تدوين- تغطيات
أثارت كاتبة جزائرية تبلغ من العمر 24 عامًا تطلق على نفسها اسم "الفتاة الغامضة" ضجة في الجزائر وفرنسا بعد أن حققت كتبها عددًا كبيرًا من المبيعات والقراءة على الإنترنت.
الكاتبة الجزائرية، التي تكتب تحت اسم مستعار سارة ريفنز، سرعان ما أصبحت واحدة من أكثر الكتاب الجزائريين قراءة على الإطلاق بعد أن نشرت ثلاث روايات بالفرنسية، تصدرت جميعها قوائم الكتب الأكثر مبيعًا وقوائم الكتب الإلكترونية في فرنسا. حتى أن الصحافة الفرنسية وصفتها بالظاهرة، حيث حقق الجزء الأول من روايتها "الرهينة" 9 ملايين قراءة على منصة "واتباد" الرقمية والمخصصة لنشر القصص والكتب والروايات. أما الجزء الثاني من الرواية، فلقد تجاوز 8 ملايين قراءة.
أدى هذا النجاح إلى تنافس شركات النشر على حقوق كتبها، على الرغم من توفرها مجانا على الإنترنت. ومع ذلك، تم بيع مئات الآلاف من نسخ الكتب وترجمت إلى تسع لغات.
وتظهر الأرقام أن السلسلة قد تجاوزت مبيعاتها كتاب الأمير هاري سبير، بأرباح تقدر بأكثر من 3.5 مليون يورو (3.8 مليون دولار) في فرنسا وحدها.
والكاتبة الشابة، هي فتاة جزائرية مجهولة الاسم، تبلغ من العمر 24 عاما، وتعمل في مركز رياضي بالجزائر.
الرهينة .. رومانسية سوداوية
تتحدث الرواية عن قضايا مجتمعية عديدة كالقوة والضعف والحرية والاستبداد، حيث تعرف القارئ على شخصيات مثيرة للاهتمام تعاني من مشاكل شخصية وقضايا اجتماعية.
وتروي "الرهينة" تفاصيل قصة حب سامة بين الشابة إيلا التي وقعت رهينة عصابة إجرامية خطيرة اسمها "سكوت". إذ ترغمها على العمل معها وتقديم معلومات لها حول عصابات منافسة أخرى، فتصبح جاسوسة لهم.
وتحذّر دار النشر قارئ الرواية، بأنها تتضمن مشاهد عنيفة، كونها تصنف ضمن أدب الرومانسية السوداوية، ذلك أن الرواية ترتكز أساسا على عنصر العنف بمختلف تمظهراته، وإلى أقصى تخومه، من اللحظة "السادية" إلى اللحظة "المازوخية".
ويرى نقاد وروائيين أن لغة سارة ريفانس، لغة بسيطة جدا؛ هي نفسها اللغة التي يستخدمها في الشارع، الشباب الفرنسي أو الشباب المغاربي المقيم في فرنسا، ولعله أحد أسرار نجاح روايتها.
تهميش إعلامي محلي وانتقادات مجتمعية
وفي الوقت الذي احتفت فيه كبرى الصحف وبعض القنوات العربية والعالمية، بالإنجاز الذي حققته الفتاة ذات ال 24 عاما، والتي أزاحت رواية الأمير شارل الأكثر مبيعا قبل أن تخرج سارة من بين القصب، لم تكترث أي قناة تلفزيونية واحدة أو وسيلة إعلامية محلية للكاتبة التي تقيم بالجزائر، كي تحاورها أو تسألها عن تجربتها الناجحة.
وحول هذا قال الكاتب الجزائري طاهر حليسي "كان يمكن أن تكون قصة الكاتبة الجزائرية الشابة سارة ريفانس، درسا في كيف يمكن لفتاة مغمورة تشتغل موظفة في صالة رياضية، أن تحقق نجاحا غير مسبوق على الصعيد العالمي بعدما تحولت روايتها التي نشرتها عن طريق "الواتباد" إلى ظاهرة أدبية وإعلامية في فرنسا وعدة دول، بعدما حظيت روايتها " الرهينة "، بتسعة ملايين قراءة، ثم عادت لتحقق نسختها الورقية مبيعات بلغت 350.000 نسخة".
وتابع: "ولاحظ جيدا أن هذه الشابة التي كتبت رواية تناولت العالم العنيف والقاسي في المجتمعات الغربية، نجحت لدى القراء الغربيين، لكن ذلك النجاح الذي لا دخل للجزائريين فيه من قريب أو بعيد دفع بعضهم إلى تنصيب أنفسهم حراسا للأخلاق والدين والمجتمع، مع أنهم لا يقرأون مثلما يقرأ المراهقون والشبان الغربيون الذين تهافتوا على رواية وجد فيها قرابة 10 مليون شاب وشابة أوروبية أنفسهم في شخصيات ذلك العمل، إذ لا يجب أن ننسى أن الكاتب الناجح ليس ذلك "العبقري" و" الواعر" الذي يتفوق على قرائه بل هو الذي يشبههم، إذن فالتفوق يبرهن عليه بالرقم والمبيعات التي فاقت 4 مليون يورو".
وأردف: "لا حجة لمن يتعلل ببساطة السرد أو بالمحتوى العنيف والجنسي والأسود لرواية تقدم الواقع الخلفي للمجتمعات الغربية كما هو، والذين يحطون من قيمتها من الكتاب الذين أحرجتهم ببروزها عليهم أن يبرهنوا قوتهم بكتاباتهم في اختراق القراء الذين يشبهونهم على الرغم من أنهم سيواجهون معضلة حقيقية هي أنهم سواء كتبوا بالعربية سيواجهون معضلة محدودية السوق و عيب الترجمة، وأهم من ذلك فلن يعثروا على جيل يقرأ مثل تلك الأجيال الغربية التي لا تعجبنا أخلاقهم وطريقة حياتهم لاعتبارات أخلاقية وقيمية ودينية، ذلك أن الناس هنا لا يقرأون أصلا مثلما يقرأ الآخرين، لكنهم سرعان ما سيتقمصون جبة الإمام والواعظ والحامي للأخلاق والماحي للآخرين، في موضوع أدبي بحت يغلب عليه الخيال والوصف والابداع البشري، و لا يحتاج لأحكام قيمية".
وأضاف: "لست أفهم لماذا ينزعج من لا يقرأون من نجاح جزائرية كتبت عن واقع غربي بحت لا يعنيهم في شيء، وأنتجت عملا صنف منذ البداية في خانة " الرواية السوداء" ذات مضامين" تريغر وارننيغس"، بالنظر لمحتوى المشاهد السردية ذات العنف اللفظي والجنسي والاغتصاب وبعض العادات السيكولوجية المرضية، وهي تيمات لا يعدم وجودها في مجتمعات القاع والهامش.