الحدث الثقافي- أخبار وفعاليات
"منذ النكبة حتى سنوات متأخرة من عمر القضية الفلسطينية، كان الإنسان الفلسطيني يصدر عبر الإعلام والأدب بوصفه شخصية ملحمية، وظل المتلقي العربي يطالبه دائما بنوع من البطولة، ودائما ما كان ينظر للفلسطيني من زاوية جمعية، أي أننا اعتدنا على التعامل معه كجماعة، لكن في أعمال مروة جبارة الطيبي يحضر الفلسطيني بوصفه فردا لا جماعة، لديه همومه الشخصية وآماله ومخاوفه وهواجسه العادية، هناك نوع من الانحياز للمأساة الفردية على حساب الشعارات الجمعية". بهذه الكلمات ختم الشاعر العماني سالم الرحبي جلسة حوار جرت على هامش مهرجان الأيام الفلسطينية السينمائية في العاصمة العمانية مسقط، وذلك في حديثه عن فيلم "لقمة عيش" للمخرجة الفلسطينية مروة بالإضافة لمجمل أعمالها.
وعلى مدار ثلاثة أيام، نظمت الجمعية العمانية للسينما والمسرح بالتعاون مع سفارة فلسطين في سلطنة عمان فعالية الأيام السينمائية الفلسطينية.
وكرمت الجمعية المخرجة الطيبي عن فيلمها "لقمة عيش" من إنتاج الجزيرة الوثائقية الذي يلقي الضوء على معاناة العمال الفلسطينيين الذين يعملون في الداخل المحتل وعذابهم اليومي ذهابا وإيابا في سبيل تأمين لقمة العيش على مدار 52 دقيقة.
والفيلم، هو توثيق لرحلة عمال فلسطينيين ينتقلون من منازلهم إلى أماكن عملهم في الأرض المحتلة، يسلط الضوء على ساعات الانتظار الطويلة، والتفتيش المهين الذين يتعرضون له وسط الكلاب البوليسية على الحواجز، إضافة إلى احتمالية الاختناق بين الحشود، كما يعطي الفيلم اهتماما لأولئك الذين لا يعطيهم المحتل تصريحا للدخول، ومحاولتهم الهروب وما يترتب على ذلك من مخاطر وتهديدات.
ولم تنس الطيبي أن تسلط الضوء على الفلسطينيات اللواتي يشغلن الفراغ الذي يتركه العامل بسبب غيابه الطويل، بالإضافة إلى الأدوار غير التقليدية التي ستقع على عاتقهن نتيجة لذلك.
وضيوف الفيلم هم: ياسمين البطش، رويدة ربعي، محمد سعيد، سهيل العمور، محمد الزهور، وحيد العمور، بلال العمور، محمود البطش، ميادة العمور.
وأعربت المخرجة عن سعادتها في مقابلة أجريت معها عقب اختتام أعمال المهرجان، قائلة: "أسعدني جدا حضور شابات عمانيات من نادي فلسطين من جامعة سحار التي تبعد ساعتي سفر، يتوشحن بالكوفية الفلسطينية لحضور الفيلم واللقاء".
وأشارت الطيبي إلى ما أسمته عمق معرفة مدير الجلسة في الشأن الفلسطيني وكأنها قضيته، بالإضافة إلى الالتفاف العامني حول القضية الفلسطينية.
وتطرقت المخرجة إلى أهمية أن يكتب الفلسطيني مصطلحاته ومسمياته والتعريفات المناسبة عند صياغة حكايته، دون انتظار المحتل أو الأجنبي أن يفعل هذا، وذلك تجنبا للوقوع في لعبة الألفاظ البديلة والمدسوسة والروايات المنحرفة التي يحاولون زرعها في عقولنا وعلى ألسنتنا".
وحقق الفيلم نجاحا كبيرا على الصعيدين المحلي والدولي، حيث تم اختياره وترشيحه لمسابقة الطائر الفلسطيني ضمن مهرجان أيام فلسطين السينمائية عام 2021، كما حصد جائزة أفضل فيلم وثائقي في مسابقة مهرجان الولايات المتحدة الأمريكية الدولي للأفلام القصيرة بينما توجت مخرجته بجائزة أفضل مخرجة في مهرجان كان.
وفي رؤيتها للوضع الفلسطيني، قالت المخرجة إننا لسنا مساكين ولا بؤساء، وقضيتنا ليست محض أحزان وفواجع وآلام، بل مليئة بقصص البطولة والعطاء والنجاح".
وكان المهرجان قد افتتح في الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني الماضي، بكلمتين للجمعية العمانية والسفارة الفلسطينية، تلاهما عرض لفيلم معطف كبير الحجم للمخرج نورس أبو صالح.
وفي اليوم الذي يليه عرض ضمن فعاليات المهرجان فيلم ستائر العتمة، كما نظمت ندوة حول المحطات البارزة في السينما الفلسطينية قدمها السينمائي عبد الله البلوشي.
أما في اليوم الثالث فعرض فيلم "لقمة عيش" وتلت العرض جلسة نقاش مع المخرجة مروة الطيبي.