ترجمة الحدث
قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إنه في الأسابيع الثلاثة الماضية، كان هناك تدهور كبير في الأمن القومي لإسرائيل، حيث يستمر التصعيد في الضفة الغربية، وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال والشاباك تمكنا من منع بعض العمليات، لكن لا يزال هناك حوالي 40 إنذارا يوميا حول نوايا تنفيذ عمليات.
وأضافت الصحيفة أن الحال لا يختلف في القدس، فقد تدهور الوضع الأمني والشعور بالأمن لدى المستوطنين، بسبب سلسلة العمليات التي نفذها مقدسيون. بموازاة ذلك، أطلقت عشرات الصواريخ على مستوطنات غزة منذ نهاية كانون الثاني وحتى اليوم، وهي حقيقة تشير إلى تآكل الردع.
وبحسب الصحيفة فإن هناك تطورات في الساحة الإيرانية ذات طبيعة سلبية من وجهة نظر إسرائيل، إذ تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم أكثر فأكثر إلى مستوى 60٪، وهي قريبة جدًا من درجة المواد الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية. بالإضافة إلى ذلك، أصبح التحالف التكنولوجي العسكري بين إيران وروسيا أقوى من ذي قبل.
وأوردت الصحيفة أن تطورا سلبيا آخر في المجال الأمني هو التوتر في العلاقات بين حكومة الاحتلال وواشنطن، بسبب قرار مجلس الوزراء السياسي الأمني "الكابينيت" بتأهيل 9 بؤر استيطانية في الضفة والبدء في تنفيذ خطط بناء لحوالي 10000 وحدة استيطانية في منطقة (ج).
عامل آخر في التوترات التي تطورت في الأيام الأخيرة مع الولايات المتحدة وأوروبا هو تنفيذ تشريع يحد من استقلال النظام القانوني من قبل الحكومة، دون استشارة المعارضة. هذا الإجراء التشريعي المتسرع، الذي يمكن أن يضر باستقلال النظام القانوني في إسرائيل، لا يتماشى مع قيم الإدارة الأمريكية في واشنطن، وفق يديعوت.
مصادر أمريكية قالت لصحيفة يديعوت، إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن طلب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو العمل على تهدئة الساحة الفلسطينية والتأكد من أن الحكومة التي يرأسها لا تنفذ إجراءات أحادية الجانب من شأنها أن تحبط حل الدولتين. بالإضافة إلى ذلك، طلب منه تمرير التعديلات القانونية بالإجماع.
في المقابل، وعد بلينكن، نتنياهو، أنه إذ استجاب لهذه المطالب، فإنه سيحصل على تعاون وثيق ومساعدة في التعامل مع إيران، ومساعدة أمريكية لتعزيز التطبيع مع السعودية، واستمرار الدعم السياسي في المنظمات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة.
واعتبرت يديعوت أن قرار "الكابينيت" بتأهيل 9 بؤر استيطانية يهدد بشكل أو بآخر هذا التعاون. وأشار بلينكين إلى ذلك أمس وقال "نحن منزعجون للغاية من قرار إسرائيل تشجيع بناء ما يقرب من عشرة آلاف وحدة سكنية في المستوطنات والبدء في عملية تأهيل بأثر رجعي لتسع بؤر استيطانية في الضفة الغربية، وأضاف: "كما ذكرت من قبل، أي شيء يبعدنا عن رؤية دولتين لشعبين يضر بأمن إسرائيل على المدى البعيد".
وبينت يديعوت أن التلميح الأمريكي واضح جدا. ورغم أن الأوروبيين هم أيضا أدانوا قرار "الكابينيت"، لكن ما يجب أن يثير القلق الإسرائيلي على الفور هو الإدانة الأمريكية بسبب حقيقة أن نتنياهو وحكومته يرفضون بالفعل اقتراح الصفقة الأمريكية التي تم طرحها على طاولتهم.
وتابعت الصحيفة بأن التصعيد في مناطق الضفة الغربية مستمر لأن أسبابه لا تزال قائمة: غضب الشباب على كل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل. توافر الأسلحة كما أن قوة الأجهزة الأمنية الفلسطينية تتراجع، إضافة إلى سقوط عشرات الشهداء في الاقتحامات، هؤلاء هم وقود النيران المتفجرة.
وفق الصحيفة، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي والشاباك ينجحان أحيانا بمنع بعض العمليات من خلال التواجد المكثف في الميدان، لكن الثمن باهظ. حوالي 26 كتيبة من الجيش، عادية واحتياطية، موجودة الآن في الضفة الغربية، وتقوم بنشاط مكثف بالضفة، أيضًا على طول خط التماس. هذا يعني أنهم لا يتدربون وهناك ضعف في تدريب الوحدات القتالية، وسوف ينعكس هذا في الحرب الكبرى القادمة.
واعتبرت الصحيفة أن تدهور الوضع الأمني في القدس ينبع على الأقل جزئيًا بشكل مباشر من سلوك حكومة الاحتلال. بتعبير أدق، من تصرفات وزير الأمن القومي إيتمار بن غبير، الذي ترفع تصريحاته المتكررة لوسائل الإعلام من مستوى القلق والغضب لدى الشباب وحتى الأطفال الفلسطينيين في القدس.
ورأت الصحيفة أن هذا المزيج من القلق والغضب نتيجة تصريحات بن غبير، ومحاكاة العمليات، هو الذي يتسبب في وضع متفجر يتأثر به الشبان الفلسطينيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا حتى قبل شهر رمضان، حيث من المتوقع أن تشتعل الروح المعنوية في الشارع الفلسطيني على أي حال.
وبينت الصحيفة أن بن غبير بدل أن يعمل على تهدئة الأمور، يواصل أوامره بتنفيذ عمليات الهدم، ونشر الحواجز في أماكن لا ضرورة لنشر الحواجز فيها، وهو بذلك يدفع الأمور لتصعيد أكبر.
وشددت الصحيفة أنه إذا استمرت إسرائيل في وضع إصبع يدها في عين الإدارة الأمريكي في واشنطن فيما يتعلق بالسياق الفلسطيني والتعديلات القانونية، فقد ينعكس ذلك أيضًا في تباطؤ التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي الذي تحتاجه إسرائيل بشدة في الملف الإيراني.
وفقًا للصحيفة، لن يحدث هذا التراجع في التعاون بين الأمريكيين والإسرائيليين دفعة واحدة ولكن ببطء وبأعذار مختلفة، لكن النتيجة لن تكون في مصلحة إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يحاول كبح جماح شركائه في الائتلاف قدر الإمكان، وخاصة بن غبير. لهذا السبب رفض طرح بن غبير بتأهيل 77 بؤرة استيطانية في الضفة، وقد وافق نتنياهو على 9 فقط، لكن ذلك لم يرق للأمريكيين كما يمكن الاستنتاج من البيان الذي نشروه.
وختمت يديعوت بالقول إن "من السهل أن نرى أنه في ظل الانشغال بأزمة التعديلات القانونية، نجح الوزيران بن غبير وبتسلئيل سموتريتش في تعزيز الضم الزاحف للمنطقة ج في الضفة لإسرائيل. هذا الضم، إذا تم تحقيقه بالكامل، سيحول إسرائيل إلى دولة أحادية القومية تكون فيها، بعد سنوات قليلة من الآن، أغلبية عربية فلسطينية. يجب أن يكون الجمهور في إسرائيل على دراية بهذه الحقيقة التي تؤثر على أمننا القومي لعقود قادمة".