فتحي أبو مغلي: ديون متراكمة منذ سنوات ترهق الموردين واتحاد الصناعات
مهند حبش: الدفعات المتفق عليها مع الحكومة غير قادرة على إنهاء الأزمة
يوسف التكروري: الديون تجعلنا نعمل بشكل صعب خاصة وأننا نضطر أحيانا إلى شراء أجهزة وأدوات مكلفة
خاص الحدث
نهاية فبراير 2023؛ طالب اتحاد الصناعات الدوائية واتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية في بيان مشترك لهما، الحكومة الفلسطينية ممثلة بوزارة المالية بالالتزام الفوري بما تم الاتفاق عليه وتسديد الذمم المالية المستحقة، والبالغة حتى تاريخه 750 مليون شيقل منذ ما يزيد عن 36 شهرا، لتكون لدى الشركات القدرة على الاستمرار والاستدامة وعدم انهيار القطاع الدوائي الفلسطيني. الاتحادان، قالا إن بيانهما المشترك تم إصداره بعد فشل كل المحاولات مع وزارتي المالي والصحة لإنهاء الأزمة، وبعد تنصل وزارة المالية من تنفيذ الاتفاق الموقع معهما والمتضمن تسديد وجدولة المستحقات المالية لضمان استمرارية عمل تلك الشركات.
الأزمة ما بين الحكومة والقطاع الصحي ليست حديثة وإنما متجددة أو يمكن القول إنها متراكمة، غالبا ما تتذرع الحكومة بالأزمة المالية سببا لعدم تسديد مستحقاتها، ويأتي ذلك رغم التقارير الرسمية التي تشير إلى أن صافي إيرادات الحكومة الفلسطينية في يناير 2023 كان الأعلى في صافي الإيرادات الحكومية منذ عام 2008 بواقع مليار وأكثر من 687 مليون شيقل، بالتزامن مع تصريحات الحكومة بالأزمة المالية التي تحول دون الإيفاء بالتزاماتها المالية.
الديون تشكل عبئا متراكما
د. فتحي أبو مغلي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات الدوائية، قال في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إن ديون اتحاد الموردين واتحاد الصناعات الدوائية تقدر بنحو 750 مليون شيقل، كديون متراكمة منذ سنوات، وهذه الديون ترهق الموردين واتحاد الصناعات لأنها تشكل عبئا عليهم وتحد من قدرتهم على تطوير الإنتاج في قطاعهم ودفع رواتب موظفيهم وشراء المواد الأولية وكل آليات العمل اللازمة تتعطل في حال تراكمت الديون بهذه المبالغ.
وأضاف أبو مغلي، أن "إمكاناتنا بالأساس متواضعة ومصانعنا قياسا بالمصانع في دول العالم قدرتها محدودة وأسواقنا محدودة وبالتالي وجود السيولة والدفع في وقته من قبل وزارتي المالية والصحة، ضروري جدا لاستمرار عجلة الإنتاج والسوق.
وأشار أبو مغلي، أن وزارة المالية الفلسطينية وعدت بتسهيلات في الدفع خلال الفترة المقبلة، بدفعات محدودة، ولكن هناك عطاء جديد تم طرحه وهو ما سيزيد من مديونية وزارة الصحة والتي قد تصل إلى مليار و200 مليون شيقل وهذا يشكل عبئا جديدا يضاف على اتحاد الصناعات والموردين.
الدفعات الإسعافية لا تحل المشكلة
وحتى تاريخ كتابة هذا التقرير، أكد أبو مغلي أن الأمور لا تزال تراوح مكانها باستثناء الاتفاق مع الجهات الحكومية بتسديد دفعة إسعافية قيمتها 25 مليون شاقل ووعودات بدفعة أخرى خلال الشهر الجاري. موضحا أن الدفعات الإسعافية لا تحل المشكلة، وقال: نحن نتفهم الوضع المالي للحكومة والمعيقات من قبل الاحتلال الإسرائيلي والخصم الذي يطال أموال المقاصة والمساعدات المتوقفة ونحن نعلم أن هناك مشكلات لدى الحكومة ولكن حتى تستمر عجلة الإنتاج وحتى تستمر عجلة الاقتصاد لا بد من تسديد وزارة المالية التزاماتها المالية بشكل أفضل.
ووفقا لـ عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات الدوائية؛ فإن حتى اليوم، "نحاول التحمل قدر الإمكان تفهما لظروف البلد وتفهما للهجمة التي تقودها حكومة الاحتلال الجديدة، وبالتالي نتمهل في اتخاذ أي قرارات قد تؤدي إلى زيادة الصعوبات على الحكومة وعلى الشارع الفلسطيني.
