الحدث- محمد مصطفى
اجتاحت حالة من اليأس والإحباط الآلاف من منكوبي العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، سواء ممن هدمت منازلهم بصورة كلية، أو لحقت بها أضرار متفاوتة، بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على انتهاء العدوان، دون حدوث حراك حقيقي على الأرض فيما يتعلق بملف الإعمار.
فحتى على صعيد الأضرار الطفيفة والمتوسطة، التي تكفلت وكالة الغوث الدولية "أونروا"، بمنح أصحابها تعويضات مالية من أجل إصلاحها، لم يتلق معظم هؤلاء الأموال الموعودة، رغم توقيعهم على تعهدات خاصة بالإصلاح.
إصلاح بانتظار الأموال
ويقول المواطن إبراهيم درويش، إنه وقع على تعهد، واستلم نصف المبلغ الذي قرر له، على أن يستلم النصف الآخر بعد الانتهاء من صرف المبلغ الأول في الإصلاح، وتأكد "أونروا" من ذلك.
وأوضح انه أنه انتهى من إصلاح جزء كبير من الأضرار التي لحقت بمنزله في شهر كانون ثاني يناير، وقد زاره مهندسون، وتأكدوا من ذلك، ومنذ ذلك الوقت ينتظر صرف الدفعة الثانية لإكمال الإصلاح.
وأوضح درويش، أنه زار مكتب وكالة الغوث، واستفسر عن سبب التأخير، فتم إبلاغه بأن الأموال المخصصة لإصلاح الأضرار نفذت كلياً، ما اضطر المؤسسة الدولية للتوقف عن الصرف بانتظار وصول دفعات جديدة.
وتساءل درويش عن أموال المانحين التي وعد بها في مؤتمر إعادة الإعمار في مدينة شرم الشيخ المصرية، وأين ذهبت هذه الأموال، وقد تجاوزت وقت ذاك الخمسة مليارات دولار أميركي.
أمل يتبدد
أما حال المواطن خليل أبو منصور، فقد بدا بائساً، فالأخير فقد منزله كلياً خلال العدوان، ويعيش وعائلته حياة قاسية، منتظراً إعادة الإعمار.
وأكد أبو منصور، أنه تلقى دفعة مالية بسيطة كبدل إيجار، ومنذ ذلك الحين ينتظر البدء بإعادة الإعمار، كي يتمكن من بناء منزله المدمر، ويبدو أن انتظاره سيطول.
وأشار إلى أنه بات لا يثق مطلقاً بما يقوله المسؤولون الفلسطينيون، خاصة وزراء حكومة التوافق، الذين لم يملوا من إطلاق تصريحات تتعلق بقرب بدء عملية الإعمار، وصرف الأموال، واصفاً هذه التصريحات بمجرد حقن مخدرة، بهدف إعطاء أمل كاذب للمتضررين.
وأكد أبو منصور، أن من هدم منزله ويعيش وأسرته في منزل مستأجر أو مركز إيواء، لا يهمه كثيراً أسباب تعثر الإعمار، إن كان الأمر يتعلق بعدم تمكن الحكومة من تسلم الأمور في غزة، أو مناكفات سياسية، الأهم أن تنتهي معاناة هؤلاء المهجرين، اللذين لا ذنب لهم سوى أن حظهم العافر جعلهم يقيمون في غزة، ويتعرضون لثلاث حروب في غضون خمس سنوات.
تحذيرات من تأخر الإعمار
من جانبه حذر الحقوقي دكتور إبراهيم معمر، المختص في العلوم السياسية، من المخاطر الكبيرة المترتبة على استمرار تأخير إعادة الإعمار، على أكثر من صعيد.
وأوضح معمر في حوار مع "الحدث"، أن وبعد مرور أكثر ثمانية أشهر ونحن لم نغادر مربع الحديث عن خطوات بدء الإعمار هذا أمر مقلق، ومن شانه أن يبث روح الإحباط واليأس في صفوف سكان قطاع غزة، ويعزز فرص عودة القتال والعنف من جديد، ويهدد منظومة الاستقرار في قطاع غزة، وربما المنطقة بأسرها.
وبين معمر أن إبقاء ملف الإعمار رهن تجاذبات سياسية، وترك الناس بلا حلول لمشاكلهم، يزيد من حالات الفقر، والبؤس، ويصعب الحياة على المهجرين، مذكراً بأن الحق في السكن هو حق ثابت وأصيل، نصت عليه كافة المعاهدات والمواثيق الدولية، والتلاعب بهذا الحق يعتبر مخالفات كبيرة للقانون الدولي والمحلي.
وأكد معمر على ضرورة تضافر كل الجهود للبدء بعملية إعمار حقيقية، وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي، وإدخال كميات كافية من مواد البناء للقطاع المحاصر.