تدوين- سوار عبد ربه
ألغت وزارة الثقافة المصرية أمس الاثنين معرض كاريكاتير كانت قد أعلنت عنه في وقت سابق، وذلك "احتفالا برائد الكاريكاتير المصري يعقوب صنوع الذي أصدر أول جريدة كاريكاتيرية في مصر عام 1987".
وفي مقال نشره الكاتب والمسرحي المصري أ.د سيد علي إسماعيل بعنوان "انقذوا وزارة الثقافة المصرية من معرض التطبيع غداً"، دعا خلاله وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني لإلغاء رعايتها "لمعرض كاريكاتيري صهيوني بامتياز، على حد وصفه".
ورأي أ.د إسماعيل أن هذا المعرض صهيوني لتمجيد شخصية صهيونية، وهو يعقوب صنوع، الشهير برائد الكاريكاتير في مصر، وذلك انطلاقا من كونه أصدر مجلة فكاهية في القرن التاسع عشر، إلا أنه وفقا لإسماعيل، "جميع أعداد صحيفة "أبو نظارة" الصادرة في مصر خالية تماما من أي رسم كاريكاتيري. متسائلا كيف جعله صاحب المعرض الصهيوني رائدا للكاريكاتير في مصر؟".
وأرفق إسماعيل عبر صفحته على "فيسبوك" جميع أعداد صحيفة "أبو نظارة" الصادرة في مصر عام 1878 ليبرهن أنها خالية تماما من أي رسم كاريكاتري.
كما أبدى إسماعيل استغرابه من إعلان المعرض، الذي رأى فيه إمعانا في صهيونية المعرض وصاحبه، إذ يضع الإعلان يعقوب صنوع في بصورة صنم معبود في المنتصف وحوله كأقزام جميع رواد فناني الكاريكاتير المصريين الحقيقيي، وفقا لرؤية الكاتب.
وجاء في دعوة المعرض: "في الخامسة من مساء الاثنين القادم 13 مارس، بمقر مكتبة مصر العامة بالجيزة، الدورة الأولى من احتفالية: يوم الكاريكاتير المصري؛ التي ينظمها مشروع ذاكرة الكاريكاتير، التابع لمؤسسة عبد الله الصاوي للحفاظ على تراث الكاريكاتير المصري، بالتعاون مع الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات التابعة للمجلس الأعلى للثقافة، والمعهد الفرنسي بمصر، تستضيف فاعليتها مكتبة مصر العامة بالجيزة في الفترة من 13 إلى 20 مارس الجاري، وذلك ضمن برنامج المكتبة للاحتفال بعيدها السنوي الثامن والعشرين".
وعن سبب اختيار يوم 25 مارس تحديدا ليكون يوما للكاريكاتير المصري قال الباحث والكاتب: عبد الله الصاوي، صاحب الفكرة والمنسق العام للاحتفالية: "في نهاية عام 2020، بدأت في التفكير في إقامة احتفالية كبرى تقام بشكل سنوي في موعد ثابت للاحتفال برسامي الكاريكاتير المصريين، وإلقاء الضوء على رواد فن الكاريكاتير والمحطات المجهولة في تاريخ الكاريكاتير المصري، وكان هناك أكثر من خيار مطروح، وبعد مرحلة من البحث والتدقيق، تم الاستقرار على أن يكون يوم 25 مارس من كل عام، هو يوم الكاريكاتير المصري؛ حيث نجح الكاتب المصري الساخر: يعقوب صنوع، في مثل هذا اليوم من عام 1878، في إصدار العدد الأول من مجلته الساخرة: "أبو نظارة زرقا" بالقاهرة، لتكون أول مجلة هزلية كاريكاتيرية ليس في مصر فحسب بل في الشرق قاصيه ودانيه؛ كما وصفها الأستاذ الدكتور: إبراهيم عبده، في كتابه: الصحفي الثائر؛ الصادر ضمن سلسلة الكتاب الذهبي بروزاليوسف عام 1955، والذي تناول فيه سيرة ومسيرة: يعقوب صنوع".
وتعتبر شخصية يعقوب صنوع، إشكالية في الوسط الثقافي المصري، إذ يتمسك تيار باعتباره رائدا للكاريكاتير في مصر، ورائدا للمسرح العربي في حين يصر تيار آخر على أنه ليس كذلك، ويعتبر سيد علي إسماعيل من أبرز الكتاب والمسرحيين الذين سخروا قلمهم لإثبات عدم ريادته للمسرح، من خلال كتاب "محكمة مسرح يعقوب صنوع"، الذي برهن فيه أن رائد المسرح العربي هو سليم النقاش كما هو معروف لدى دارسي المسرح العربي.
ليس هذا فحسب بل تتبع إسماعيل في كتابه وفي عشرات المقالات، فكر صنوع الصهيوني، في دلائل من كتبه وما كتب عنه.
وفي دليله على صهيونة صنوع، أشار إسماعيل في كتابه "محاكمة مسرح يعقوب صنوع" إلى أن صنوع كتب في صحفه عام 1898 مقالات يرحب فيها بهجرة يهود أوروبا إلى البلدان العربية التابعة للدولة العثمانية، وأن هجرتهم كانت مفيدة في انتعاش العمل وظهور الإنجازات بفضل هجرتهم، مثل قوله: "إن اليهود بأوروبا ابتدوا يحتفلون ويخطبون الخطب محثين بها بعضهم بعضا على المهاجرة إلى الممالك المحروسة ليتخلصوا من الاضطهاد التعصبي الذي ثار نقمة في بعض أنحاء أوروبا وأرجاءها".
وفي دليل آخر أرفقه علي في مقال له بعنوان: "قضية يعقوب صنوع .. ما زالت مستمرة (10) بين الماسونية والصهيونية" نشر في مجلة "مسرحنا"، وهي مجلة أسبوعية تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة تغطي كل ما يتعلق حول الحركة والثقافة المسرحية في مصر والوطن العربي والمشهد الدولي. قال إسماعيل إن كتاب "أسرار اليهود" المنشور في مصر عام 1911 لمؤلفه "نسيم ملول" يحمل تقريظا أو "مدحا" بقلم وتوقيع "ج. سنوا. أبو نظارة" أي "يعقوب صنوع" الكتاب نشرته "جمعية النهضة الإسرائيلية"، وكتب المؤلف كلمة بهذا الخصوص، قال فيها: "لما كانت جمعية النهضة الإسرائيلية قد أُسست لنصرة الحق من جهة ولإعلاء شأن الأمة الإسرائيلية والمدافعة عنها بكل الطرق الممكنة ماديا وأدبيا من جهة أخرى، وكان أول همها التوفيق بين العناصر المختلفة مذهبا ولغة ومشربا ومصافحتها، ورفع لواء السلام والمحبة والألفة بينها، وقد قامت جمعية النهضة بوضع هذا الكتاب عملا بأحد مبادئها الأساسية وهي المدافعة عن الأمة الإسرائيلية وإعلاء شأنها، نظرا لمساس الحاجة إلى ذلك".