وأوضح أبو مغلي، أن الحكومة مطالبة بتسديد مبالغ أكبر من 25 مليون شيقل شهريا حتى يتمكن اتحاد الصناعات الدوائية واتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية من تجاوز الأزمة، بحيث يتم سداد المبلغ المطلوب كاملا خلال الفترة المقبلة، خاصة وأنه مع العطاء الجديد في حال تراكم المبلغ فإن أحدا لن يستطيع تحمل هذه الديون سواء من اتحاد الصناعات الدوائية أو اتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية، ومطلوب على الاقل ان تكون الدفعات أكبر وأن يتم الالتزام بها، لأنه في السابق كانت هناك دفعات إسعافية ولم تستمر رغم الوعود، وكان هناك مقترح في وقت سابق بالاتفاق مع وزارة المالية، بأن تقترض الحكومة مبلغا من المال مقابل أن يدفع اتحاد الصناعات الدوائية واتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية الفائدة على القرض ولكن تراجعت الحكومة عن هذا التوجه.
وقال أبو مغلي: الدين يتراكم عاما بعد عام وخلال الحكومات السابقة كان موجودا ولكن استمر بالتصاعد بوتيرة كبيرة بحيث أصبح الآن غير محتمل لفترة أطول، ونحن شركاء بالنهاية والحكومة تتحمل وكل قطاع قدرته على التحمل تختلف ونحن لا نريد لهذا القطاع أن ينهار.
المدير التنفيذي لاتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية مهند حبش، قال في لقاء خاص لـ "صحيفة الحدث"، إنه جرى الاتفاق مع الحكومة الفلسطينية على دفع نحو 30 مليون شيقل، مؤكدا أن هذه الدفعات غير قادرة على إنهاء الأزمة القامة، خاصة وأن المبلغ الذي تم الاتفاق مع الحكومة على سداده يشكل 4% من إجمالي الديون بالإضافة إلى 20 مليون شيقل أخرى بعدها، ولكن المشكلة الجديدة وهو ما اتفق عليه حبش وأبو مغلي، أن العطاءات المطروحة المقبلة ستكون قيمتها كبيرة.
الالتزام بالدفعات المتفق عليها سيبقي المديونية كما هي دون زيادة
وأوضح حبش، أن الاتفاق مع الحكومة يقضي بدفع دفعتين خلال شهر مارس 2023، واحدة منها بقيمة 20 مليون والثانية بقيمة 30 مليون، و30 مليون شهريا حتى شهر 12 الذي تم الاتفاق على دفع 50 مليون شيقل فيه، والالتزامات القادمة على العطاءات المستقبلية ستكون 340 مليون شيقل، بالتالي فإن الالتزام بالدفعات سيبقي المديونية كما هي وفي إطار ذات النطاق في نهاية العام.
ورغم ذلك، إلا حبش أكد أنه في حال عدم التزام الحكومة بالتزاماتها المالية فإن الشركات وصلت الحد الأقصى من الاستدانة من البنوك بالإضافة إلى عدم وجود إمكانية بالاستمرار في التوريد أو الالتزام مع الحكومة أكثر في حال استمرت المبالغ بالارتفاع، خاصة وأن الشركات استنفذت ولا إمكانية للاستمرارية المستقبلية بهذا الشكل، والتسوية التي تم الحديث عنها لمدة عام واحد بتسديد المبالغ المترتبة على العطاءات والالتزامات المستقبلية للشركات، وفي حال انفرجت الأزمة المالية للسلطة فإنه سيتم سداد هذه الديون وهذا الاتفاق الذي تم مع وزارتي الصحة والمالية.
وبحسب حبش، فإن الحكومة التزمت بالاتفاق الموقع حتى الآن والذي تم توقيعه مؤخرا، وهناك احتمال وارد لعدم التزام الحكومة بالدفعات المستحقة والمتفق عليها، مبررات الحكومة دائما أننا تحت احتلال وعدم القدرة على وضع خطة مالية في ظل المتغيرات المحيطة بالمنطقة الفلسطينية والمواد المالية للسلطة غير ثابتة ومتذبذبة وبعض المنح والمساعدات كانت السلطة موعودة فيها ومتوقعة لم يلتزم بها أصحابها.
تفاؤل حذر من التفاهمات والاتفاقات مع الحكومة
وقال: نحن نسير في الفترة الأخيرة في تفاؤل حذر من الاتفاق مع الحكومة، وهذا التفاؤل الحذر مبني على الخبرات السابقة مع الحكومة الفلسطينية والاتفاقيات التي تم توقيعها، وفي حال لم تلتزم الحكومة فإننا لن نستطيع الالتزام لأننا وصلنا الحد الأقصى من التحمل، الذي لا مجال بعده إلى التقدم.
وأوضح أنهم وضعوا الشركات الأم في صورة الأزمة المالية والديون المتراكمة على الحكومة، وتم إبلاغهم بما تم الاتفاق عليه من أجل أن تتفهم هذه الشركات في حال حدث أي عدم التزام بالسداد، وأن لا يكون هناك ضغط من الحكومة أو من الشركات العالمية على القطاع، وفي هذه الحالة نحاول موازنة الأمور والسيطرة عليها مع وزارتي الصحة والمالية اللتان بذلتا مجهودا كبيرا في هذا الاتفاق. وأضاف: التوريد سيتم بطريقة متوازنة في حال تم الدفع فإننا نستطيع شراء الأدوية وفي حال لم تدفع فلن تكون لدينا قدرة على التوريد.
