تدوين- إصدارات
صدر حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية في 354 صفحة كتاب "زمن القص.. شعر الدنيا الحديثة"، للناقد المصري جابر عصفور.
يشير الأديب الراحل جابر عصفور في مستهل كتابه «زمن القص» إلى أنه نشر كتابه «زمن الرواية» في عام 1999. وقد أحدث الكتاب فور صدوره آثاراً إيجابية، وحقق ذيوعاً طيباً بين أوساط المثقفين والمبدعين، موضحاً أنه أثار موجات من الاتفاق والاختلاف. ويقول إن الذين تحمّسوا له رأوا في فن القص بوجه عام طريقاً واعداً إلى المستقبل الذي اقترن بصعود التكنولوجيا المعاصرة والدخول إلى عصر المعلومات والاتصالات.
وتأتى هذه الطبعة الجديدة بزياداتها وإعادة ترتيب فصولها وتنقيحها، وكأننا إزاء كتاب آخر جديد، يقول المؤلف «سوف يلحظ قارئ هذه الطبعة الجديدة اختلافها الجذرى عن الطبعة القديمة؛ سواء فى ترتيب الفصول، أو فى التوسع فى معنى «زمن الرواية» بما يرده إلى زمنه الأوسع، وهو زمن القصّ أو السرد».
ويتضمن الكتاب معلومات مهمة عن تطور السرد الفني خلال القرنين الماضيين من عمر الرواية، مشيراً إلى أن محمد حسين هيكل كتب روايته الرائدة «زينب» متأثراً بالرواية الفرنسية، كما يبين الفارق الكبير بين القص الفني وأشكال السرد الأخرى الخاصة بالتسلية والترفيه. ويشير إلى أهمية «ألف ليلة وليلة» وشغف الغرب بالليالي العربية بعد ترجمتها، ويقتبس تصريح فولتير بأنه لم يصبح قاصاً إلا بعد أن قرأ «ألف ليلة وليلة» 14 مرة.
كما يذكر عدداً من الكتاب الذين أشادوا بأهمية تلك الحكايات، ومنهم ماركيز وبورخيس ويقول إمبرتو إيكو: «إن الروايات الكبرى في الثقافة الغربية، من دون كيشوت إلى الحرب والسلام، ومن موبي ديك إلى الدكتور فاوست، قد كتبت بتأثير من ألف ليلة وليلة».
ويوضح عصفور أن الشعر ساد في زمن الفطرة والأساطير، أما هذا العصر، عصر العلم والصناعة والحقائق، فيحتاج حتماً إلى فن جديد. ويشير إلى أن أحد النقاد الكبار وصف الرواية الأوروبية بأنها ملحمة الطبقة الوسطى (البرجوازية) التي تكشف عن ضياع الإنسان وغربته في المجتمع الحديث، لافتاً إلى أن الرواية الأوروبية نشأت عندما تحطم التكامل بين الإنسان وعالمه، وظهرت الحاجة إلى قصة يبحث بطلها المغترب عن عالم أكثر تكاملاً تتحقق فيه رغباته.
ويعد «زمن القص» كتاباً موسوعياً غزير المعلومات غني الفائدة، يحيط بعالم الرواية العربية من بداياتها ويتابع تطورها، ويجعل محب الرواية يعيد قراءته مرات عدة.