سلطة النقد تؤجل موعد البدء بتطبيق التعليمات الجديدة الخاصة برفع العمولة على الإيداع النقدي من خلال البنوك
تجار لـ الحدث: نرفض فرض عمولات على الإيداع النقدي التي ستؤثر على جميع الفئات
محللون لـ الحدث: هناك أزمة حقيقية في تراكم الشيقل لدى البنوك وهذا يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني
خاص الحدث
أقرت سلطة النقد الفلسطينية مؤخرا، تعليمات جديدة بشأن الرسوم والمعاملات المصرفية (تعليمات رقم 1 لسنة 2023)، الذي أكدت سلطة النقد في مؤتمر صحفي لها، أنها ستؤثر فقط على 2% فقط من المودعين وأن 98% من المودعين لدى البنوك العاملة في فلسطين لن يتأثروا بالتعليمات الجديدة، على أن يحظر على البنوك فرض أي عمولة خارج العمولة الموجودة في التعليمات الصادرة عن سلطة النقد، ولكن سرعان ما أصدرت سلطة النقد بيانا قالت فيه إنها قررت تأجيل موعد بدء العمل بالتعليمات الجديدة حتى الأول من أيار 2023، بسبب عدم جاهزية بعض التجار للتحول الرقمي والذين ستؤثر عليهم التعليمات بشكل أساسي، وإعطاء فرصة لمن يود أن يودع أمواله بعملة الشيقل بالطريقة النقدية لغاية بدء سريان التعليمات بحسب ما أكد محافظ سلطة النقد فراس ملحم في تصريحات له.
بحسب بيان سلطة النقد، فإن عملية تأجيل تطبيق التعليمات تهدف إلى إتاحة المجال أمام المصارف وشركات خدمات الدفع الإلكتروني لاستكمال نشر نقاط البيع وأدوات الدفع الإلكترونية في كافة المدن والقرى، كما ويتيح قرار سلطة النقد المذكور، تشجيع الأفراد والشركات على تفعيل حساباتهم المصرفية وفتح محافظ إلكترونية واستصدار البطاقات البلاستيكية اللازمة لتسهيل عملية الانتقال لاستخدام القنوات الإلكترونية، إضافة إلى قيام المصارف والشركات الكبرى بالتعاون والتنسيق فيما بينها لتسهيل عملية التحول الرقمي في الخدمات والعمليات المالية والمصرفية.
محافظ سلطة النقد، فراس ملحم، قال في مؤتمر صحفي في 10 يناير 2023، إن التعليمات الخاصة بالرسوم والمعاملات المصرفية الجديدة، ترفع العمولة على الإيداع النقدي بعملة الشيقل من خلال المصارف العاملة في فلسطين. مؤكدا أن الفئات التي ستتأثر بهذا القرار هم كبار التجار، وموزعي المحروقات وتجار التبغ والدخان.
وأوضح محافظ سلطة النقد، أن الهدف من التعليمات الجديدة هو تشجيع التجار على مسألة التحول إلى الدفع الإلكتروني، في ظل تخفيض الرسوم للتجار على المعاملات الإلكترونية من 3.4% إلى 0.5% ومؤخرا إلى صفر%. وقال: كان يجب علينا التدخل لتشجيع التجار على التعاملات الإلكترونية الرقمية من خلال فرض عمولات على الإيداع بعملة الشيقل على وجه الخصوص، الأمر الذي سيؤدي كذلك إلى حل مشكلة تراكم الشيقل لدى البنوك الفلسطينية، في ظل القيود الإسرائيلية على استعادتها، حيث يتواجد لدى البنوك الفلسطينيين ما يقارب 6 مليار شيقل نقدا، وهي ما تعتبره سلطة النقد خسارة للاقتصاد الفلسطيني.
وقال مدير عام شركة "PALPAY" السابق وأمين سرّ جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، معاوية القواسمي، إن أكثر من يتأثر بالتعليمات الجديدة لسلطة النقد هي محطات المحروقات.
