كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن العصيان المدني في نضال ومواجهة الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي.
العصيان المدني ويسمونه نضال الفقراء هو حالة جماهيرية شعبية تنتج بسبب انسداد الأفق في حالات نضالية معينة مرتبط بارتفاع حجم القهر والاضطهاد والعنف السياسي والاجتماعي والفقر. بوجود أو غياب دور أحزاب المعارضة. حيث يخرج الناس إلى الشوارع ضد المنظومة السياسية برمتها وبكافة أشكالها، يتجلى ذلك بشل البلد اقتصادياً والتوقف عن العمل ودفع الضرائب… الخ.
أبرز حالات العصيان المدني بالتاريخ الحديث هي ثورة العام 1919 في مصر ضد الاحتلال البريطاني. حيث أضربت مصر عن بكرة أبيها بما فيها سائقو المترو وعمال السكك الحديدية. مما أدى إلى رضوخ البريطانيين وتوقيع معاهدات انسحابهم واستقلال مصر العام 1336.
2 تشرين ثاني 2003 إضراب وعصيان مدني في جورجيا أدى إلى استقالة الحكومة وتغيير النظام السياسي هناك.
11 شباط 2011 إضراب وعصيان مدني وتوقف عن دفع الضرائب في اليمن ومظاهرات سلمية لأشهر أدت إلى سقوط نظام عبد الله صالح.
في الجزائر تحت شعار "لا للعهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة ". ولمنعه من الترشح خرجت الجماهير إلى الشوارع لأشهر ونجحت بالتغيير رغم سطوة الجيش.
في حالتنا الفلسطينية خضنا العصيان المدني على مدى نضالنا ضد الاحتلال الإنجليزي والإسرائيلي.
أشهرها الإضراب والعصيان المدني العام 1936 والذي استمر لستة أشهر.
والعصيان المدني لمدينة بيت ساحور إبان الانتفاضة الكبرى 1987. عصيان مدني لمدينة. تجربة عالمية لم يشهدها التاريخ، استقل الساحوريون مزقوا هويات الاحتلال وتوقفوا عن دفع الضرائب. زرعوا وربوا الأبقار وشكلوا تعاونيات للعناية بمجتعهم. قمعته سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالنار والدم. فيما نمت منذ تلك الأيام أشكال المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية ورفض التطبيع في التعليم والكثير من مناحي الحياة. جاء أوسلو ليقطع الحبل.
اليوم يحاول الفلسطينيون خوض تجاربهم في العصيان المدني ضد الاحتلال الإسرائيلي في القدس بشكل خاص، في نابلس وبرقة ويتما ومخيم جنين. وهذا يتطلب بشكل أساسي إيقاف أي علاقة مع اقتصاد المحتل عبر التوقف عن العمل في الداخل والمستوطنات. وقف كل التعاملات الاقتصادية والاستهلاكية مع الاحتلال " مقاطعة اقتصادية شاملة". التوقف عن دفع الضرائب بكافة أشكالها.
في ظل معادلات القوة اليوم والانحياز العالمي والشلل وضعف أداء السلطة الوطنية الفلسطينية. يبدو لي أن لا خيار لنا سوى العصيان المدني ملاذاً أخيراً للخلاص من الاحتلال. فهل يخوض الفلسطينيون كافةً في الضفة الغربية وغزة ومناطق 1948 عصياناً مدنياً شاملاً يسقط الاحتلال الإسرائيلي مرة والى الأبد؟
هل نحن جاهزون لذلك؟؟