من الطبيعي أن تستقيل عدة مرات في حياتك المهنية وأحيانا هي كلمة تعطيك شعور مختلف من الحرية ومن منا لا يعرف معنى الحرية! وبالرغم من أن الانتقال من عمل إلى آخر أمر طبيعي بغية البحث عن الوظيفة التي تلبي احتياجاتك المهنية، إلا أنك تود أن تحرص على ترك العمل بشكل احترافي تماما كما كنت تصقل صورتك المهنية أثناء العمل فمرحلة ترك العمل هي جزء لا يتجزأ من عملك ذاته.
ولكن، ليكن قرارا مدروسا وليس وليد موقف مزعج أو ردة فعل ولكي يكون القرار الأنسب لك، أكتب كل الأسباب التي تدفعك للاستقالة والأسباب التي تدفعك لعدم ترك العمل. وبالرغم من أن النصيحة المصاحبة هي ألا تترك عملك طوعا دون الحصول على عمل آخر ولكن لكل قاعدة شواذ، فالاستقالة أفضل أحيانا ان رأيت نفسك لم تعد قادرا على إعطاء المزيد أو العمل بنفس الشغف والاهتمام الذي كان سابقا والأهم من هذا وذاك إذا كان حجم العمل ومتطلباته أكبر من قدرتك ومهاراتك
ليكن وجها لوجه
بعد ان اتخذت القرار من الواجب إعلام إدارتك بقرارك وليكن وجها لوجه لكي يتسنى لك فرصة التحاور ولربما طرح أحد الأسباب المتعلقة بالشركة والتي دفعتك لترك العمل بحيث تضعها في سياق نقد بناء وهنا تعطي الفرصة للمشغل بأن يراجع من طرفه الأسباب التي قد تدفع موظفين لترك العمل وبهذا تصبح مرحلة الاستقالة لها قيمتها لدى الطرفين إذ تود مغادرة المكان وأنت على وفاق مع من فيه.
رسالة الاستقالة
بعد أن تحدثت بالأمر، تصبح رسالة الاستقالة مهمة ومن المهم أن تحتوي عناصر أساسية مثل سبب الاستقالة وأن تصف فيها عبارات الشكر والامتنان لما اكتسبته من خبرات في بيئة العمل تلك وأن تكون الرسالة هي أيضا محطة تعزز فكرة الوفاق.
لا تحرق الجسور!
الاستقالة تعني نهاية لإنتاجيتك في بيئة عمل ما والتزامك تجاهها ولا تعني نهاية معرفتك بالأشخاص هناك سواء الزملاء أو المدراء فأنت لا تعلم متى ستلتقي بهم مرة أخرى مستقبلا لذا من الأفضل الحفاظ على هذه العلاقات. إن كنت ستتركك الوظيفة بسبب خلاف نشأ بينك وبين الزملاء أو المدراء فهو خلاف على رأي وليس مع الشخص نفسه وهذا يساعد على التمكن من التعامل مع ذات الأشخاص مرات أخرى ضمن علاقات عمل مختلفة مستقبلا.
لا تقلل من شأن اليوم الأخير
سوءا اليوم الأخير أو شهر الإخطار، يبدأ الشخص بالتفكير في المستقبل ويهمل الحاضر وينعكس هذا مباشرة على أداءه في هذه الفترة حيث تصبح اللامبالاة بيّنة في المهام التي يقوم بها لأنه فعليا بدأ يشعر بأنه لم يعد ينتمي إلى المكان وهو خطأ فادح يقع به الموظف ونذكره بالمقولة الرائجة "يا رايح كثر ملايح" وهي مقولة تختصر الكثير ففترة الإخطار هي فترة مكملة لمهنية الفرد المستقيل.
ومن بعدي فليأتي الطوفان!
قد يكون هذا رأي الموظف المستقيل بأن لا يأبه لما يحدث بعده في هذا المكان، أو قد ينهي مهماته بشكل احترافي يجعل إدارته حزينة على فراقه لأنه تعامل مع مرحلة نقل المهام بحرص لضمان النجاح لمن بعده واهتم بأدق التفاصيل عند نقل المهام لمن يخلفه في شغل المنصب لكي يكمل الأخير حمل الراية ورسم قصة نجاح مستمرة في الشركة.
والمتعارف عليه في بيئات الأعمال أن أي موظف يمكن استبداله وأن الشركة لا تتأثر بغياب أي موظف وهو الفكر الصحيح ولكن هذا لا يعني أن الإدارات أيضا لا تسعى إلى استدامة العلاقة مع الموظفين أطول فترة ممكنة.
شهدت في عملي على مدار 20 عاما الكثير من مهام الاستقطاب والتوظيف وطبعا استقبال رسائل الاستقالة وما نقوم به بشكل مختلف منذ بدء علاقة العمل مع الموظف هو أنه وفي أثناء المقابلة سواء حصل على الوظيفة أم لا، فإنه يأخذ معه نسخة مطبوعة من السيرة الذاتية كتبت عليها بعض الملاحظات بهدف تحسين فرص السيرة الذاتية للمنافسة مستقبلا على وظيفة ما، فنحن نساعد الفرد لرسم مساره المهني حتى قبل تعيينه وبالرغم من أنه قد ينسى هذا الأمر في البداية إلا أنه وبعد سنوات يرى كيف كانت تلك السيرة الذاتية المحسنة هي خارطة طريقه المهني لأعوام قادمة.
خلاصة الحديث، هو أن ترك العمل له أصول تماما كما الانضمام إليه ويجب اتباعها من قبل المشغل والموظف أيضا.
نسرين مصلح، مؤسس ومدير عام شركة رتاج للحلول الإدارية في رام الله