الحدث الثقافي- أدب
فيما يلي ننشر نصاً للأديب والروائي السوداني، أمير تاج السر، الذي نالت أعماله اهتماماً كبيراً في الأوساط الأدبية والنقدية، كما حققت شهرة عالمية، بعد ترجمة معظمها إلى الكثير من اللغات الحية منها الإنكليزية والفرنسية والإيطالية.
وفيما يلي النص الذي نشره على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك:
من الأشياء المثيرة للجدل،
أن تكون للشوارع خطوات تسير عليها،
وللخطوات أحذية صبورة تتحمل شجن الشوارع.
أنا أحب كلمة شجن،
أتخيلها ظلا ولوحة جدارية، وتميمة تقي أو لا تقي،
هذا غير مهم،
وحين كنت على علاقة جيدة بغلاف تلك الرواية اليابانية،
تمنيت لو كتب عليه شجن، بدلا من هذيان،
في زمن ما كنت عاشقا لأحلام كثيرة،
منها أن أصبح شاعرا طيبا يقرأ كتابات الحوائط،
ولا يعلق عليها في تويتر، وفيسبوك،
مثلا كتب أحدهم حبيبتي،
اقرأها حبيبتي وأصمت،
كتب أحدهم يسقط،
اقرأها يسقط، ولا أفكر في نظام أو ديكتاتورية أو ما شابه ذلك.
وحتى عبارات سيئة مثل تعالي، أو سآتي إليك، أو هبة الهبة،
أتجاوزها بطيبة القلب لا أكثر من ذلك.
منها أيضا، أن أصبح مؤلفا للأوهام التي يحاول الفقراء دلقها باستمرار على وسائد النوم،
في المدرسة الثانوية، كان لي صديق
يحب أن يتحلى بالصبر،
حتى حين تتسخ عيناه، وتلونه الملاريا بألوانها الأفريقية.
كان اسمه مصادفة: صابر،
وأذكر أنه صبر مرة على بقعة من الحبر على قميصه الأبيض سنوات عدة،
وأهديناه عصفورة من البلاستيك،
لا أدري من اختارها، ولماذا؟
صابر هذا أحبته فتاة،
أحبته فتاة أخرى،
واكتشف وهو يسير في حارة متربة،
أن الحارة تتحرش به، وتغازله، وتناديه ليشتري آيس كريم من بقالة قديمة.
لكن صابر مات،
كثيرون غيره ماتوا،
والصف الذي كنا ندرس فيه تلك المواد التي تتلف المخ،
أيضا مات،
وأنا بما لي من صداقة وطيدة مع الغياب،
قد أبقى قليلا،
أو قد يفقد الغياب صبره
ويحتويني.