الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"جبنا للولد بيانو".. 11 غصة أمنية وحلم

2023-03-01 11:11:15 AM
فرج سليمان في إحدى حفلات رام الله

الحدث- سوار عبد ربه

يأخذنا الملحن وعازف البيانو الفلسطيني فرج سليمان في رحلة تشتبك فيها الذاكرة المشبعة بالكوابيس، مع الذات الممتلئة بالشوق في 11 أغنية تعبر عن سرديات سياسية ومجتمعية وأخرى شخصية، والكثير من الأمنيات، منها الخيالي، وبعضها ممكن تحت ظروف مغايرة للواقع، يتناول سليمان في ألبومه الاحتلال، الحب، المجتمع، العائلة، ولا ينسى أن يعطي جمهورة جرعة من الأمل الذي عبر عنه من خلال مفاهيم مقترنة بالصمود، وأمنيات التحرر، والطموح بحياة أفضل.

وكان سليمان قد أطلق ألبومه الجديد "جبنا للولد بيانو" أمس الثلاثاء عبر صفحته على "فيسبوك"، وفي أكثر من 40 مساحة حول العالم توزعت على كل من: سوريا، لبنان، فلسطين، مصر، العراق، الأردن، الكويت، تونس، تركيا، فرنسا، بريطانيا.

في وصف الألبوم الذي أرفقه العازف قال إنه غارق بالبيت، والغصة الواحدة الطويلة التي تجرأت على أن تصبح أغانٍ، واصفا موسيقاه أنها تعبر عن صمت قديم موروث.

يحكي الألبوم عن  الأغاني المشبعة بالكوابيس، والقلب الممتلئ بالزعل اليومي الرتيب، وعن الشوق الأخرس والحب الخشن، والحنية المنهكة، والهرب العبثي، وعن الولادة الجميلة الرقيقة الحالمة.

ويرى عازف البيانو في الألبوم أنه يحكي عن الأغاني المشبعة بالكوابيس، والقلب الممتلئ بالزعل اليومي الرتيب، وعن الشوق الأخرس والحب الخشن، والحنية المنهكة، والهرب العبثي، وعن الولادة الجميلة الرقيقة الحالمة.

الملكة: حرب أبدية بين عائلته والعائلة البريطانية المالكة

في هذه الأغنية الطويلة (13 دقيقة ونصف)، يحكي فرج قصة موت الأميرة ديانا عام 1997، وتأثر والدته بالخبر مقابل اندهاش والده من ردة فعلها، هذا الرجل الخشن الذي لا تحكمه عاطفة، والذي يتمنى للملكة اليزابيث ذات المصير، وكيف أن خشونته هذه تتفتت عند كلمة توجهها له زوجته بنبرة حادة.

يرسم فرج لوالدته صورة عاطفية تتأثر بالأخبار من حولها من منطلق عاطفي بحت، بينما يظهر والده بصورة الرجل الحاقد، ربما على ما وصلت إليه البلاد بسبب المملكة البريطانية.

يبدو والده في الأغنية رجل صاحب أولويات، يركز همه على ما آلت إليه البلاد، ويسرد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها، هذا كله وضعه كاتب الأغاني مجد كيال، في إطار حوار يدور بين الأب والابن، وهما تحت تأثير الكحول، في تجاوز للصورة النمطية عن العلاقة بين الاثنين، وينهي سليمان معظم أبيات "الملكة" بأمنيات بشعة للعائلة المالكة، على لسان والده الذي يرى في هذه العائلة سببا لكل ما حدث ويحدث.

يتأثر الابن بطباع والده، يكبر وتصبح أمنياته مماثلة له، كأن ينهار قصر بكنغهام وهو المقر الرسمي لملوك بريطانيا، أن تمحى أعمال الكاتب الإنجليزي شكسبير، وغيرها من التركات البريطانية حول العالم، لربما أراد الكاتب أن يشير إلى أن الصغار يكبرون ولا ينسون، يرثون عن آبائهم كرههم الصريح لمن دمر البلاد، ليبدأ بعدها بسرد أمنيات بغزو فلسطيني لبريطانيا، بعدما نتمكن من "كش الملك" و"أخذ الثأر من العرش".

يتأثر الابن بطباع والده، يكبر وتصبح أمنياته مماثلة له، كأن ينهار قصر بكنغهام وهو المقر الرسمي لملوك بريطانيا، أن تمحى أعمال الكاتب الإنجليزي شكسبير، وغيرها من التركات البريطانية حول العالم

بخطر لي اشتاقلك: عن الشوق الذي ينتاب المرء بعد الفراق

في ملحق الأغنية كتب سليمان أنها سبقت "اسا جاي" بسنتين وأربع أشهر، وهي الأغنية التي نشرها في ألبوم سابق، وتألفت من مقطع واحد، عبر من خلاله عن العودة المتأخرة، بعد تبدل الحال، فقدان الرغبة وانتهاء الانتظار، لتأتي هذه الأغنية بعد عامين وتحكي فترة الشوق، وليالي الانتظار الطويلة وحديث المرء مع نفسه والحبيب غائب.

