الحدث-غزة-الاناضول
بحذر وترقب شديدين تجمع الفلسطينية بثينة النجار بيديها محصول "القمح" و"الشعير" من أرضها جنوبي قطاع غزة، ففي أي لحظة قد تسمع صوت طلقات النار عليها حينها أن تستجمع قواها وتهرب زحفاً أو ركضاً قبل أن تصيبها رصاصات الموت التي يطلقها جنود الجيش الإسرائيلي تجاه الأراضي القريبة من السياج الحدودي الفاصل بين غزة إسرائيل بشكل شبه يومي.
وعلى بعد نحو 500 متر تتحرك آليات عسكرية إسرائيلية، خلف السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، موجهة فوهات أسلحتها تجاه الأراضي الزراعية الفلسطينية التي يتواجد فيها عدد من المزارعين الفلسطينيين بينهم المزارعة بثينة النجار (42 عاما) التي باتت تخشى أن تكون الضحية التالية، جراء الاستهداف المتواصل من الجيش الإسرائيلي للمزارعين.
وتنظر النجار، التي ترتدي عباءة سوداء، تارة إلى محصول "القمح" الذي تعمل وسطه ويُغطيها بشكل شبه كامل، وأخرى للشريط الحدودي، وكلما وصلت دورية إسرائيلية، تزداد نبضات قلبها، لشعورها بخوف شديد، وخشيتها من إطلاق النار نحوها بشكل مباشر.
تقول "النجار" لمراسل "الأناضول": "حضرت إلى أرضي الواقعة في بلدة خزاعة شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة في وقت مبكر وبدأت عملي بسرعة فائقة رغم مشقته خشية استهدافي من الجيش الإسرائيلي".
وتضيف "لا أدري لماذا يستهدفنا الجيش الإسرائيلي بشكل متواصل فنحن مدنيون ونعمل في هذه الأرض منذ عشرات السنين ولا نشكل أي خطر عليه".
وتتابع "يفترض أن يكون موسم حصاد القمح والشعير والحبوب عرسا فلسطينيا كما جرت العادة قبل الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، فكانت العائلة تجتمع ويتشارك أفرادها في جمع حبوب القمح والشعير والذرة وغيرها ويحتفل الجميع طوال أيام موسم الحصاد بترديد الأغاني الشعبية الفلسطينية، وإقامة الولائم، ولكن الاحتلال نغص علينا هذه الأجواء، وها هو يجبرنا أن نحصد محاصيلنا وفي ذات الوقت نخشى أن يصيبنا رصاصه في أي وقت".
وعلى بعد عشرات الأمتار عن المزارعة الفلسطينية بثينة النجار، انهمك المُسن محمود قديح (70 عاما) وزوجته وشقيقته، بالعمل في حصد محصول الشعير المزروع داخل أرضهم التي تقدر مساحتها بأكثر من 15 دونما.
ومع اقتراب عقارب الساعة من الـ 9:30 صباحا، اقتربت دورية إسرائيلية من أحد الأبراج العسكرية التي تبعد عن أرض قديح مسافة لا تزيد عن 300 متر، وبدأت بإطلاق النار بشكل متقطع تجاه المزارعين الفلسطينيين لإجبارهم على ترك أراضيهم.
لم يلتفت المزارع الفلسطيني، محمود قديح، لإطلاق النار وواصل عمله في أرضه، ولكنه وسط إصرار زوجته التي كانت تخشى عليه من الإصابة بالرصاص الإسرائيلي جمع ما حصده من محصول "الشعير" ووضعه على عربته وغادر الأرض.
ويقول قديح لمراسل "الأناضول" قبل أن يغادر: "نحن نعاني منذ سنوات طويلة، فالاحتلال يأتي ويدمر منازلنا وأراضينا، فنعود ونعمرها، فيحاول منعنا من زراعة أرضنا فنفشله بإصرارنا وصمودنا. نحن لسنا إرهابيين نشكل خطرا على أحد".
ويضيف "أدرك أن العمل في أرضي القريبة من الحدود أمر خطير بسبب الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة لكني لن أقبل أن أتركها لأحقق غاية الاحتلال، وفي النهاية هي مصدر رزق لعائلتي".
وفور انتهاء المزارع قديح من جمع ما حصده من الشعير استقل دابته، وغادر أرضه مع زوجته وشقيقته ليكونوا على موعد مع "مغامرة جديدة" فيها صباح اليوم التالي.