تدوين-أرشيفات
نشرت صحيفة الاتحاد، بتاريخ 21 آذار 1980 مقابلة بعنوان: "الفنان مصطفى الحلاج الملصق الفلسطيني: صرخة لإثبات الوجود" أجرتها مجلة الثورة الفلسطينية مع الفنان التشكيلي مصطفى الحلاج.
والحلاج هو فلسطيني من سلمة قضاء يافا ولد في العام 1938، درس الفنون التشكيلية في القاهرة وتخرج عام 1962، أكمل دراساته العليا حتى العام 1968 في القاهرة. أقام أول معرض خاص في العاصمة المصرية. وأقام معرضا خاصا في تونس في تشرين الأول 1978 في قاعة ابن خلدون. كما شارك في معرض طوكيو الذي أقيم في تموز 1978 بعنوان "الإنسان والبيئة" وقد شارك في هذا المعرض فنانون فلسطينيون وعرب وفنانون عالميون. بالإضافة لمشاركته في معرض الملصق الفلسطيني في بداية 1979.
وفيما يلي نص المقابلة:
"إن فن الملصق يستحق المناقشة الجادة باعتباره يكشف عن أحد أهم جوانب العلاقة بين الفن والتغيير الاجتماعي والسياسي بشكل مباشر، فالملصق أداة وسيطة بين الفن والفعل الثوري" بهذه الكلمات قدمت "فلسطين الثورة" لهذا الحوار مع الفنان الفلسطيني مصطفى الحلاج حول الملصق بشكل عام، والملصق الفلسطيني بشكل خاص، الذي أجراه مراسلها برهان غاوي.
الملصق هو رسالة بصرية مطبوعة مرتبطة بالجدران، مادتها الكلمة المكتوبة أو الرسم المصمم أو الصورة الفوتوغرافية، وتتنوع المرسلة من الإعلان عن سلعة الى الشعار السياسي، من صفاتها البساطة والوضوح وهي ذات لهجة توصيلية عالية وعامة، بمعنى لو كان أحد الناس يمر بقطار سرعته 100 كم/ساعة فانه يلتقط الرسالة اما المستوى الفني فمحدود بطاقة المنفذ الفنية.
اللوحة التشكيلية تطورت عبر التاريخ ومبررات وجودها ووسائل تنفيذها والغرض منها كان في القديم تعبيرا عن فكر كهنوتي أو فكر "القصر" ومع مرور الزمن أصبحت أفكار وصور ومشاعر الفنان والموضوع الخارجي في الأساس في انطلاق الفنان. وفي هذا العصر تضخمت العناصر الذاتية في الغرب والعناصر الموضوعية العامة في الشرق بنطاق حرية الفنان.
باختصار ان العام والخاص داخل العمل الفني يزيد أحدهما الاخر ويقل حسب الموقف الأيديولوجي والرؤيوي للفنان، اما "البوستر" أو الملصق فهو شعار أو اعلان لمؤسسة أو تنظيم لكن المنفذ واحد اما الصورة الفوتوغرافية فهي مادة توثيقية للواقع ومادة خام للملصق.
انا اعتقد أنه يعبر عنها فمن خلال الملصق تستطيع أن تعرف الثورة فكل حركات التحرر العالمي بعد الحرب العالمية الثانية لم تنتج نصف ملصقات الثورة الفلسطينية، حتى القوى التقدمية في العالم لم تنتج لحركتها وصراعها السياسي ملصقات بقدر ما انتجته حركة التحرر العالمية، وغزارة "البوستر" الفلسطيني لها مبرراتها على الصعيدين العربي والدولي.
فالملصق كان من وسائل اثبات الذات التي يرغب الاخرون في نفيها، وكانت من الوسائل الناجحة بجانب الحركات السياسية والثقافية والعسكرية على المستويين العربي والدولي، بدليل ان حجم الملصقات الفلسطينية، بدأ يقل لأن الشعب الفلسطيني انتقل من مرحلة تثبيت الذات الى مرحلة تحقيق الذات، إن الإعلان أو الملصق هو صرخة لإثبات الوجود، اما من الجانب الفني فتختلف المستويات باختلاف الفنانين لكن النسبة العامة مرتفعة بالنسبة لحركات التحرر الأخرى، لقد كان للملصق والصورة الفوتوغرافية بحد ذاتها والسينما دورا كبيرا في الإعلان عن الثورة الفلسطينية، وأقول دائما الفن هو مطرقة من الاف المطارق في ساحة المعركة ، والملصق مسمار في مطرقة الفن.
السؤال المطروح هو عن ماهية السمات العامة للملصق الفلسطيني وما هي الرموز المتضمنة.
هناك رمزان يعتبران أكثر انتشارا في الملصق الفلسطيني، وجه الشهيد وخارطة فلسطين ثم تكرس غطاء رأس الفدائي، الحمامة والبندقية معا غصن الزيتون والبندقية، قبة الصخرة البندقية والقنبلة يجاورهما اما حمامة أو وردة.. والمناسبات التي تغزو بها الملصقات هي انطلاقة الثورة، الكرامة، يوم الأرض، وعد بلفور، احداث أيلول، يوم الشهيد، سجناء الأرض المحتلة، ذكرى انطلاقة فصائل المقاومة، وفي تاريخ الشعور لم تقدس الخارطة الا لدى الشعب الفلسطيني لأنها رمز للأرض ونجدها تحت مكان النصب التذكاري في بلدة جبلة بلدة عز الدين القسام اما الحطة الفلسطينية فلقد أصبحت رمزا ثوريا في جميع انحاء العالم، حتى أن فنانين كثيرين استخدموها كوحدة زخرفية داخل أعمالهم.
كنا في زحمة النضال وليس هناك أحد غيري في الحركة فكنت أقوم بكل شيء حتى الملصق وفي لحظتها ثم أتساءل ما هو الفرق بين اللوحة والملصق، وعندما كثر عدد الفنانين الملتحقين بالثورة وقفت عند حدود اللوحة.
يبدو اني لست بسيطا واكره ان اتصنع البساطة.
على المستوى السياسي نعم، واحيانا فاق من حيث الشكل والوظيفة والكمية والفاعلية، اما من حيث التقنية والاعلان التجاري .. فكلا.
بالتأكيد ولكن لم تظهر فكرة معرض الملصق في منطقة الشرق الأوسط الا لتجميع هذه الملصقات وأرشفتها والحفاظ عليها من الضياع وتوفير مادة للدارسين، وفي الوقت نفسه لتحقيق غرض مهرجاني اعلامي مؤقت.
والمؤسسة التي قامت بذلك بشكل علمي ومدقق وبشكل تنفيذي هي قسم الفنون التشكيلية في الاعلام الموحد، دون نسيان بعض المؤسسات اللبنانية في بداية السبعينات، يجانب جهود الشاعر عز الدين المناصرة الذي كان يرصد ويؤرشف خوفا من ضياع الملصقات في مجلة "فلسطين الثورة"، وكان لمجلة "فلسطين الثورة" المبادرة في تسجيل ونشر الملصق الفلسطيني وغير الفلسطيني بشكل دوري ولمدة طويلة.
زيادة عدد المتخصصين وارسال بعض الموهوبين للدراسة ليكونوا كوادر المستقبل.