الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مخطوطات قمران: حلقة من حلقات التزوير الاستشراقي لتاريخ فلسطين| بقلم: نبهان خريشة

2023-03-19 11:33:19 AM
مخطوطات قمران: حلقة من حلقات التزوير الاستشراقي لتاريخ فلسطين| بقلم: نبهان خريشة

بينما كان أحد الرعاة من عرب التعامرة يلاحق عنزة شردت من قطيعه، في منطقة خربة "قمران" شمال غرب البحر الميت في أوائل عام 1947، ألقى بحجر في مغارة ذهبت العنزة إليها، فسمع صوت تحطم إناء فخاري، فعاد في اليوم التالى مع أحد أصدقائه ودخلا إلى المغارة، ليجدا عددا من الأواني الفخارية فى داخلها مخطوطات على جلود وأخرى على ورق البردى، ومخطوطة واحدة على صفيحة من نحاس، فباعاها لتاجر سرياني في بيت لحم، الذي أخذها للمطران والذي باعها بدوره لمؤسسات كنسية أمريكية، إلا أن سلطة الآثار الأردنية واصلت البحث في كهوف قمران في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، ليتم اكتشاف أكثر من 800 مخطوطة، قدر مؤرخون "كتابيون" أن تاريخها يعود إلى الفترة بين عام 150 قبل الميلاد و 70 ميلادية.

دائرة الآثار الأردنية أوكلت  للجنة دولية، من ثمانية باحثين من بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، أمريكا وبولندا، مهمة ترجمة المخطوطات التي تم الاحتفاظ بها في متحف الآثار الفلسطيني (متحف روكفلر) في القدس، إلا أن هذه المهمة لم تكتمل، لاحتلال إسرائيل القدس في العام 1967، ووضعت يدها على المتحف ومحتوياته بما فيها مخطوطات قمران. وطالب الأردن إسرائيل بإعادة المخطوطات بعد التوقيع على معاهدة السلام بينهما عام 1994، إلا أن إسرائيل رفضت، ولم تسلمها الى اليوم. 

وكان متحف الكتاب المقدس فى الولايات المتحدة، قد ألغى معرضا لرقع من مخطوطات قمران، بعد أن أثبتت الاختبارات أنها مزيفة، وذلك بعد أن أرسل المتحف 16 نسخة منها الى ألمانيا للتحقق من أصالتها، وذلك بحسب ما ذكر موقع BBC عربي. وواصل علماء آثار التحقق من أصالة 13 مخطوطة لم تخضع للفحص والدراسة سابقا في المتحف، وخلصوا الى أن هنالك احتمالا كبيرا بأنها زيفت حديثا، فيما كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير لها، أن معظم وثائق ومخطوطات قمران التي تعتبرها إسرائيل دليلا تاريخيا على أحقية اليهود بفلسطين، هي وثائق ومخطوطات تم تزييفها ..

وأثبت التحليل المجهري للمخطوطات، التي عرضتها إسرائيل في معارض دولية على زيفها، بكتابتها على جلد قديم ولكن بحبر حديث. وقال موقع "ناشيونال جيوغرافيك" إن أكثر من 200 صفحة كتبها باحثون من مؤسسة  Art Fraud Insights، أفادت بأن المخطوطات مزيفة، باستخدام جلود من الصنادل القديمة التي كان ينتعلها الجنود الرومان قديما، وأنها نقعت بمحلول بلون الكهرمان، يعتقد أنه نوع من غراء جلد الحيوان، الذي ينظف الجلد ويجعله يبدو مشابها من الناحية الجمالية للنسخ الأصلية .

 وبعد أكثر من 30 عاما على حجب المخطوطات، تم نشر ترجمات لأغلبها (بإستثناء التي لا تزال تخفيه إسرائيل منها)، ونسبت الى طائفة "الأسينيين" التي تثير جدلا بين المؤرخين بشأنها أصولها وعقائدها، بين من قال إنهم يهود اعتزلوا مؤسستي الصدوقيين والفريسيين الدينيتين اليهوديتين الرسميتين، ومن قال إنها طائفة "مندائية/ صابئية"، لجأت إلى التخفي خشية من بطش اليهود والرومان، وهو ما يرجحه عدد من المؤرخين بمن فيهم مؤرخون إسرائيليون، بقولهم إن أفراد الطائفة ليسوا يهودا بل مندائيين، تخفوا للإبقاء على تقاليدها الدينية، وإن إمتزجت بطريقة أو بأخرى ببعض المفاهيم اليهودية.

ورغم تضارب الترجمات المختلفة لمخطوطات قمران، إلا أن المستشرقين الصهاينة واللاهوتيين من الصهيونية المسيحية، يروجون وعلى نطاق واسع بأن من كتبها "الأسينيون اليهود"، في سياق الجهود المستمرة لتهويد تاريخ فلسطين والمنطقة بأسرها، إلا أن أبحاثا لمؤرخين وعلماء آثار (بمن فيهم إسرائيليون)، أفادت بأن ما وجد في مغارات قمران من لفائف، يمثل موروثا يعود لعدة مراحل تاريخية (وليس في الفترة بين عام 150 ق.م  و70 م كما يدعي مستشرقون كتاييون)، فمنها ما يعود الى القرن الثالث قبل الميلاد، وأخرى الى القرن الأول قبل الميلاد وكذلك القرن الميلادي الأول، ما يعني ان تلك المخطوطات تمثل موروثا دينيا ليس "أسينيا"، تم تدوينه للحيلولة دون ضياعه.

وفي هذا الصدد قالت أستاذة التصوف اليهودي في الجامعة العبرية بالقدس ريتشل اليور، "إن المجموعة اليهودية المعروفة باسم "الأسينيين،" والتي يرى مؤرخون أن أفرادها قاموا بتدوين مخطوطات البحر الميت، ما هو إلا تلفيق من قبل المؤرخ اليهودي يوسيفوس، لأن المخطوطات، لم تذكر أي معلومات عن المجموعة، كما أن اسمها لم يرد فيها مطلقاً .. إنها أساطير بنيت على أساطير"...