تدوين- نصوص
يوافق اليوم ذكرى وفاة الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان (1905- 1941)، وهو الأخ الشقيق للشاعرة فدوى طوقان ورئيس الوزراء الأردني أحمد طوقان، ويعتبر أحد الشعراء المنادين بالقومية العربية والمقاومة ضد الاستعمار الأجنبي للأرض العربية وخاصة الإنجليزي في القرن العشرين، وصاحب القصيدة الشهيرة "موطني"، ومن أوائل شعراء فلسطين في القرن الماضي.
وفي يلي ننشر قصيدتين لإبراهيم طوقان:
اشتروا الأرض تشتريكم من الضيم| كُتبت بتاريخ 14 أيلول 1932
حبّذا لو يصومُ منا زعيمٌ
مثلُ (غَنْدي) عسى يُفيدُ صيامُهْ
لا يَصُمْ عن طعامِه … في فِلَسْطين
يموت الزعيمُ لولا طعامُهْ …
لِيَصُمْ عن مبيعِه الأرضَ يحفظْ
بقعةً تستريحُ فيها عظامُه
باركَ اللهُ في حريصٍ على الأرْض
غيورٍ يُنهَى إليها اهتمامُه
هم حماةُ البلادِ من كلِّ سوءٍ
وهُمُ معقلُ الحمى ودِعامُه
نهجوا منهجَ القويِّ وصَفُّوا
لجهادٍ منصورةٌ أعلامُه
•••
إنما عدَّةُ الضعيفِ (احتجاجٌ)
لم يجاوز حدَّ السطورِ احتدامُه
كلَّ يومٍ حزبٌ وحُلْمٌ فحدِّثْ
عن ضعيفٍ سلاحُهُ أحلامُه
مُغرَمٌ بالبلاد صَبٌّ ولكنْ
بسوى القولِ لا يفيضُ غرامه
بطلٌ إنْ علا المنابرَ، كَرّار
سريعٌ عند الفَعالِ انهزامُه!
آزِروا القائمين بالعمل الصّا
لحِ، إن الأبيَّ هذا مَقامُه
آزروهم بالمال فالأرضُ (صُنْدوق)
لمالِكم، بل قِوامُه
اشتروا الأرضَ تَشْتريكم من الضَّيْـم
وآتٍ مُسْوَدَّةٌ أيّامه
_____________________________________________________
يا موطني| كُتبت 16 تموز 1925
خطر المَسَا بوشاحه المتلوّنِ
بين الرُّبى يَهَب الكرى للأَعْيُنِ
وتَلمّسَ الزهرَ الحَيِيَّ فأطرقتْ
أجفانُه شأنَ المُحبِّ المذعن
ودعا الطيورَ إلى المبيت فرفرفتْ
فوق الوكونِ لها لُحونُ «الأُرْغُن»
وتَسلَّلَتْ نسماتُه في إثْرهِ
فإذا الغصونُ بها تَرنُّحُ مُدْمِن
آمالُ أيامِ الربيعِ جميعُها
حَسَنٌ (وعِيبالُ) اكتسى بالأَحْسن
جبلٌ له بين الضلوعِ صَبابةٌ
كادت تحول إلى سَقام مُزْمِن
وتفجّرتْ شِعرًا بقلبي دافقًا
فسكبتُ صافيه ليشربَ موطني
•••
يا موطنًا قرع العداةُ صفاتهُ
أشجيتَني ومن الرقاد منعتني
يا موطنًا طعن العداةُ فؤادَهُ
قد كنتَ من سِكّينهم في مأمن
لَهْفي عليكَ وما التهافي بعدما
نزلوا حِماكَ على سبيلٍ هَيّن
وأتَوْكَ يُبدون الودادَ وكلُّهم
يزهو بثوبٍ بالخداع مُبطَّن
قد كنتُ أحسب في التمدّن نعمةً
حتى رأيتُ شراسةَ المتمدّن
فإذا بجانب رِفْقه أكرُ الوغى
وإذا الحديدُ مع الكلامِ الليّن
الذنبُ ذنبي يومَ هِمتُ بحبّهم
يا موطني هذا فؤادي فاطْعن
واغمرْ جراحَكَ في دمي فلعلّهُ
يُجدي فتبرأَ بعده يا موطني
•••
عجبًا لقومي مُقْعَدين ونُوَّمًا
وعَدوُّهم عن سحقهم لا ينثني
عجبًا لقومي كلُّهم بُكْمٌ ومَنْ
ينطقْ يَقلْ يا ليتني ولعلّني
لِمَ يُوجسون من الحقيقة خِيفةً؟
لِمَ يصدفون عن الطريق البيِّن؟
إن البلادَ كريمةٌ يا ليتها
ضنّتْ على من عقَّها بالمدفن
•••
قالوا: الشبابُ … فقلتُ: سيف باترٌ
وإذا تَثقّفَ كان صافي المعدن
مرحى لشبّان البلادِ إذا غدا
كلٌّ بغير بلاده لم يُفْتَن
مرحى لشبّان البلادِ فما لهم
إلَّا السموُّ إلى العُلا من دَيْدَن
نهض الشبابُ يطالبون بمجدهم
يا أيها الوطنُ المجيد تَيمَّن