تدوين- سوار عبد ربه
في الوقت الذي تدور فيه سجالات ومناكفات في عالم الفن، حول مصداقية الفن الحديث القائم على التكنولوجيا، وقيمته، وما يلقاه التكنولوجيون من نقد لاذع يصل إلى حد وصفهم بالبرود والميكانيكية، ومروجي الفوضى والتلقائية، كما جاء في نتائج بحث أعده الباحث تهامي محمود بعنوان :"الثورة الرقمية وأثرها علي الصورة المرئية"، راح الفنان اللبناني راغب أبو حمدان، يبحر في عالم الفن الرقمي، متفردا فيما يقدم من لوحات إبداعية، مزج فيها تقنيات رقمية تعرف بالتايبوغرافي والكاليغرافي، بالفن التقليدي والشعر والأدب، ليبتكر عملا فنيا يحاكي سحر الشرق والخيال الفني في آن معنا، ويرسي بهذا مهنجا خاصا، محولا حروف اللغة العربية إلى لوحات تنطق بمحاسن خطوطها وارتساماتها.
وقبل الخوض في تفاصيل تجربة أبو حمدان الفنية، لا بد من الوقوف عند ثلاثة مصطلحات أساسية مرتبطة بعمله، ومسيرته، وهي: الفن الرقمي، التايبوغرافي، والكاليغرافي.
يعرف الفن الرقمي بأنه أي "ممارسة إبداعية تستخدم التكنولوجيا الرقمية كجزء أساسي من العملية الفنية، لتقديم وسائط وأساليب متعددة يمكن للفنانين استخدامها للتعبيرعن أنفسهم، بدءًا من التصوير الفوتوغرافي الرقمي ورسومات الكمبيوتر وفن البكسل إلى المزيد من الوسائط التجريبية مثل الفن المولَّد بالذكاء الاصطناعي وفن الواقع المعزز".
والتايبوغرافي، هو "فن ترتيب الحروف والنصوص العربية والأجنبية والتلاعب بها، بطريقة تجعل النسخة مقروءة وواضحة وجذابة بصريا للقارئ"، في حين أن الكاليغرافي هو نوع من أنواع الخطوط اليدوية التي استمدت مصطلحها من تركيب الكلمتين اليونانيتين "جمال" بمعنى (كالوس) والكتابة" بمعنى (غرافين).
التايبوغرافي، هو "فن ترتيب الحروف والنصوص العربية والأجنبية والتلاعب بها، بطريقة تجعل النسخة مقروءة وواضحة وجذابة بصريا للقارئ"، في حين أن الكاليغرافي هو نوع من أنواع الخطوط اليدوية التي استمدت مصطلحها من تركيب الكلمتين اليونانيتين "جمال" بمعنى (كالوس) والكتابة" بمعنى (غرافين).
وفي لقاء خاص مع تدوين قال الفنان اللبناني راغب أبو حمدان: "بدأت مسيرتي منذ صغري، إذ كنت أحول ألعابي إلى قطع فنية، عدا عن اهتمامي وحبي وعزفي للموسيقى، وفي عمر ال 14 سنة بدأت احتراف برامج التصميم والرسم الرقمي.
وأضاف: "هذا المزيج تحول لاحقا إلى لوحات وكان نتيجته هذا الفن الذي أطلقته عام 2015 وجسدت فيه اللغة العربية التي أحب، لتدخل الحضارة العربية والموسيقى في معظم لوحاتي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".
ويستوحي أبو حمدان لوحاته من سجل كبار وعملاقة العالم العربي، في أعمال ترى فيها حروف اللغة العربية تتراقص، وتتحد فيها عوالم الرسم والألوان والغرافيك.
ولاقت لوحات الفنان الرقمي استحسانا واسعا وانتشارا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي ونشرتها العديد من المواقع العالمية والعربية الفنية وغيرها، فذاع صيته في أقطار الوطن العربي وبيعت لوحاته إلى عدد من الأمراء وكبار الشخصيات منهم الأدباء والشعراء والمفكرين العرب، وفقا للفنان.
وفي سؤاله عما إذا كان ينتقي كلمات مرتبطة بالشخصيات التي يرسمها أم أنه يقوم بالرسم بحروف عشوائية، أوضح أبو حمدان أنه في بعض اللوحات نعم وخاصة في لوحات الشعراء والأدباء كجبران خليل جبران، محمود درويش، ونزار قباني، إذ رسم وجوههم بكلمات وعناوين قصائدهم، منوها إلى أنه يفضل الحروف العشوائية التي يعتمدها في معظم لوحاته.
وعمل أبو حمدان منذ العام 2015 على إنتاج لوحات تضمنت مشاهير عرب مثل، أم كلثوم، فيروز، جبران خليل جبران، محمود درويش، وغيرها، إلى جانب تصميمات صوفية، ورموز شرقية كالعود، ضمن مجموعة "شرقيات" التي جمعت بين الفن التشكيلي، والرموز الأدبية، والفنية، والروحانيات.
ويرى أبو حمدان أن الحرف العربي، فن قائم بحد ذاته وهناك العديد من الخطوط العربية التي تجسد هذا القول أما الخطوط التي يعتمدها هي الديواني، "نظرا لجمالية حروفه وانحنائاتها فهو خط طائع"، والخط الثاني هو الثلث الذي يلقب بملك الخطوط العربية.
وفي سؤاله عما إذا كان الأساس في عمله هو الخط أم الرسم أي أنه يرسم الخطوط والزوايا أولا ثم تدخل الحروف عليها، قال أبو حمدان في لقائه مع تدوين، "الأساس الاثنين معنا، فكلهيما (الخط والرسم) يكمل بعضه الآخر في لوحاتي، ولكن اللوحة ترسم أولا كتخطيط، ثم ترسم الحروف ليضاف عليها التأثيرات والألوان".
ويهدف الفنان الرقمي، من فنه إلى تسليط الضوء على جمالية الحروف العربية واللغة العربية بشكل عام والتي تُعتبر من أهم اللغات وأعرقها، وأيضا إعادتها إلى الواجهة بعد التهميش الذي أصابها ومازال يلحق بها، بأسلوب فني جديد غير تقليدي يظهر قوة وجمالية لغتنا.