بحلم بغابة: أحلام خيالية

بكلمات بسيطة، يعبر سليمان عن أحلام استقاها من الطبيعة، من الشجر والغيم، والشمس، إذ لا يريد إلا أن يعيش في كنفها، مع إضفاء تعديلات خيالية عليها، كتغيير لون الغابة إلى الكحلي، والعشب إلى الأحمر، كما يحلم أن يمتد الشجر إلى الغيم، وأن تمطر السماء أحجار نرد، ربما يشير هنا إلى الخيارات العشوائية التي يمثلها الحجر.

يحلم سليمان أن يعزف الراعي للثعلب على الناي، في كسر للصورة النمطية عن العلاقة العدائية بين الراعي والثعلب، فالأول يخشى على قطيعه من الأخير، والأخير يرى في القطيع فريسة، وغيرها من الأمنيات الخيالية، التي تعبر عن ذهن قادر على استحضار صور غير مألوفة، أو ربما عقلية طفل ما زال قادرا على الحلم والخيال، قبل أن يعكر الكبر صفو ذهنه.    

نشيد عربسرائيل: الركض دون جدوى

الجملة المركزية في هذه الأغنية والتي يكررها الكاتب بداية كل مقطع "يا نهر بركض محله" وفي وصفه للأغنية يقول إنها تحكي عن نهر يحمل قوارب بقيت في مكانها تنتظر الفرح بالبيت، والنهر هنا يشير إلى الأرض المحتلة، أما المقصود بالقوارب فهم أهالي الداخل المحتل الذين رفضوا التهجير، أما عن فرح البيت المنتظر ربما كناية عن التوق للحرية والتحرر.

بتعرف شو فكرت: عن الأفكار التي تهاجمنا عند التفكير في بناء بيت جديد

يعبر سليمان في هذه الأغنية عن صراعات داخلية ترافق المرء عندما يقبل على خطوة جدية في علاقته مع الشريك، هذه اللحظة الفاصلة بين القبول والرفض، ويحكي عن هرب الإنسان من المسؤولية عندما تدق ساعة الصفر، وعن الحجج التي يبتدعها من التفاصيل غير المهمة من حوله.

تهليلة لعاطف: تعب والده والعمال  

يصور مجد كيال في هذه الأغنية تعب العمال، الذين يقضون عمرا كاملا يضربون بالشواكيش الثقيلة، من خلال والده الذي لربما كان عامل بناء.

ويحكي عن الوقت الضائع والأشياء التي مرت من حولهم دون إدراك ووداع، لانشغال الأب في العمل، هذا الذي سرق منه عمره وأجمل اللحظات، يدخلنا كيال في صورة تفصيلية للتعب الذي يتملك جسد العامل، وحبات العرق التي ترشحت على جبهته، عندما يسرق وقتا للنوم تحت أشعة الشمس في الظهيرة، ولا ينسى أن يظهر الكاتب بعضا من الامتنان غير المباشر لوالده الذي أمضى عمره في العمل، من خلال توجيه دعوة له بوجوب الاسترخاء، ورمي الثقل على الوسادة، دون أن يلهث، أو أن يكترث ليشبع من حوله.

تهليلة لفهيم: مقطوعة موسيقية

تهليلة لفهيم هي عبارة عن موسيقى لحنها وعزفها فرج سليمان يوم ولادة ابن أخته فهيم، الحفيد الأول للعائلة، يوم 11 تشرين ثاني 2011، وسجلها على جهاز آيفون 4، لينشر عام 2023 التسجيل الأصلي كما عزف أول مرة دون تعديلات.

لو بقدر: تلخيص مطلق لمعنى الحب

يغني فرج في "لو بقدر" لمحبوبته التي يتمنى أن يخبئ ضحكتها في الغيم، وأن يربي غمازتها في بيارة، وأن يشرب أسئلتها من النبع، ولا ينسى أن يعرج على هم البلاد، كل البلاد، إذ بعد المقطع الأول تغادرنا فكرة أن الأغنية للحبيبة، ونسمعها كأنها لفلسطين، ليعاود حملنا إلى أمنيات الشاب المحب.

يتجاوز مجد كيال في كلمات الأغنية التقسيمات الاستعمارية للبلاد، متمنيا أن يهطل المطر فوق غزة والجليل في آن واحد، ويعاود التأكيد على هذا التجاوز  عندما يقول: "لو كل دمعة نزلت تقدر تضوي شمعة وتنوّر سرانا "من الغور للبحر". ويختم بأمنية في التحرر، بقوله "راح نبني مملكتك لما نفك الخيمة ونفتح كل بوابك لضو القنديل".

لو كل دمعة نزلت تقدر تضوي شمعة وتنوّر سرانا من الغور للبحر

يمكن بدور عالوجع: الوجع الذي يشكلنا

يحكي سليمان في هذه الأغنية، عن نقطة التحول التي تحدث في دواخلنا بعدما تغدو قصصنا ذكريات، وعن الوجع المصاحب للإنسان العالق في ماضيه، هذا الذي تصبح أوجاعه جزءا من شخصيته، ويخشى فقدانها بعد اقترانها به.

كما يحكي عن المخاوف التي تحول بين المرء وحاضره، وعن الابتعاد المتعمد عن كل من هو جديد، خشية العودة إلى نقطة الصفر.