وحول المبلغ الذي كانت تعتزم الحكومة اقتراضه، قال حبش: كانت هناك لجنة مشكلة من وزارتي الصحة والمالية وفيها اتحاد الصناعات الدوائية واتحاد موردي الأدوية وتم التوصل من خلالها لمذكرة تفاهم تنص على أن تأخذ الحكومة قرضا بقيمة 100 مليون دولار بالترتيب مع سلطة النقد، ولكن المذكرة لم تنفذ. موضحا أن المذكرة كانت تنص على أن يغطي اتحاد الصناعات الدوائية واتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية قيمة الفوائد على القرض، مقابل بضائع مجانية من الشركات لوزارة الصحة بقيمة الفوائد ولم تر هذه المذكرة النور حتى اليوم خاصة وأن الجهات الحكومية كانت تطالب بنسبة أعلى بكثير من فائدة القرض.
ديون الحكومة للقطاع الصحي في فلسطين لا تقتصر فقط على اتحادي الصناعات الدوائية وموردي الأدوية والتجهيزات الطبية، بل تمتد إلى المستشفيات الخاصة والأهلية بمبالغ كبيرة، وفق ما أكد رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية د. يوسف التكروري، وقال إن المديونية على الحكومة لصالح المستشفيات الخاصة والأهلية بدل شراء الخدمة تزيد عن مليار شيقل حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
وأوضح د. التكروري في لقاء خاص لـ "صحيفة الحدث"، أنه لا توجد اتفاقيات موقعة وبشكل صريح مع وزارة الصحة بخصوص تسديد المديونية، ولكن في الأشهر الأخيرة "اجتمعنا عدة مرات مع وزارتي الصحة والمالية لدراسة سبل الخروج من الأزمة لأن المستشفيات الخاصة والأهلية لديها ضغوطات بالفترة الأخيرة خاصة وأنها مستمرة في استقبال المرضى وتقديم الخدمات الطبية لمراجعي التحويلات.
وبحسب رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية، فإنه كانت هناك وعودات من الحكومة الفلسطينية بتحويل دفعات مالية بدل شراء الخدمة للمستشفيات الخاصة والأهلية بشكل منتظم، وهذه الدفعات استمرت منذ فبراير 2022 وحتى فبراير 2023 بشكل شبه منتظم، ولكنها لا تلبي الحد الأدنى من تغطية الاحتياجات وثمن الخدمة المقدمة لمراجعي التحويلات. مشيرا إلى أن قيمة الدفعات الشهرية لصالح المستشفيات الخاصة والأهلية تصل إلى نحو 4% من إجمالي المديونية.
وحول كيفية تأثير هذه المديونية على استمرارية المستشفيات الخاصة والأهلية في تقديم الخدمة، أكد د. التكروري، أن "الديون تجعلنا كمستشفيات خاصة وأهلية نعمل بشكل صعب ونحن نقدم خدمات طبية نضطر فيها في بعض الأحيان إلى شراء أجهزة وأدوات مكلفة وذات ثمن باهظ مثل بطاريات القلب، وفي الكثير من المرّات نواجه صعوبة مع الشركات في إمدادنا بالمعدات والأدوية اللازمة للاستمرار في تقديم الخدمة.
وأشار رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية إلى أن المديونية العالية على الحكومة لصالح المستشفيات الخاصة والأهلية من الممكن أن تهدد استمرارية المستشفيات في تقديم خدماتها، كونها تحد من إمكانية تغطية الاحتياجات وتغطية رواتب الموظفين، والتزامات المستشفيات ليست فقط مستلزمات وأجهزة وإنما هناك عنصر بشري.
وقال د. التكروري: إذا لم تكن هناك دفعات من قبل الحكومة فهذا بالفعل يهدد سير العمل الطبيعي في المستشفيات ومن الممكن أن تتأثر الخدمة الصحية، وبناء على ذلك نحن اجتمعنا مع وزارة الصحة بالخصوص، وكان التوجه لخيار الدفعات الشهرية المنتظمة التي نأمل أن تبقى منتظمة، وهي تلبي الحد الأدنى من حاجة المستشفيات لتستمر إلى أن تنتهي الأزمة المالية للحكومة.
وأوضح د. التكروري، أن المديونية على وزارة الصحة الفلسطينية بدل التحويلات الطبية للمرضى، وهذه التحويلات تتم إما بسبب أن هذه الخدمات التي نقدمها في المستشفيات الأهلية والخاصة غير متوفرة في المستشفيات الحكومية أو أن هذه الخدمات تكون متوفرة في المستشفيات الحكومية ولكن لا توجد أسرة شاغرة في الحكومة فيتم تحويل المرضى للعلاج في المستشفيات الخاصة والأهلية.