الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لا رئيس بعد الرئيس| بقلم: زياد البرغوثي

2023-03-03 07:58:49 AM
لا رئيس بعد الرئيس| بقلم: زياد البرغوثي
زياد البرغوثي

يتردد منذ فترة في لقاءات الغرف المغلقة والمُشْرعة سؤال قديم جديد مَن بعد أبو مازن..؟

يأتي هذا السؤال في أكثر من سياق وأكثر من غاية، فرجالات الأجهزة الأمنية والدبلوماسيون الغربيون يسألون من باب الحرص على استمرارية واستقرار الوضع الفلسطيني لعدم رغبتهم في تحمل أعباء انهيار الحالة الفلسطينية، ومن أجل ضمان الحد الأدنى من الاستقرار السياسي وتبادل الأفكار مع الجانب الإسرائيلي لتجنب الدخول في نفق مظلم يُحملهم أكثر من طاقتهم أمام الضغوطات الإسرائيلية، والمساءلة أمام برلماناتهم الأوروبية..

البعثات العربية بأذرعها المختلفة ترى في الساحة الفلسطينية عنصراً مهماً لأمنها القومي، تتأثر فيها شعوبها واستقرار الأوضاع الداخلية عندها، وبالتالي المطلوب استقرار كامل بدون مفاجآت وهم لذلك يعملون كخلية نحل لحل اللغز وإيجاد الوصفة السحرية للوراثة، للحفاظ على مصالحهم القومية والتزاماتهم الإقليمية..

أما السؤال فلسطينياً فيأتي مزيجاً من الرغبات والأمنيات، فمنهم من يسألون خوفاً من أن تتأثر مصالحهم وامتيازاتهم ومستقبلهم، ولا علاقة لهم بالوضع السياسي والقضية بشكل عام، المهم بقاء هذا النظام السياسي بأي شكل من الأشكال..

وقسم آخر من باب الرغبة بالانتقام وتصفية الحسابات مع بعض رموز النظام، فهو ينتظر خروج أبو مازن من المشهد بأية سيناريو بعد أن وصلوا إلى حالة من الإحباط والشعور بالظلم والتهميش وخاصة بين أبناء الحركة..

وقسم آخر ينتظر انهيار السلطة وحدوث حالة من الانفلات لتنفيذ أجنداتهم الخاصة أو أجنداتهم السياسية أو الخارجية..

وقسم كبير من الشعب ينتظر انتهاء هذه الحقبة التي أثرت سلباً في مختلف جوانب حياتهم من أجل إحداث التغيير، واستعادة بناء نظام سياسي وطني ديمقراطي، يستلهم بوصلته من وحي وثيقة إعلان الاستقلال، يُقدس المعلم ويُعيد للقضاء دوره كسلطة مستقلة، واستعادة القيَم والحريات الشخصية والفكرية..

منذ سنوات طويلة ومع بداية حقبة أبو مازن عندي رأي لم يتغير وهو أنه آخر الشرعيات التاريخية، تلك الشرعيات التي أعطى الراحل أبو عمار فيها بعداً سياسياً ودولياً للحالة الفلسطينية، بالرغم من الاتفاق الهزيل، الأمني في جوهره، السياسي في مظهره، ولا يلبي الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني..

أعتقد أن أبو مازن سيكون آخر رئيس للسلطة وما بعده هو العودة إلى المربع الأول، خاصة وأن اتفاق أوسلو بالأساس هو أمني، الاعتراف بدولة إسرائيل وأمن دولة إسرائيل، اتفاق مبني على التنسيق الأمني والتنسيق المدني ومباركة ورعاية كبيرة من حركة فتح، وبالتالي ستكون هناك لجنة ثلاثية أو ما يُسمى بالترويكا تضم هذه العناصر الثلاثة لضمان استمرار تطبيق الاتفاق والخروج من أزمة الوراثة..

العنصر الأول.. الاتفاق أمني وعليه يجب أن يكون هناك رجل أمن قوي يكون مسؤولًا عن الأجهزة الأمنية لضمان استمرارية التنسيق والالتزامات الأمنية تجاه الجانب الإسرائيلي، ولا أعتقد أن اسم هذا الشخص قد حُسم بالرغم من تردد بعض الأسماء، وقد يكون المقترح الأمريكي بتشكيل قوة تدخل سريع بذريعة فرض الأمن بداية لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ووضع شخص على رأس هذه القوة، قوة ملتزمة بالعقيدة الأوسلوية خاصة بعد مخاوف من وجود حالة من التململ بين صغار منتسبي الأجهزة الأمنية نتيجة الأوضاع العامة التي تعيشها مناطق السلطة وممارسات الاحتلال الوحشية والقتل اليومي لإخوانهم أبناء الشعب الفلسطيني والذي قد يتطور نتيجته الأمر لحالة من العصيان والانفلات الأمني..

العنصر الثاني.. هو بقاء فتح قوية بالحد الأدنى أو ما تبقى من فتح لأنها الجزء الأهم في المعادلة وبالتالي هناك ضرورة لرجل قوي من فتح وأعتقد أن الاسم لم يُحسم بعد..

العنصر الثالث.. وهو رجل التنسيق المدني والذي يُدير الحكم الذاتي وكل ما يتعلق بالشؤون المدنية مع الجانب الإسرائيلي وأيضاً أعتقد أن هذا الاسم لم يُحسم بعد..

 هذه الأطراف الثلاثة قائمة اليوم في المشهد السياسي الفلسطيني ولا يوجد تناقض بينها في المهمات والواجبات بالرغم من محاولات البعض أخذ الدفة إلى جانبه وتصدر المشهد..

هذه الوصفة السحرية ( الترويكا ) هي التي تُجيب على كل التساؤلات وتؤجل الصراع الداخلي وتنهي طموحات الوراثة لأيٍ كان، وتبقي على الحالة الهلامية الفلسطينية التي باركتها الشرعية كما هي إلى أن يشاء الله..

والسؤال الأهم هل ستلعب دُوَل الإقليم الدور في تركيبة الترويكا..

وإذا لعبت هذا الدور هل ستحترم تاريخ الشعب الفلسطيني..؟