الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لماذا جاء الرد العسكري الإسرائيلي محدودا على قطاع غزة وجنوب لبنان؟| بقلم: راسم عبيدات

2023-04-08 11:52:13 AM
لماذا جاء الرد العسكري الإسرائيلي محدودا على قطاع غزة وجنوب لبنان؟| بقلم: راسم عبيدات
راسم عبيدات

من خلال الإستقراء والتحليل الملموس، نلمس بأن دولة الكيان، ممثلة بالمؤسستين الأمنية والعسكرية،في ردها على الأطلاق الأوسع للصواريخ من الجنوب اللبناني، منذ حرب تموز/2006 العدوانية من بلدتي القليلة وزيفين في صور وبالقرب من مخيم الرشيدية الفلسطيني، كانت تلك المؤسستين لا تريد ان توجه اصابع الإتهام الى حزب الله ،حتى لا تتدحرج الأمور الى حرب اقليمية، هي ليست جاهزة لها، لا على المستوى الداخلي، حيث حدة الصراع والإنقسام داخل دولة الكيان تزداد وتائرها، فالأزمة في دولة كيان يتعايش فيها كيانين ومجتمعين، وصراع ايديولوجي وثقافي عميق على هوية الدولة، صراع فجرته الخلافات على التعديلات التشريعات واضعاف ما يعرف بسلطة محكمة " العدل" العليا في دولة الكيان، ولكن هذا الصراع والإنقسام، والذي أكد فشل فكرة " الدمج والإندماج" في المجتمع الصهيوني،لكل المكونات والمركبات الصهيونية،وبالتالي فشل نظرية مؤسس دولة الكيان وأول رئيس وزراء لها  بن غوريون ،حول ما عرف ب"بوتقة الصهر" والتي هي واحدة من ادوات دمج وصهر المكونات والمركبات الصهيونية،أثنية وعرقية  في جيش واحد سماه جيش الشعب،ولتحقيق هذا الهدف،لم يتردد في قصف سفينة "التلينا" في 23/6/1948 ،والتي كانت تحمل السلاح  لعصابة "ايتسل" التي كان يتزعمها مناحيم بيغن، حيث قتل 16 من عناصره وثلاثة من جنود الكيان.

من الواضح بأنه منذ الإنقلاب الذي حصل في دولة الكيان منذ تشرين ثاني /1995 ،بقتل جماعة الفاشية اليهودية لرابين احد مهندسي  اتفاق كارثة اوسلو، وهي نفس الجماعة التي حملت شارون ونتنياهو الى الحكم،باتت منذ ذلك الوقت تنتقل بشكل تدريجي من أطراف المشروع الصهيوني الى قلبه،وتعمل بشكل حثيث على تغيير  هوية دولة الكيان من دولة يهودية الى دولة شريعة" هالاخاه"، هذه الجماعة من الأصولية الدينية المتزمتة، بأتت قوة يحسب لها الف حساب في المجتمع الصهيوني، بحيث اصبحت تشكل 15% من المجتمع الصهيوني، وأصبحت نافذة في المؤسستين الأمنية والعسكرية،بدلالة ان 33% من جنود دولة الكيان صوتوا لصالح الفاشي بن غفير.

إنطلقت صواريخ المقاومة من لبنان مرسلة رسائل الى دولة الكيان،لا تعبر فقط عن  المقاومة الفلسطينية، بل هي رسائل مدعومة وبضوء اخضر من حزب الله، فالصواريخ انطلقت من هناك،وكان هناك اجتماع ولقاء جمع قادة  حركتي حماس والجهاد، مع سماحة السيد حسن نصر الله، وقول حزب الله، بأن الحزب سيقف خلف ما تقرره الفصائل الفلسطينية، والكابيت المصغر لدولة الكيان عقدت سلسلة اجتماعات واتخذ قرار بالرد  المحدود، بإستهداف مناطق إطلاق الصواريخ في لبنان، وأراضي فارغة وعشرة مواقع تابعة لحركة  حماس في القطاع، يدعي الكيان انها لإنتاج الصواريخ والأسلحة ومراكز بحثية وانفاق،ردت عليها المقاومة بقصف صاروخي لمستوطنات غلاف غزة بصواريخ مدها 8 كم، على ان توسع المقاومة من دائرة المجابهة والقصف الى مدايات اوسع واشمل  اذا ما وسع الكيان من دائرة وحجم قصفه وإستهدافه لقوى المقاومة.