وأضاف القواسمي لـ "صحيفة الحدث"، أن تعليمات سلطة النقد مهمة جدا خاصة مع تكدس النقد من عملة الشيقل لدى البنوك العاملة في فلسطين، مشيرا إلى أن سلطة النقد أصدرت تعليمات للبنوك في وقت سابق بعمل حملات من خلال استعمال البطاقات البلاستيكية لتخفيض استعمال ولكنه لم ينخفض. كما وأصدرت تعليمات للبنوك بالعمل بشكل استباقي على توزيع ماكينات الدفع الإلكتروني بأوسع ما يمكن، مشيرا إلى أنه قد لا نصل للمستوى المطلوب مع حلول أيار إلا أننا سنكون قد خطونا خطوات مهمة تسمح بتطبيق التعليمات.
أكد أصحاب محطات المحروقات لـ "صحيفة الحدث" رفضهم للتعليمات الجديدة وقالوا إنهم سيعقدون اجتماعات مع سلطة النقد لتباحث الأمر، وإصدار بيان للرأي العام بالخصوص.
وقال رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات في الضفة الغربية، نزار الجعبري، في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إن اجتماعا عقد مؤخرا مع سلطة النقد الفلسطينية بحضور ممثلين عن الغرف التجارية في رام الله والخليل بمقر سلطة النقد، وتم الاتفاق مع سلطة النقد على تجميد القرار حتى بداية أيلول المقبل شريطة عقد اجتماعات عديدة لدراسة الوضع.
وأضاف الجعبري، أن أرباح أصحاب محطات المحروقات لا تحتمل هذه العمولات، التي تصل إلى 5 بالألف شهريا، ولذلك قد يصل الأمر إلى إغلاق المحطات. مؤكدا أن التعميم يمس كل شرائح المجتمع الفلسطيني، ولايقتصر فقط على كبار التجار كما أعلنت سلطة النقد.
وأشار إلى أن مشكلة سلطة النقد والسبب في إصدار التعليمات الجديدة جاء على خلفية فائض النقد من عملة الشيقل وقال إن سلطة النقد تحاول تجيير هذا الفائض إلى القطاع الخاص.
وبحسب الجعبري، فإن أحد أهداف سلطة النقد المعلنة من هذه التعليمات هو التوجه لتحويل الدفع إلى إلكتروني، مؤكدا أنه كصاحب محطة وقود يؤيد هذا التوجه، مستدركا: هذه ثقافة تحتاج إلى وقت طويل حتى تترسخ لدى المواطنين، وأنا لدي ماكينات بيع إلكرتوني منذ سنوات تدريجيا يرتفع عدد مستخدميها.
وأوضح أن نحو 5% فقط من المستهلكين للوقود، يستخدمون الدفع الإلكتروني في مقابل 95% يفضلون الدفع نقدا، مؤكدا أن المشكلة ليست لدى التجار وإنما في ثقافة المستهلكين خاصة وأن العمولات التي تترتب على محطات محروقات جراء استخدام الدفع الإلكتروني 0%، وهذا التوجه يريحنا كتجار بدلا من نقل النقود وتحمل مخاطرة ورفع بوليصات التأمين وغيرها، ولكن المهم هو العمل على توعية المجتمع وتعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني.
أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، نائل موسى، فاعتبر في مقابلة خاصة لـ "صحيفة الحدث"، أن القرار غير سليم، وطالب بخلق أدوات إضافية لتصريف الفائض النقدي من عملة الشيقل التي قالت سلطة النقد إن رفع العمولة جاء للتشجيع على الدفع الإلكتروني ومحاولة للتخلص من فائض الشيقل لدى البنوك العاملة في فلسطين.
ورأى المحلل الاقتصادي محمد سلامة، أن أزمة النقد من عملة الشيقل أحد أهم الأسباب لرفع هذه الرسوم، التي أصبحت البنوك غير قادرة على تصريفها بعد رفض إسرائيل استقبالها، بحجة استغلال مسألة أموال دعم الإرهاب على حد زعم الاحتلال، وبالتالي تحتفظ البنوك بهذا النقد وهو ما يشكل عبئا بالنسبة لها.
وقال سلامة لـ "صحيفة الحدث"، أن قانونا جديدا تم سنه لدى الاحتلال الإسرائيلي يقضي بمنع تداول النقد في المعاملات التجارية وتحديد التعامل بالنقد بمبالغ معينة، وفرض قيود في التعامل مع النقد وفي الوقت نفسه تجبر الفلسطينيين على الاحتفاظ بالنقد من عملة الشيقل الذي يفترض أن تتسلمه.
