الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

سلمى الجيوسي أيقونة فكرية .. نثرت الشعر والأدب ورحلت

2023-04-20 04:14:17 PM
سلمى الجيوسي أيقونة فكرية .. نثرت الشعر والأدب ورحلت
سلمى خضر الجيوسي

تدوين- شخصيات وأحداث

توفيت، اليوم الخميس 20 نيسان، في العاصمة الأردنية عمان، الأديبة والشاعرة والناقدة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي.

والجيوسي هي أديبة وشاعرة وناقدة ومترجمة أكاديمية فلسطينية، ولدت عام 1928 من أب فلسطيني وأم لبنانية في مدينة صفد الفلسطينية، وترعرعت في عكا وفي القدس، وانتقلت إلى الإقامة في الأردن بعد نكبة 1948.

درست الأدبين العربي والإنجليزي في الجامعة الأمريكية في بيروت وحصلت على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة لندن، ودرّست في جامعات الخرطوم والجزائر، ثم سافرت إلى أمريكا لتدرّس في عدد من جامعاتها إلى أن أسست عام 1980 مشروع "بروتا" لنقل الأدب والثقافة العربية إلى العالم. وقد أنتجت "بروتا" الموسوعات، وكتباً في الحضارة العربية الإسلامية، وروايات ومسرحيات وسيراً شعبية وغيرها.

وعام 1990، أطلقت مشروع "رابطة الشرق والغرب" (East- West Nexus) بهدف عرض الحضارة العربية والإسلامية قديماً وحديثا بالإنجليزية عبر مؤتمرات أكاديمية شاملة ومتخصصة، ودراسات بأقلام عربية وغربية، من أجل إزالة المفاهيم الخاطئة والآراء النمطية لثقافات العالمين العربي والإسلامي.

وكانت البداية كتابها الشامل حول الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس، الذي صدر في سنة 1992 ولاقى ترحيباً أكاديمياً كبيراً.

وعام 2009 نشرت كتابها الموسوعي "حقوق الإنسان في الفكر العربي: دراسات في النصوص"، وفيه البراهين على عمق التراث العربي الفكري في حقوق الإنسان في مراحل تسبق اهتمامات الغرب بها.

ترجمت الراحلة العديد من الكتب من الإنجليزية إلى العربية منها: الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي  للكاتب محمد عابد الجابري، الصبار لسحر خليفة، الحرب في بر مصر ليوسف القعيد، براري الحمى لإبراهيم نصر الله، بقايا صور لحنا مينا، الرهينة لزيد مطيع دماج، امرأة الفصول الخمسة لليلى الأطرش، نزيف الحجر لإبراهيم الكوني، شرفة علي الغكهاني لليانة بدر.

وفي مجال الشعر ترجمت إلى الإنكليزية عدداً من دواوين الشعر إلى كل من “أبي القاسم الشابي، فدوى طوقان، محمد الماغوط، نزار قباني، وغيرهم. كما ترجمت العديد من السير الروائية والذاتية لأعلام الأدب العربي.

خسارة أيقونة فكرية

وفي بيان لوزارة الثقافة الفلسطينية، قالت إن الثقافة الفلسطينية والعربية خسرت أكاديمية فلسطينية كرست حياتها لنشر الفكر والثقافة الفلسطينية والعربية، وخسرت قامة أدبية مهمة، وعلمًا من أعلامها ورمزًا من رموز الإبداع والعطاء، حيث كان للراحلة دور بارز ومساهمة فاعلة في إثراء المخزون الأدبي الفلسطيني والأردني والعربي.

كما أن الوسط الثقافي الفلسطيني خسر  أيقونة فكرية، نثرت الشعر والأدب، بل خسارة للمكتبة العربية التي أغنتها بمؤلفاتها وعلمها، وضلت سفيرة للثقافة الفلسطينية إلى العالم حتى رحيلها.

