الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قصة الوحدة الوطنية / بقلم: سامي سرحان

2015-05-05 12:30:04 PM
 قصة الوحدة الوطنية / بقلم: سامي سرحان
صورة ارشيفية
 
 
كان هم الزعيم الراحل أبو عمار الأساسي في قيادته للمسيرة الوطنية الفلسطينية أن تبقى الوحدة الوطنية الفلسطينية قوية وفاعلة وراسخة بعيدا عن التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الفلسطينية، والحفاظ على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وكثيرا ما أجبر الحرص على الوحدة الوطنية أبو عمار إلى تقديم تنازلات تنظيمية ومالية للقوى التي تحاول الخروج عن الصف الوطني والالتحاق بركب بعض الأنظمة القريبة التي ترى في القضية الفلسطينية مجرد يافطة وشعار تتاجر به لتعزيز موقفها بين أبناء الشعب العربي في أقطارها وفي الساحة الفلسطينية.
 
وقبل خمسين عاما، كتب المدير العام لمركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية الأستاذ صبري جريس في دورية شؤون فلسطيينة (أكتوبر 1986) مقالا حول ما أسماه ملهاة الوحدة الوطنية وكأنه يكتبه اليوم يقول فيه:
قصة إبريق الزيت المعروفة أيضا باسم الوحدة الوطنية لاتنتهي، إنها لا تختفي فترة إلا لتعود مجددا بزخم أشد فتضع ثوبا وتلبس آخر وتدفع العديدين نحو الأوهام والأحلام والمتاهات، وتلحق بالمحصلة أفدح الأضرار بالعمل الوطني الفلسطيني من حيث أنها لا تستطيع أن توجه الأنظار إلا نحو المشاكل الهامشية والنتيجة هي بالطبع التغطية على المشاكل الحقيقية الملحة وتجنب معالجتها والتلهي بالشعارات على ما يتبع ذلك عادة من كوارث وما يزال الأمل يراود القيادة الفلسطينية الحالية في الحفاظ على الهف ذاته للوصول بنا إلى دولة فلسطينية مستقلة.
 
كنا نعي أن التمزق الفلسطيني قبل أوسلو مرده إلى الشتات وتأثير الجغرافيا على الفصائل الفلسطينية ورغبة بعض الدول العربية احتواء الثورة وإلحاقها بأجهزة مخابراتها ومصادرة قرارها الوطني المستقل الذي كان أبو عمار رمزه.
 
واليوم وبعد خمسين عاما على انطلاقة الثورة الفلسطينية نجد أن المؤامرة على الوطنية الفلسطينية أو على استقلالية القرار والهدف الواضح بقيام دولة فلسطين المستقلة الواحدة في الضفة وغزة والقدس على أشدها تحت ذرائع ومسميات جهادية وإسلامية ووطنية. وما أن ننتهي من جولة محادثات حتى ندخل في جولة ثانية وهكذا كقضية "إبريق الزيت" المعروفة لجمع الصف الفلسطيني وارساء دعائم الوحدة الوطنية الفلسطينية.
 
ويضيف الكاتب وفي التنظير لما يعتبر محاسن ما يسمى الوحدة الوطنية تلعب بعض التنظيمات الفلسطينية إضافة إلى بعض المتشددين والمستقلين هنا وهناك دورا بارزا للغاية، فهؤلاء لا ينفكون يسعون إلى تلك الوحدة ولا يدخرون وسعا في تحقيقها، ولا يتعبون من العمل لأجلها بهمة واجتهاد ونشاط ومثابرة تثير الاستغراب وفي أحيان كثيرة الشبهات.
 
ويقول حتى لا يجمل التعاطي مع هذا الموضوع على غير موضعه تجدر الإشارة إلى أن مجمل المعطيات المتوفرة والأوضاع السائدة لا تدع مجالا للشك في أن خطر تلك الوحدة بما تجره عادة من عقم في التفكير وشلل في الأداء غير وارد، فالواقع الذي تبلور خلال السنين الأخيرة لا يسمح بعودة مثل هذه الوحدة، وإن عادت فلن تكون إلا ظاهرية وحتى في وضعها هذا لن تستمر طويلا، وإن كانت هناك حاجة للتعامل مع هذا الموضوع فإنها ناجحة أساسا عن ضرورة التصدي للفكر والممارسات المهجرية ومحاولة الإسهام في الكشف عن حقيقتها.
 
لم تتغير ممارسات الفصائل والحركات، بقيت بعد الخروج من بيروت عام 1982 أو تلك التي برزت بعد ذلك عن ممارسات فصائل وحركات منظمة التحرير قبل الخروج وقبل أوسلو، وإن تبدلت الولاءات وظهرت حركات وتلاشت أو تكاد فصائل وفقا لما يجري في الساحة العربية، وفي رعاية بعض الدول العربية والإسلامية لفصائل جديدة ببرامج متجددة شعبوية ومتشددة تروج في الحقيقة لإضافة قديمة لم تصلح للتسويق في زمن مضى وهي اليوم أكثر ابتعادا عن حاجة المتعاملين في السوق السياسي.
 
ومن الظلم للحكومة القائمة حاليا أن تتحمل أوزار فشل تحقيق الوحدة الوطنية المزمن، ومن يتحمل هذه المسؤولية تلك الأطراف التي عقدت مئات جلسات الحوار وصاغت وثائق واتفاقيات كان من بينها ولعل من أيسرها تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي ترمى اليوم من كل الجهات بكثير من النعوت، ويعتدى على وزرائها ويمنعون من الوصول إلى مكاتبهم في أحد شطري الوطن الذي يسعى الجميع إلى وحدته لكن هيهات هيهات.