وأوضح، أن الاحتفاظ بـ 6 مليارات شيقل نقدا لدى البنوك يحد من قدرتها على منح الائتمان أو الاستثمار وإنتاج الربحية وبالتالي تقليل تكلفة الخدمات، مشيرا إلى أن فرض العمولة من قبل سلطة النقد جاء كنوع من تقييد التعامل بالنقد من عملة الشيقل، وزيادة الوعي لدى التجار والمواطنين لوقف التعامل بالنقد الذي هو مكلف جدا بالنسبة للبنوك.
وبحسب المحلل الاقتصادي محمد سلامة، فإن موضوع العمولة هو عبارة عن علاقة بين المودع والبنوك، وسلطة النقد يجب أن تترفع عن التدخل فيها إلا من حيث التنظيم أو إصدار تعليمات وتوجيهات، ولكن بالنهاية المواطنين قد يتحملون جزءا من هذه العمولة بالاستناد إلى سياسات كبار التجار فيما يخص توزيع هذه العمولة على السلع والخدمات.
يؤكد خبراء اقتصاديون فلسطينيون، أن تراكم الشيقل لدى الفلسطينيين يقيد حريتهم لإرضاخهم سياسيا، على الرغم من أن الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، تلزم إسرائيل باستقبال الأموال من فئة الشيقل في ظل عدم وجود بنك مركزي فلسطيني من ناحية، و"تعود العملة لموطنها الأصلي" وفق القانون من ناحية أخرى.
قال المحلل الاقتصادي محمد سلامة، إن المصدر الأهم للنقد من عملة الشيقل في فلسطين هو العمال في الداخل الفلسطيني المحتل، وتحويل رواتبهم عبر البنوك الفلسطينية جزء من أهدافه تقليل النقد من الشيقل، مؤكدا أن الشيقل النقدي بات مكلفا للبنوك والاقتصاد الفلسطيني، وطالب بالحزم في التعامل مع الشيقل النقدي وإيجاد بدائل للتعامل بالنقد.
ورأى أنه لا حلول يمكن تطبيقها على المدى القصير، وإنما تحتاج القضية إلى حلول طويلة ومتوسطة المدى لحلها بشكل نهائي، وقال: ما ينقصنا هو قبول المواطنين لوقف والحد من التعامل مع النقد.
حصلت صحيفة الحدث على تفاصيل التعليمات الجديدة لسلطة النقد، والتي تشير إلى أن نسبة العمولة للإيداعات النقدية داخل الفرع بعملة الشيقل التي تزيد عن 100 ألف شيقل وتساوي أو تقل عن 300 ألف شيقل شهريا بنسبة 0.1% للعميل الفرد، و0.2% للعميل الاعتباري. أما الإيداعات النقدية داخل الفرع بعملية الشيقل فقط التي تزيد عن 300 ألف شيقل وتساوي أو تقل عن 500 ألف يقل بنسبة 0.2% للفرد و 0.3% للعميل الاعتباري. والإيداعات النقدية داخل الفرع بعملية الشيقل فقط التي تزيد عن 500 ألف شيقل وتساوي أو تقل عن مليون شيقل شهريا بنسبة 0.4% للعميل الفرد والعميل الاعتباري. أما الإيداعات النقدية داخل الفرع بعملية الشيقل التي تزيد عن 500 ألف شيقل سنويا بنسبة 0.2% للعميل الفرد والاعتباري، والإيداعات النقدية التي تزيد عن مليون شيقل شهريا بنسبة 0.5% للعميل الفرد والاعتباري. والإيداع النقدي المعدني الذي يزيد عن 200 شيقل بنسبة 3% من المبلغ المودع، أما إيداع النقد التالف فيتم وفق التكلفة الفعلية فقط، على أن يجوز للمصارف أن تستثني فئات من العمولات شريطة الحصول على موافقة سلطة النقد المسبقة.
وبحسب التعليمات، فإنه "يجب على المصارف استيفاء العمولة على التعاملات النقدية، بحيث تبلغ للسحب النقدي أو صرف شيكات نقدا داخل الفرع بواقع 1 دولار للمبالغ التي تساوي أو تقل عن 2000 دولار أو ما يعادلها، ونسبة 0.05% للمبالع التي تزيد عن 2000 دولار وتساوي أو تقل عن 10000 دولار أو ما يعادلها، و0.02 للمبالغ التي تزيد عن 10000 دولار أو ما يعادلها بالعملات الأخرة.