وكان لسلمى خضراء الجيوسي أدوار وطنية وثقافية متعددة ساهمت في رفعة شعبنا وإعلاء ثقافته وتعميمها على العالم وتقديم أدبه إلى قراء الإنجليزية خاصة وكانت طوال عمرها مدافعة عن قضية شعبها وعن حضارته ومنجزاته المعرفية والفكرية وإبداعاته الفنية والأدبية لإيمانها بأن شعبها الذي أخرج عنوة من بلاده بعد أن كان يعيش فيها منذ فجر التاريخ سيظل صاحب الحق. لقد آمنت سلمى بقوة الثقافة في التعبير عن الهوية الوطنية وعن الحق التاريخي وفي الكفاح من أجل استعادة البلاد وكانت بقوة الكلمة تعبر عن رواية شعبها صاحب الحق وصاحب البلاد، وفقا لوزارة الثقافة.

شخصية العام الثقافية 2020

وعام 2020، فازت الجيوسي بلقب شخصية العام الثقافية للدورة الـ14 من جائزة الشيخ زايد للكتاب.

وفي حينها، قال الأمين العام للجائزة، علي بن تميم إن الجيوسي "مثال نادر في الثقافة العربية الحديثة، وهي ترفع اسم المرأة العربية إلى الأعالي، وتؤكد رسوخها في المعرفة والإبداع مثلما تبرز كفاءتها العلمية والتزامها الأخلاقي".

شعر الجيوسي

 نشرت سلمى الجيوسي شعرها في العديد من المجلات العربية، وأهم دواوينها الشعرية: العودة من النبع الحالم 1960.

وعام 2021، صدر عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع ديوان شعر بعنوان :"صفونا مع الدهر"، قدمت فيه حصاد بيدرها الشعري، الذي حفظته نقياً باهياً في خابية القلب، لتطلقه في زمن الرمل واليباب والمحل، قصائد عشق وفرح وأمل، وينابيع صفاء وبهاء وضوء، مؤسسة لحداثة تخصها، وضعت أسسها الشعرية العام 1960 في ديوانها: "العودة من النبع الحالم". إذ قدمت فيه تجريباً يخصها مازجة بين الفصحى والدارجة الفلسطينية موظفة التراث بجرأة لافتة: "صفد يا عالية وبراس تلة".
وظلت فلسطين الفكرة والذاكرة والهوية حاضرة في كل تطوافها. فلسطين الجمال والخير والعناد المقدس، وظل خيط ذهب الحنين مشدوداً كقوس النار في الروح، مستدعية قرطبة الدالة على بلادنا التي تعانق سماؤها التي يزرب دم نخيلها وزيتونها المضيء في قيامة الفعل الفلسطيني.

وفي يلي قصيدة بعنوان: "ما وراء الحدود" للجيوسي

أعبرنا الحدود؟

قد عبرنا. أيعلم عشاقنا

كم صلاة تلونا ?, وكيف استطالت إلى الضوء أشواقُنا؟

كم هدمنا على دربنا من سدود؟

نحن جُزنا الحدود إلى عالم

لا ينام به العاشقون

وعبرنا السياجات من نبعنا الحالم

حيث كان هوانا الرضا والسكون

ودخلنا إلى منبع النار,

ماتت براءة أحلامنا ,

واستبدَّ بنا الساهرون .

يا اتقاد الهجير

نحن في رحلة الشوق جُزنا إليك المحال

عابرين على عالم غسقيٍّ غريرْ

فيه حتى الطحالب ترمي الظلال الطوالْ

آه ماذا وجدنا وراء الحدودْ؟

أرهقتنا الأصابع

عرّى شجانا اللهيبْ

واستبد بأسرارنا

هاتكا سترنا ,

جاريا للرياح بأخبارنا

( يا عبودية الضوء , لن أتعرى

أحب الـظلام الكئيب ْ

وأحب الزوايا القريرات ,

أوثر أمسية معْ حبيبْ

وأحب التغرُّب بين الجموع ,

بقلب العباب الرحيب )

آه لا رجعة , أنتِ ملك الهجير

هوة حيث كنت , وتمثال ملح , وصلب ,

والتعري شجاعة قلب يحب

آه سيري , طريق الوديعين صعب ,

اصعدي درجات السعير

إن وصلت

سينبُع عند خطاك الغدير .