حدث الساعة
تعتزم حكومة الاحتلال الإسرائيلي التوجه للمحكمة العليا الاسرائيلية، اليوم الأحد، بطلب لرد الالتماس الذي يطالب بتنفيذ أمر قضائي سابق أصدرته، ويقضي بهدم وإخلاء قرية الخان الأحمر، التي يسكنها زهاء 200 فلسطيني، أكثر من نصفهم من الأطفال، على بعد 15 كم شرق مدينة القدس المحتلة.
وذكرت تقارير "إسرائيلية"، أن الحكومة تسعى لتبرير موقفها عبر الادعاء بأنها تعمل على التفاوض مع أهالي الخان الأحمر لإخلاء القرية الفلسطينية بـ"التراضي".
وتزعم حكومة الاحتلال أنها تجري محادثات مع الأهالي في الخان الأحمر في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الإخلاء والترحيل، ومن المتوقع كذلك أن تكرر تبريرها السابق بأن تنفيذ عملية الهدم والإخلاء القسري للقرية الفلسطينية في هذا الوقت "سيؤدي لعواقب سياسية وأمنية".
وكانت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11") قد أشارت إلى أن بنيامين نتنياهو قرر إرجاء ترحيل وهدم "الخان الأحمر"، إلى ما بعد شهر رمضان، وذلك تحسبًا من رد الفعل الفلسطيني والدولي.
المضايقات بحق أهالي قرية الخان الأحمر تضاعفت عام 2000 بتقييد حركة عرب الجهالين، وعدم السماح لمن لا يسكن في منطقة الخان الأحمر بدخولها وإن كان من العشيرة ذاتها بعد رسم خرائط وتحديد مساحات ضيقة للسكان للتحرك فيها وبما لا يتناسب مع حياة البداوة.
فقد احتُلّت القرية عام 1967، وكانت واحدة من 46 تجمعًا بدويًا فلسطينيًا في الضفة الغربية المحتلة، وأقيمت على أراضيها عام 1977 مستوطنة "معاليه أدوميم"، وهي ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية، والتي شكلت أول محطة في التضييق على بدو القدس.
وفي مارس/ آذار 2010، صدر أول قرار من سلطات الاحتلال بهدم كافة المنشآت في الخان الأحمر، ولجأ الاهالي إلى محاكم الاحتلال للالتماس ضد القرار على مدار سنوات، وكان يتم خلالها الحصول على قرارات تأجيل للهدم.
وفي أيار/ مايو 2018، قررت سلطات الاحتلال هدم القرية وتهجير سكانها، ولكنها فشلت بسبب الصمود الأسطوري لهم، وأيضا بسبب صدور قرار من الجنائية الدولية، حذر الحكومة الإسرائيلية من القيام بتهجير أو هدم القرية، والتجمعات المحيطة بها في المنطقة التي تسمى (E1)، واعتبرت ذلك بمثابة "جريمة حرب"، إضافة إلى الجهد الدبلوماسي والموقف الدولي الكبير الداعم لبقاء الفلسطينيين في أراضيهم، وأيضا الموقف الحاسم من الأهالي أنفسهم الرافض للتعاطي مع أية حلول، دون البقاء، والاعتراف بالقرية.
المحكمة المذكورة، قررت بتاريخ 5 أيلول/ سبتمبر 2018، إخلاء القرية، وأمهلت الأهالي أسبوعًا واحدًا لإخلائها، بعد رفضها التماسات قُدّمت منهم ضدّ القرار.
وبتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر، سلّمت سلطات الاحتلال، الأهالي أوامر هدم ذاتي، أمهلتهم حتى مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2018 لتنفيذها، قبل أن تقوم بذلك جرافات الاحتلال وآلياته.
ورفض سكان التجمع أكثر من مرة المقترحات التي قدمتها سلطات الاحتلال، والرامية لنقل مواطني "الخان الأحمر" طوعا إلى مواقع، أحدها لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن الموقع الحالي.
ونظرت محاكم الاحتلال خلال تسع سنوات في العشرات من الدعاوى والالتماسات التي قدمها أهالي القرية رفضا لإخلائهم وتهجيرهم.
وطيلة أربعة أشهر، شكلت خيمة التضامن في الخان الأحمر مقرا لمئات الناشطين الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب، الذين تصدوا أكثر من مرة لمحاولات إخلاء القرية وهدمها.
وأحبط التواجد الدائم في الخيمة، التي أقامتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عدة محاولات أقدم عليها جيش الاحتلال لاقتحام القرية، ما أدى إلى وقوع مواجهات وتصادمات واعتقالات.
وصدر عن المحكمة العليا الإسرائيلية قراران بهدم مساكن التجمع ومنشآته، في نيسان/ أبريل، وأيلول/ سبتمبر 2018.
ويقع الخان الأحمر ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال لتنفيذ مشروع "E1" الاستيطاني، الهادف للسيطرة على 12 ألف دونم ممتدة من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، وتفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع فصل جنوب الضفة عن وسطها.