رسائل الصواريخ من لبنان والقطاع ،والتي دعت دولة الكيان الى فتح ملاجئيها في شمال وجنوب فلسطين، قالت بشكل واضح، بأن استمرار العبث بالمسجد الأقصى والقمع والتنكيل بحق المرابطين والمعتكفين، ومنعهم من الرباط والإعتكاف، والسعي لتقسيم المسجد الأقصى وايجاد حياة وقدسية  يهودية فيه،لن يكتب لها النجاح، ومعركة" سيف القدس آيار/2021 ، والتي تدخلت فيها المقاومة في القطاع لصالح الأٌقصى وباب العامود والشيخ جراح،ستكون حاضرة وعلى نحو اوسع وأشمل وبما يوحد كل ساحات المقاومة من لبنان والعراق واليمن ودعم سوري ايراني، وكذلك الرسائل الأخرى قالت بأنه لن يسمح للكيان بالإستفراد بالأقصى والقدس، وأنه لن ينجح في تصدير أزماته الداخلية، لشن عدوان على شعبنا ومقاومتنا الفلسطينية، وبالتالي تحقيق الإلتفاف حول حكومة الكيان، بما يوحد جبهته الداخلية والموقف الصهيوني.

دولة الكيان غارقة في أزماتها وانقساماتها، ووضعها ما قبل المظاهرات والإحتجاجات الواسعة لمدة ثلاثة عشر اسبوعاً، وبمشاركة مئات الألآف من المحتجين من مختلف القطاعات بما في ذلك ليس فقط المعارضة السياسية،بل النقابات العمالية وقطاع رجال الأعمال والمال والمصارف، وما عرف بقوى مقاومة الديكتاتورية، وكذلك دخول المؤسستين الأمنية والعسكرية على خط الأزمة،بما شمل تمرد جنود وضباط، بما  في ذلك من سلاحي الطيران والبحرية، بعدم الإلتحاق بالخدمة والتدريب، ولم يقتصر ذلك على قوات الإحتياط، بل الجيش المنظم والدائم.

وهذا يعني بأن هناك تآكل في قوة الردع لدولة الكيان، إزدادت من بعد حرب تموز /2006 على لبنان ومقاومته، ومن بعدها الحروب الخمسة على قطاع غزة ،2008  -2009 و 2012 و2014 و2021 و2022 ، حيث فشلت في تحقيق اهدافها،بتدمير بنية المقاومة العسكرية والحد من قدراتها الصاروخية، وتدمير انفاقها  الدفاعية والهجومية، بل لمسنا تطور في قدرات المقاومة من خلال استخدام وسائل الدفاع الجوي، وتطوير مدى وابعاد الصواريخ ودقتها وقوتها التفجيرية، وكذلك التطور في سلاح المسيرات وحرب السيبر.

المؤسسة العسكرية لدولة الكيان، لا تؤيد الخروج الى حرب واسعة مع اطراف حلف المقاومة، وهي تفضل العودة الى  التهدئة في القدس والأٌقصى،فهي تدرك تماماً، بأن دولة الكيان، لم تحقق نصراً في الحروب التي شنت على حزب الله والمقاومة الفلسطينية منفردة، فكيف اذا ما كان هناك وحدات ساحات وجبهات متعددة؟.

الذهاب الى حرب واسعة يتطلب موافقة الولايات المتحدة وضوء اخضر منها، وامريكا لا تريد مثل هذه الحرب، لأنه يحرف الأنظار عن حربها ضد روسيا في اوكرانيا وصراعها مع الصين، وموقفها من الملف النووي الإيراني، ولا ننسى كذلك بأن التطورات الحاصلة في العالم والإقليم والمنطقة، ليست في صالح دولة الكيان، فهناك تراجع وانكفاء في الدور الأمريكي وترسيخ لعالم قطبية متعددة، وتموضع سعودي تركي خارج الخندق والموقف الأمريكي، حيث المصالحة الإيرانية – السعودية بمشاركة صينية واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين،والإنفتاح العربي على سوريا، وخاصة من قبل الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية، والضربة التي تلقاها نتنياهو، والذي كان يأمل بأن ينجح بتصدير أزمة حكومته الداخلية، من خلال تشكيل حلف عربي مع دولة الكيان ضد ايران، وتوسيع حلف التطبيع العربي بإنضمام السعودية اليه،ولكن تحطمت آماله واحلامه من بعد المصالحة الإيرانية – السعودية، ولذلك اذا ما اندلعت مواجهة عسكرية مع دولة الكيان عنوانها القدس والأٌقصى في ظل التحولات العربية والإسلامية، فالموقف الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، سيحظى بدعم واسناد عربي واسلامي واسعين.

انطلاقاً مما تقدّم يبدو أنّ كيان الاحتلال مضطر إلى عدم التصعيد، وقصر ردّه على استهداف مناطق إطلاق الصواريخ في جنوب لبنان، وعلى اراضي زراعية وخالية في قطاع غزة،والعديد من موقع المقاومة، وبما لا ينتج عنها خسائر بشرية، تسهم في تصعيد الموقف بشكل كبير.