة البسطات, وندعم ونؤيد ترتيبها ووضعها في الشوارع بحيث لا تشكل أزمة سير أو ازدحاماً في الطرقات".
 
وأضاف: "عملية البيع والشراء في المجمع الغربي أو الشرقي بخسة جداً, فلا يتجاوز بيعي داخل المجمع الـ20 كيلو فراولة, فالمكان غير مناسب والناس لا تأتي إليه لشراء حاجياتها باعتباره بعيد, لذلك لا بد من إيجاد بديل لهذه المجمعات".
 
وتابع: "لا نريد مشاكل ونحن مع القانون فقط في حالة ترتيب البسطات ووضعها في أماكن نستطيع من خلالها كسب قوت أبنائنا".
"أنا الي خمسة شهور بالمجمع قربت أشحد"، عبارات مليئة بمعاني الفقر وضيق المعيشة تحدث عنها المواطن علام 45 عاماً وتابع: "القرار الذي تم اتخاذه بشأن إزالة البسطات غير عادل ولا يمت للإنصاف بصلة, فهناك 1000 بسطة تسترزق قوت أبنائها من وراء البيع على العربات، أين تذهب؟ إضافة إلى وجود 125 نمرة بسطة في المجمع تطعم كل منها عائلتين أو ثلاثة, ماذا يفعلون عندما تخرج البسطة في اليوم 50 شيقلاً؟"
 
وقال ناصر يونس رئيس نقابة عمال النقل: "تعيش مدينة نابلس فوضى عارمة بسب احتلال الباعة وأصحاب البسطات الشوراع الرئيسية لها, والذين بدورهم يعرضون بضائعهم وسط شوارع والطرقات، الأمر الذي يؤدي إلى عرقلة حركة المركبات وزيادة الأزمة المرورية داخل المدينة, لذاك لا بد من إعادة تنظيم المدينة ونقل المخالفين من البسطات إلى السوق الغربي أو الشرقي للتقليل من الازدحام".
 
وأضاف: "نحن نسعى لتطبيق القانون وعدم الاعتداء على الحق العام وحق المركبات بالسير بشكل منتظم وإظهار نابلس بمظهر حضاري, دون المساس بأرزاق الباعة والعمال المتجولين على البسطات".
 
يشار إلى أن نسبة البطالة في الضفة الغربية حسب رئيس نقابة عمال النقل ناصر يونس، تصل إلى 23% من مجموع القوى العاملة.
 
وتساءل يونس: "هل الغاية تبرر الوسيله؟" وتابع: "نعلم أن ظروف العمال صعبة، ولكنها ليست مبرراً للعمل كبائعين في الطرقات والأسواق, لذلك أطالب شرطة البلدية والمؤسسات المختصة برعاية احتياجات الناس وتوفير فرص عمل مناسبة لهم يستطيعون من خلالها كسب قوت أبنائهم".
"فش أشغال وفش عمل والوضع الاقتصادي بحاكي حاله من غلاء معيشة وقلة صرف الرواتب, وفوق كل هاد أجت الشرطة والبلدية احتجوا علينا وادعو بوجود بديل، وين البديل؟"
 
وتابع: "عند نقل البسطات للمجمعات يصاب الشارع بحالة من الاجتياح ويقل الحراك الاقتصادي عليه وتغدو أجور أصحاب البسطات قليلة، فبدلاً من حصوله على 50 شيقلاً باليوم، يجني صاحب البسطة 20 شيقلاً بسبب عمله داخل المجمع".
 
يعاني مواطنو محافظة نابلس من تردٍّ واضح وملموس على الصعيد الاقتصادي، الأمر الذي دفع الكثير من العمال للبحث عن قوت يومهم من خلال إقامة مشاريع صغيرة تدر دخلاً يومياً على أسرهم كإقامة البسطات على الأرصفة والشوارع ليواجهوا قساوة الفقر وأوجاعه.