وتمثل قرية الخان الأحمر البوابة الشرقية للقدس المحتلة، وإفشال المخطط الاستيطاني يعني إفشال تقسيم الضفة الغربية لكانتونات، كما تفيد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وفي تموز/ يوليو 2018، قرر مجلس الوزراء الفلسطيني المصادقة على توصية وزير الحكم المحلي بإحداث هيئة محلية باسم "قرية الخان الأحمر" تتبع محافظة القدس، وتكليف الوزير بتعيين لجنة لإدارة المجلس القروي، وتحديد حدود الهيئة المحلية.
وجاء هذا القرار في إطار دعم أهالي الخان الأحمر، وتوفير كل ما يلزم لتعزيز صمودهم وثباتهم على أرض وطنهم، ورفض جريمة التطهير العرقي العنصرية التي تقودها حكومة الاحتلال في محاولة تهجير أهالي قرية الخان الأحمر، بهدف تنفيذ المخطط الاستيطاني الكبير والمعروف بـ"E1".
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تموز/ يوليو 2018، عن القلق البالغ بشأن توجه إسرائيل لهدم الخان الأحمر.
وطالب السلطات الإسرائيلية بعدم المضي قدما في خطط تدمير الخان الأحمر، واحترام حقوق سكانه في البقاء في أرضهم، والعمل لأن يكون وضعهم نظاميا.
كما دعا الاتحاد الأوروبي في أيلول/ سبتمبر، سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى إعادة النظر في قرار هدم قرية الخان الأحمر، شرق مدينة القدس المحتلة.
مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وصفت منظمة العفو الدولية "أمنستي" تهجير أهالي الخان الأحمر بأنها جريمة حرب، وطالبت منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بعدم إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب جرائم، لأن العالم يشاهد، حسب تعبيرها.
وفي الشهر ذاته، اعتبرت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، إن عمليات إخلاء أهالي الخان الأحمر، وتدمير الممتلكات وإلحاق الضرر بها "دون ضرورة عسكرية"، تمثل جرائم حرب وفقا لنظام روما الأساسي "المعاهدة المؤسـسة للمحكمة الجنائية الدولية".
وأكدت أنها لن تتردد في اتخاذ أي إجراء مناسب، في حدود ممارستها لولايتها، بموجب النظام وباستقلالية وتجرد.
وأمام صلابة موقف الدفاع عن الأرض الذي جسدته المقاومة الشعبية، وتحت وطأة التهديدات القانونية والمواقف الدبلوماسية العربية والدولية، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إرجاء إخلاء وهدم قرية الخان الأحمر.
وصوت المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينيت"، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، على مقترح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تأجيل هدم الخان الأحمر، بداعي إعطاء الفرصة لـ"مفاوضات تهدف إلى تنظيم قضية إخلاء التجمع السكني بالتوافق".
كما أعلن وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، أنه سيطلب إخلاء قرية الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، بشكل فوري خلال جلسة الحكومة التي ستعقد أواخر شهر كانون الثاني الماضي.
ويتوعد بن غفير بإخلاء الخان الأحمر عقب إخلاء بؤرة استيطانية أقامها مستوطنون بينهم حفيد الحاخام دروكمان على أراضي قرية "جوريش" جنوب شرق نابلس.
ويقع الخان الأحمر ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال، لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى"E1"، عبر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الممتدة من شرقي القدس وحتى البحر الميت، والهادف إلى تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها، وعزل مدينة القدس المحتلة عن باقي الضفة.
وقد كان الخان الأحمر عبارة عن بناء عثماني من القرن الـ16، وكان مزارا للتجار على هذا الطريق القديم الذي يربط ضفتي نهر الأردن حيث كانوا يتوقفون للاستراحة وإطعام الخيول.
وتضمّ قرية الخان الأحمر حاليا مدرسة وحيدة، أقيمت عام 2009، بالتعاون مع منظمة مساعدات إيطالية"Vento Di Terra" من مواد الطين والإطارات؛ بسبب قيود الاحتلال على البناء الإسمنتي أو الكرفانات في المنطقة. وأصدر الاحتلال عدّة قرارات بهدمها، رغم أنّها تخدم 5 تجمّعات سكنية مجاورة.
وتحيط بالخان الأحمر مستوطنتا "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم"، وتسعى إسرائيل لتوسيعهما وتنفيذ المشروع الاستيطاني E1، الذي يقضي على خيار قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، كما سيبتلع أجزاء واسعة من مناطق "ج" الممتدة على أكثر من 60% من مساحة الضفة.
ووفقا لبيانات أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) عام 2017، فإن 46 تجمعا بدويا ستكون معرّضة لخطر الترحيل القسري وسط الضفة الغربية.
ويقع 26 تجمعا منها في محافظة القدس، ويسكنها وفقا لمكتب الأمم المتحدة 4856 بدويا يواجهون ظروفا معيشية قاسية على صعيد الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء، إضافة إلى صعوبة الوصول للمراكز التعليمية والصحية.
وستكون تجمعات القدس البدوية التي تقع داخل نطاق ما يسمى مشروع "إي 1" الاستيطاني وعددها 13 تجمعا، على جدول الإخلاء بالإضافة إلى 12 تجمعا تقع بمحاذاة هذا المشروع الضخم الذي يعد جزءا من مخطط إسرائيل المعروف بـ"القدس الكبرى".